النساء في قرية عين الجاموس فاعلات في العمل الريفي ومنظمات سياسياً

جسدوا في قريتهم الحياة التشاركية ما بين الجنسين ليرتقوا بواقع مجتمعهم نحو الأفضل لذا من البديهي أن ترى امرأة تقود جراراً لتحرث أرضها

سيلفا الإبراهيم

منبج - جسدوا في قريتهم الحياة التشاركية ما بين الجنسين ليرتقوا بواقع مجتمعهم نحو الأفضل لذا من البديهي أن ترى امرأة تقود جراراً لتحرث أرضها أو تشاهد شابة تركب دراجة نارية لتقل شقيقاتها إلى المدرسة المجاورة لقريتهم هذه المشاهد ستراها في قرية عين الجاموس، بريف مدينة منبج بشمال وشرق سوريا.

قرية عين الجاموس تقع شمال شرق مدينة منبج بـ 40 كم على صفاف نهر الفرات، يعمل الجميع فيها بالزراعة ورعي الأغنام، وسميت القرية بعين الجاموس لأن جد القرية فاز بمنافسة ما بين الجواميس مع إحدى القرى المجاورة.

تقود فريدة الناصر (55) عاماً الجرار منذ عشرين عاماً وتقول أن نساء القرية يعتمدن على أنفسهن وتقمن بكافة الأعمال سواء قيادة الجرارات أو زراعة الأراضي، "نعتمد في حياتنا على الزراعة لذلك لا يمكننا التوقف عن حرث الأرض إذا لم يكن هناك رجل في المنزل"، مضيفةً "ما دفعني لتعلم قيادة الجرارات هو سوء الحال الصحي لزوجي".

وأضافت "على مدى عشرون عاماً كنت أقود الجرار، فعملنا حتى كبر أبنائنا، وباتوا يحملون مسؤولية العمل، ولم أعد أعمل كالسابق ومنحني ذلك قسطاً من الراحة بعد سنوات التعب والشقاء، وعلمت بناتي أيضاً قيادة الجرار، ليواجهن صعوبات الحياة".

تقول عن طبيعة قرية عين الجاموس "الجميع في عين الجاموس يعتمدون على الحياة التشاركية بين الرجل والمرأة فبعض الرجال يعملون خارج البلاد، فيما النساء تعملن داخل القرية وتتولين جميع المسؤوليات، وليس فقط على صعيد قيادة الجرارات، بل إن النساء تقدن جميع الآليات المتواجدة في القرية والتي نحتاجها في حياتنا الريفية".

وعن نظرة مجتمعهم للمرأة التي تقود الجرارات والدراجات النارية بينت أن هذا الأمر ليس معيباً في القرية "يفتخر أهالي القرية باستلام النساء لجميع الأعمال فالمرأة الريفية تتمتع بشخصية قوية وتشارك الرجل في جميع نواحي الحياة والعمل".

كذلك تعلمت فايضة محمد شيخ (55) عاماً قيادة الجرارات عندما كان زوجها مريضاً "تعلمت قيادة الجرار قبل عامين عندما كان زوجي بحالة صحية غير مستقرة، ومنذ وفاته وحتى هذه اللحظة أقود الجرار، وأعتمد على نفسي في الزراعة وجميع الأعمال من ري وحرث، وحتى رعي الأغنام"، مبينةً "رغم كبر سني أقود الجرار لأن ابني لا يزل صغيراً وبناتي يقصدن المدرسة، وبعد عودتهن من المدرسة تساعدنني في الزراعة وقيادة الأليات الزراعية".

وأشارت إلى أنه "قبل وفاة زوجي كنا نتشارك في جميع الأعمال، وبيتي الذي أسكن فيه بنيته كله بيدي. دائماً تكون جهود المرأة أكبر في الريف، وعلى وجه الخصوص النساء في القرى الواقعة على ضفاف نهر الفرات".

في معظم القرى تفضل العائلات إنجاب الذكور لكن فايضة محمد شيخ تؤكد أن العوائل في قريتهم لا تهتم بذلك "نعيش حياة تشاركية بين الجنسين ولا نرى أن هناك مشكلة أن يكون المولود الأول فتاة على عكس بعض المجتمعات لأن قدرات المرأة كقدرة الرجل في إدارة المنزل والعمل والزراعة رغم أن فتيات قريتنا متعلمات إلا أنهن يعرفن كل أعمال الزراعة فاليد التي تحمل القلم بإمكانها أن تقود الجرار وتعمل في الزراعة أيضاً".

نساء قرية عين الجاموس لسن إداريات فقط على المستوى العائلي، بل حتى على المستوى الإداري والتنظيمي وفي الأحزاب السياسية، واستطعن أن تمثلن ذواتهن ومجتمعهم في أماكن صنع القرار، فالكثير من نساء قرية عين جاموس وما يسمى محلياً قرية الطعان نسبة لجدهم، يأخذن دورهم في الكومينات والمجالس، والأحزاب السياسية.