الكومين... نظام يعكس الروح الكومينالية والحياة المجتمعية الديمقراطية

يلعب الكومين في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا دوراً مهماً في توحيد المجتمع وتتمثل مهامه الأساسية بحماية التماسك بين الشعوب والمكونات.

نورشان عبدي

كوباني ـ يخلق الكومين في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا شكلاً من أشكال الحياة الكومينالية والفكرية والاجتماعية بين أفراد المجتمع، وذلك من خلال انضمام كافة الأشخاص إلى الكومين لتنظيم أنفسهم ومجتمعهم.

يهدف الكومين إلى تأسيس نظام الفرد الحر والحياة المجتمعية الديمقراطية، وبحسب مضمون مشروع الأمة الديمقراطية يعتبر تشكيل الكومينات خطوة أولية وهامة في انطلاق ثورة التاسع عشر من تموز/يوليو 2012، وتطبيق مشروع الأمة الديمقراطية، وتأسيس الإدارة الذاتية التي تعتبر مشروع يناهض أنظمة الدولة القومية والسلطة المركزية.

ويبدأ التنظيم في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا من أصغر الوحدات المجتمعية والتي تعرف باسم "الكومين"، وتعتبر الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا الكومين بأنه أصغر خلية تنظيمية في المجتمع وأهمها، وعلى هذا الأساس تنظم شعوب ومكونات إقليم شمال وشرق سوريا حياتها الاجتماعية الحرة والديمقراطية وفق نظام الكومينات، وكذلك الأكاديميات والاتحادات والمجالس، ويعد هذا شكل من أشكال التنظيم ومبدأ رئيسي للديمقراطية، ويعمل الكومين كمركز اتخاذ القرار والإدارة ويعتبر هيئة مستقلة في مرحلة اتخاذ القرار.

 

الكومين وأهميته  

مصطلح "الكومين" يعني "التجمع" أي تجمع أفراد المجتمع في اللغة الآرية، ويعود أصل الكلمة للغة الكردية، أما في اللغة الكردية المعاصرة تستخدم كلمات مثل "كوم" و"كومبون" أي التجمع وكل هذه المصطلحات تعني الكومين، أما من الناحية التاريخية يعتبر الكومين المرحلة الأولى من الحياة الاجتماعية، ويعود تاريخه إلى ما قبل 10 أو 11 ألف سنة.

والكومين هو أصغر خلية في المجتمع ويعني أن مجموعة من الأشخاص يعيشون في نفس المكان ويجتمعون معاً، ويقوم هذا الكومين بتنظيم وإدارة هذه المجموعة في مجالات مثل الثقافة، والصحة، والمجتمع، والاقتصاد وغيرها ، كما يشكل تجمعاً قائماً على الحياة المشتركة.

ومن أهم ميزات الكومين أنه يشكل صيغة جماعية حيث يشارك جميع الأعضاء والعضوات في العمل الإداري، ولهذا السبب يعتبر الكومين مناهض لمفهوم السلطوية والفردية والتمييز والدولة القومية، بل ويضمن الحرية والمساواة والديمقراطية وينتج عن ذلك نمط حياة تشاركي.

تقول الرئيسة المشتركة لكومين الشهيد عبدو في مدينة كوباني هيفا مصطفى أن شعوب إقليم شمال وشرق سوريا مع انطلاق الثورة بدأوا بتنظيم أنفسهم وفق مشروع الأمة الديمقراطية ويعد تشكيل الكومينات والمجالس في الأحياء والمدن والقرى من أولى وأهم الخطوات في الثورة، مبينةً أن "الكومين هو تجمع شعبي أساسه التنظيم والوعي الفكري ضمن الحي أو القرية أو المدينة، ويعتمد بعمله على أساس تواجد أفراد المجتمع، لذلك الكومين يعتبر النواة الأولى للمجتمع الديمقراطي، والشيء الأكثر أهمية للكومين بأنه يسمح للأفراد بالمشاركة في اتخاذ القرارات التي تتعلق بمدنهم ومصيرهم وحياتهم".

وعن الجانب الخدمي أكدت أنه "يظن الأهالي أن عمل الكومين مقتصر على تأمين الغاز والكهرباء للسكان ولكن ليس هذا فقط، بل يعمل الكومين على تنظيم المجتمع، ويبحث بمشاكل وعراقيل المجتمع والمرأة ويحث على حلها وإيجاد حلول بشكل تنظيمي وجماعي وكومينالي من أجل المجتمع".

 

أهمية لجان الكومين

كل كومين يتضمن مجموعة من اللجان وهي (لجنة الحماية، التعليم، العدالة، الاقتصاد، المرأة، البيئة، ولجنة العلاقات الاجتماعية والشبيبة والصحة والصلح وغيرها)، وهذه اللجان تعمل بشكل مباشر على تطوير وتدريب المجتمع، لذلك كل لجنة من هذه اللجان تعد أساساً لبناء النظام الداخلي للإدارة الذاتية.

ويلعب الكومين من خلال لجانه دوراً مهماً في توحيد المجتمع، ومهمته الأساسية هي حماية هذا التماسك والتلاحم بين شعوب المنطقة ليس فقط في المدن ولكن في القرى والمخيمات تم تأسيس كومينات مستقلة أيضاً، مهمتها تنظيم النساء والفئة الشابة والمجتمع بشكل عام".

وأكدت أن جميع المكونات من نساء ورجال في إقليم شمال وشرق سوريا لهم مكانة ضمن الكومينات "تستحق شعوب المنطقة التي تعرضت للتهميش والمجازر أن تمارس الديمقراطية وفق نظام جديد فكل شخص يمارس حقه بشكل طبيعي، فالكومين منصة للمطالبة بالحقوق، فهذا الشكل من الإدارة نموذج لإدارة المجتمع لنفسه بعيداً عن السلطة المركزية".