الأزمة الاقتصادية تؤثر على النساء وزيادة معدل العنف إحدى نتائجها

ارتفاع أسعار السلع الأساسية ألقى بظلال القلق والخوف على الكثير من الأسر المصرية، وتأثرت النساء بشكل مباشر به لكون أغلبهن المسؤول عن الجانب الاقتصادي في الأسرة وخاصة ما يتعلق منه بالميزانية المعيشية.

أسماء فتحي

القاهرة ـ التأثير المباشر لارتفاع الأسعار على النساء أصبح معقد للغاية فبين رغبتهن في السعي خلف عمل جديد قد يرهق أجسادهن والأحاسيس السلبية الناتجة عن الضغوط اليومية وتأثيرها على صحتهن النفسية هناك عبء من نوع آخر يضاف إلى ذلك يكمن في العنف الممارس عليهن من الذكور في محيطهم والذي ارتفعت وتيرته أيضاً كأحد النتائج المباشرة لموجة الغلاء المتكررة مؤخراً.

في الوقت الذي تعاني منه النساء من عدم القدرة على تدبير ميزانية المنزل، هناك أخريات تتشاركن مسؤولية الإنفاق وتتكبدن عناء مضاعف، وهناك نساء تعلن أسر كاملة وهن الأسوأ حظاً والأقل قدرة عن إيجاد حلول للتعامل مع متطلبات الحياة التي ارتفعت تكلفتها.

 

تحديد الأولويات مرهق والأطفال الأكثر تضرراً

ارتفاع الأسعار جعل التمييز بين ضروريات الحياة وما هو ترفيهي منها مسألة حتمية لرفع قدرة الأسر على تجاوز الأزمة الراهنة وهو أمر أرهق الكثير من النساء خاصة أنها عادة ما تضطر للتضحية باحتياجاتها وإن كانت ضرورية لتوفير متطلبات الأطفال.

وحول ذلك قالت الصحفية نادية مبروك وهي أم لطفلة وتعاني كغيرها من ارتفاع أسعار السلع الذي بات فوق قدرتها على التحمل ورغم أن لديها طفلة واحدة، إلا أن تلبية كامل احتياجاتها بات درب من الخيال وحلم بعيد المنال.

وعن تأثير ارتفاع الأسعار على السناء أوضحت أنه هناك ارتفاع في جميع النواحي فكونها أم دائماً ما تشعر بالقلق حيال قدرتها على توفير الاحتياجات اللازمة وهو ماله انعكاس نفسي كبير عليها، فضلاً عن الخوف الذي يرتفع معدله مع الوقت ويؤثر بالتبعية على علاقة الكثير من الأمهات بأطفالهن وكذلك أنفسهن.

وأضافت أن تحديد الأولويات في حد ذاته بات قاسي للغاية فالأم أصبح عليها تحمل عبء التمييز بين ما هو ترفيهي وما هو ضروري وهنا يجب الوقوف للحظات والتفكير في تبعات ذلك فبعض الأمور التي أصبحت درب من الرفاهية هي في الواقع ضرورية لصحة وسلامة الأطفال النفسية كالتنزه والخروج في جولات ترفيهية وما إلى ذلك من الأمور التي تغذي روح ونفس الطفل.

 

البحث عن عمل إضافي أصبح ضرورة

كلما ارتفعت الأعباء على كاهل عائل الأسرة يصبح البديل الطبيعي أمامه للتمكن من التغلب على الأزمة هو البحث عن عمل إضافي مهما كلفه الأمر من عناء ومشقة حتى لا تتهدد حياة الصغار والأطراف الهشة داخل الأسرة.

واعتبرت نادية مبروك أن البحث عن عمل آخر ضرورة لا يمكن الهروب منها فالكثيرات داخل مجتمعهن أصبحن تسعين في أكثر من اتجاه لفتح الآفاق المرتبطة بزيادة الدخل حتى يتم رفع معدلات الأجور لتلبية الاحتياجات.

وأكدت على أن العمل الإضافي له توابع ذات تأثير سلبي على الأطفال فالكثير من النساء لم تعدن قادرات على الجلوس رفقة أطفالهن والاستماع لهم ولمشاكلهم، وكذلك تواجدهم وتأثيرهم في الأسرة بات أقل وهو الأمر الذي يجعلهن في مأزق حقيقي بين اختيار السعي من أجل إدرار دخل مناسب يلبي الاحتياج وبين رعاية الأسرة والأطفال تحديداً.

وأشارت إلى أن موجة الغلاء الأخيرة مرعبة وتأثيرها على النساء مخيف فهي نفسها تشعر بالقلق حيال ميزانيتها وقدرتها على الصمود في مواجهة الارتفاع الذي يتغير شبه يومياً.

لا يقف الأمر عن الخوف من توفير الاحتياجات الأساسية والتي بالتعبية تلقى على عاتق النساء كونهن المسؤولات بالأساس عن ميزانية الأسر، ولكن بعضهن تقعن فريسة الإسقاط الاجتماعي ويمارس عليهن عنف أسري قد يكون تأثيره أكبر عليهن.

وعن معدل الخلافات الزوجية قالت "رأيت لأول مرة بعض الصديقات تتركن منازلهن بعد اعتداء الزوج عليهن والأمر تم إرجاعه إلى شعوره بالعجز وقلة الحيلة والتوتر جراء ارتفاع الأسعار وعدم قدرته على تلبية احتياجات المنزل والأطفال".

واعتبرت نادية مبروك أن الأجور الشهرية باتت غير كافية لسد احتياجات الأسرة، لذلك عادة ما تجد المرأة نفسها غير قادرة على شراء احتياجاتها لارتفاع سعرها، مضيفةً أنها تقتصد قدر الإمكان ولكن موجة الغلاء شبه يومية والارتفاعات أصبحت مخيفة "أصبحت قلقة بل أكاد أكون مرعوبة فبمجرد قراءة أي رسالة أو بوست متعلق بحالة الغلاء تنتابني مخاوف متعددة بعدها تفقدني القدرة على التركيز والعمل وهذه الحالة غير مقتصرة علي بل أن أغلب الأسر تمر بنفس المعاناة".

 

النساء المعيلات هن الأسوأ حظاً

وأوضحت أن المعيلات في حقيقة الأمر واقعهن مزري للغاية فهن لم تعدن قادرات على توفير الدخل الملائم للحالة العامة التي سيطر عليها ارتفاع الأسعار بدرجة باتت فوق تحمل الجميع، مضيفةً أنها استمعت للعديد من الشكاوى المؤلمة والتي أرهقتها نفسياً بشأن توفير طعام يوم واحد للأسرة ومدى صعوبة تحقيق ذلك "المرأة التي تساعدني في المنزل اشتكت لي أنها لا تستطيع رفع أجر عملها في المنازل لأن ذلك سيقابل بعزوف عن طلبها لذلك ضاعفت من عدد البيوت التي تعمل بها رغم أن هذا الأمر يؤثر على صحتها لتوفير فقط احتياجاتها الأساسية في حين أن نفقة أبنائها من زوجها 800 جنيه ولم تتغير".

وأكدت الصحفية نادية مبروك على أن التمكين الاقتصادي بات ضروري لإخراج النساء من قبضة تلك الحالة التي استوحشت وسيطرت على الحياة، وأنها شخصياً اضطرت للتضحية بوقتها الكامل مع طفلتها من خلال عملها والبحث عن آخر يضمن دخل ثابت ورغم تأثير ذلك السلبي على حالتها وطفلتها ولكن لم تجد مهرب من حالة الغلاء سوى تلك التضحية.