الصمت ليس حلاً للحد من ظاهرة التحرش ولردع المتحرشين

تقول مهوش خاني، مستشارة وناشطة اجتماعية في مجال حقوق المرأة إن "المرأة تلتزم الصمت في مواجهة التحرش الذي يمارس ضدها في الشارع، لكن هذا ليس الحل، لأن الصمت يفاقم الظاهرة".

جينو درخشان

سنه ـ التحرش في الشوارع هو أحد أشكال العنف ضد المرأة والذي يهدد جميع النساء من مختلف الأعمار وفي مختلف المواقف.

التحرش في الأماكن العامة يشمل العديد من السلوكيات مثل "نظرات المضايقة والتحرش اللفظي على الطرق العامة، ولمس الجسد في الشارع أو في مركبة عامة، حتى أن النساء تتعرضن للتحرش أثناء قيادتهن للسيارة".

إن إغاظة المرأة والتحرش بها في الشوارع جزء من عملية السلطة الأبوية وأحد مظاهرها في المجتمع، والعنف طفل المجتمع المريض الذي ينمو مع صمت ضحاياه.

وعلى الرغم من أن الفئات الاجتماعية التي تتعرض للتحرش في الشوارع لا تقتصر على النساء فقط، إلا أنهن عادة أكثر من تستهدفهن المتحرشون في الشوارع، وغالباً ما تختلف ردود أفعال النساء تجاه هذه المضايقات وفقاً لأعمارهن حيث يظل عدد كبير من الفتيات صامتات في مواجهة هذه الانتهاكات لأنه من وجهة نظر مجتمعهن، تتعرضن للمضايقة بسبب نوع ملابسهن ومكياجهن، وتعتبرن مذنبات.

 

"العنف الهيكلي أضفى طابعاً مؤسسياً على الخوف وانعدام الأمن"

ويعد العنف في الشوارع أحد أشكال انتهاك حقوق المرأة الواضحة، ومن خلال فرض القيود عليها، فإنه يجعل الساحات العامة غير آمنة لتواجدها، وله عواقب نفسية وعاطفية عليها، وحول ذلك قالت المستشارة والناشطة الاجتماعية في مجال حقوق المرأة مهوش خاني إن "العنف الهيكلي في المجتمع يرسخ الخوف وانعدام الأمان لدى المرأة ويتحدى وجودها ومشاركتها في الحياة العامة، لذلك فإن العنف في الشوارع أكثر من أي شيء آخر أداة للقمع الاجتماعي للمرأة، المجتمع لا يعلم المرأة كيفية مواجهة الأزمات، لكنه يعلمها الذعر! النظرة الأبوية لا ترى أخطاء الرجال، ولكن يكفي أن تخطئ المرأة لتدمر نسبها، ويجب أن ندخل في إصلاح النظام التعليمي لإزالة جذور العنف".

وأضافت "بالنسبة لي كامرأة حدث مرات عديدة أنني رأيت سلوكاً أو سمعت كلاماً في الشارع بسبب كوني امرأة وشعرت بالضيق، لذاك نخاف من سوء التقدير والتسميات السيئة! وكنا نخشى أن نرفع صوتنا لأنه لطالما ظننا أننا لا نحظى بأي دعم، بعض الأشخاص المزعجين يتذمرون في الشارع ويصبون غضبهم على النساء لذلك تتم مهاجمتهن أو عرقلة مرورهن ومطاردتهن، أو باستخدام التزاحم والمزاحمة، والتجمهر في الحافلات أو الأماكن العامة، فيمارسون الاعتداء الجسدي، أو يحرمونهن من حريتهن بالنظرات الفاحشة والمزعجة المستمرة وغيرها، وكلها أمثلة على التحرش في الشوارع، وفي بعض الأحيان تتم هذه الانتهاكات باستخدام العنف والتهديد والأسلحة الباردة".

 

"الصمت في مواجهة التحرش في الشارع يفاقم الظاهرة"

وأكدت مهوش خاني أن "المرأة تصمت في وجه التحرش في الشارع، لكن هذا ليس الحل لأن الصمت يفاقم الظاهرة وتعتبر المادة 619 من قانون العقوبات في إيران أن التحرش جريمة أخلاقية ونصت على أنه إذا تم الاعتداء على النساء أو أزعجوهن في الشوارع والأماكن العامة، أو أهانتهن بالإيماءات والألفاظ التي تتنافى مع القيم والكرامة يكونوا قد ارتكبوا جريمة وقد جعل المشرع عقوبة بحقها ولكن الأمر صعب للغاية لإثبات هذه الجريمة لأن التحرش الجنسي أو الاغتصاب لا يعرف كجريمة منفصلة في القانون الجنائي".

وفيما يتعلق بالتحرش في الشوارع ترى أن "التحرش في الشوارع هو أيضاً شكل من أشكال التحرش الجنسي الذي يحدث للنساء بسبب جنسهن ويحدث ذلك باستخدام الكلمات الجنسية والشتائم والإذلال الجنسي، وأحياناً على شكل اعتداءات جنسية، وأحياناً يحدث عن طريق اللمس المتعمد، وللأسف، في المجتمعات الأبوية دون ضمان الإنفاذ القانوني، تعاني معظم النساء من أحد أشكال هذا العنف".

 

"مهما ارتديت، المتحرشون في الشوارع لا يتوقفون"

تقول سحر. م عن تجربتها مع التحرش، فهي سكرتيرة في مكتب رسمي "يضايقني عدد من الناس على الرصيف والشارع كل يوم، على الأقل أثناء تنقلاتي، وحقاً لا أفهم سلوك بعض الناس. الآن يبدو الأمر كما لو أن ما ترتديه ونوع الملابس لا يهم على الإطلاق، وبغض النظر عما أرتديه، فإن المتحرشين في الشوارع لا يتوقفون عن الشتائم والألفاظ البذيئة".

وتتعجب من التعرض للتحرش حتى مع ارتدائها ملابس لا تظهر أي شيء من جسدها "ترى مظهري! لا أحد يرتدي ملابس أبسط من هذه، لكن في دهشتي، أزعجوني مرة أخرى بهذا الغطاء البسيط وبدون مساحيق تجميل على الوجه، إن ما أسمعه يجعلني لا أشعر بالأمان. تظهر نتائج فحوصات الدماغ أن سماع الكلمات المسيئة يشبه الصفعة على الدماغ، وربما يكون سماع كلمات وأوصاف الاعتداء الجنسي بمثابة ضربة أقوى لدماغ الإنسان ولذلك، حتى لو تركنا الجوانب الاجتماعية والثقافية جانباً، فإن الألم والمضايقات الناجمة عن التحرش في الشوارع لن تصبح طبيعية أبداً".

ولفتت إلى أن "المضايقات وإيقاف السيارات وأبواق السيارات هي أكثر الأشياء المزعجة التي أواجهها في الشارع، لكني أفضل الصمت والتجاهل لأن رد الفعل هذا عادة ما يجعل الشخص المزعج يشعر بالإحباط ويستسلم عاجلاً".

وبالعودة إلى المستشارة والناشطة الاجتماعية في مجال حقوق المرأة مهوش خاني فقد أكدت أن "سبب آخر للمضايقات في الشارع هو عدم التفات الناس لما يحدث في الشارع وعدم تقديم المساعدة والدعم للواتي تركن دون نصير ووحيدات".

وترى أنه "نتيجة لذلك، سيتحلى المتحرشون بالمزيد من الشجاعة لإيذاء المرأة بالإضافة إلى ذلك، فإن لامبالاة الأشخاص الموجودين في المكان تؤدي إلى تطبيع التحرش في الشوارع ضد المرأة مما يؤدي في النهاية إلى زيادته في المجتمع. قصة التحرش الجنسي في الشارع ليست قصة جديدة، ولكنها أصبحت مقبولة في المجتمعات التقليدية، وفي نظر مجموعة ليست صغيرة فهي ليست سيئة ولكن على الرغم من هذه الحالات وكل التحديات المقبلة، لا ينبغي للمرأة أن تبقى صامتة، بل يجب أن تواجه هذا العنف من خلال كسر الصور النمطية والخوف من المجتمع الأبوي".