إعلامية توثق معاناة وانتصار الأهالي بكاميرتها

وثّقتْ الإعلامية سوزدار رزكار مُقاومة حي الشيخ مقصود لحظة بلحظة من معاناة وانتصار أهالي الحي منذ عام 2014 وحتى اليوم.

سيرين محمد

حلب ـ عنما بدأت الحرب في سوريا كان لحي الشيخ مقصود بمدينة حلب النصيب الأكبر من الدمار والمُعاناة فمن جهة هجمات مرتزقة الاحتلال التركي ومن جهة أخرى حصار النظام السابق.

في عام 2013 خرج الشيوخ والنساء والمرضى والأطفال جراء القصف الكثيف على الحي من قبل مرتزقة الاحتلال التركي لكن سوزدار رزكار قررت البقاء هي وعائلتها إلى جانب عدد من العوائل، وكانت إحدى المُقاومات ونقلت الحقائق وأوصلت صوت ومعاناة الأهالي.

 

"رغم الصعوبات تعلمنا بأنفسنا"

وترى الصحفية سوزدار رزكار أن الإعلام الحقيقي يتطلب البحث عن المعلومات وتحري الدقة في اختيارها، "كنا في ذلك الوقت شاهدين على ما يجري ونكتب الأحداث ونرسلها لوكالة أنباء هاوار، لم يكن لدينا الفرصة لنتلقى تدريبات على العمل الإعلامي فتعلمنا كل شيء بأنفسنا".

صعوبات كثيرة واجهتها في عملها كصحفية ومُراسلة لكل الأحداث التي تحصل في حي الشيخ مقصود هذه الصعوبات مشتركة مع العاملين في المجال الصحفي في المنطقة "لدينا غرفة واحدة وكاميرتان وحاسوب واحد، وهي أجهزة غير حديثة، ولم يتوفر حينها انترنت أو مركز ثابت نعمل به، أحياناً نقوم بكتابة الأخبار في بيوت الناس لنحمي أنفسنا من نيران القذائف والاشتباكات، أو ننزل إلى أقبية الأبنية لنرسل الأخبار التي تحصل فوراً، أحياناً ننقسم أنا والزملاء إلى عدة مجموعات، مجموعة تبقى في المركز، والمجموعة الأخرى تذهب للمشافي من أجل إحصاء عدد الجرحى والشهداء".

أول صورة وفيديو التقطتها سوزدار رزكار كانت لطائرة للنظام السابق وهي تقصف منطقة السكن الشبابي بحلب، ولم يكن من المحبب لها نقل الألم ولكن تعريف الناس بالحقيقة وما يجري واجب التزمت به "كتبنا الأخبار عن الحرب والقصف والخطف والقتل، كان ذلك صعب جداً بين الحرب وكتابة الأخبار وتوثيق الأحداث وإحصاء عدد الجرحى والشهداء".

في الشهر التاسع من عام 2015 تكثفتْ الضربات، وازداد القصف على حي الشيخ مقصود، واستمر حتى الشهر السادس من عام 2016 وتقول "خلال هذه الأشهر الطويلة تعلمت كثيراً وتمكنت من العمل الإعلامي، واستطعتْ أن أعد الأخبار والتقارير الإخبارية الطويلة باحترافية، وشاركتُ بلقاءات كثيرة على القنوات باللغتين العربية والكُردية، حتى أنني تحدثت باللّهجة الصورانية لنقل صوت ومعاناة أهالي حي الشيخ مقصود، وخرجت بنتيجة إذا لم تتعلم في أيام الحرب، لن تتمكن من تطوير عملك في أيام السلم".

 

مشاركتها في تغطيات إعلامية

وتعرض حي الشيخ مقصود في اليوم العالمي للمرأة 8 آذار/مارس 2016 لقصف بالأسلحة الكيماوية التي راح ضحيتها العشرات، وأصيب نساء ومدنيين لا ذنب لهم، لقد رأت سوزدار رزكار كل ذلك واحتفظت بالتفاصيل في ذاكرتها "رأيت الجثث وأجزاء من أجساد الضحايا ووثقتها بكاميرتي، ولأنه لم يكن غيري في مكان الحدث تواصلتْ معي العديد من المُنظمات الحقوقية والقنوات التلفزيونية الخارجية لأخذ المعلومات والأخبار".

وأضافت "كنا تحت القصف والاشتباكات لكن الرفيقات والرفاق لجأوا لعقد حلقات الرقص العفريني والغناء لرفع المعنويات والمُقاومة".

عُرفت مقاومة أهالي حي الشيخ مقصود بـ "حرب الشعب الثورية"، كان كل فرد من الأهالي يعرف ما يفعله وما يقع على عاتقه، ومهمة سوزدار رزكار توثيق ونقل كل الحقائق التي تحصل وتطال الأهالي، مثال ذلك تعاون نساء مؤتمر ستار للصمود والدفاع عن الحي وتحقيق الانتصار.

إلى جانب عملها في الشيخ مقصود شاركت الإعلامية في عدة حملات منها حملة تل الشعير، حملة الرقة بعد التحرير من داعش عام 2017 ووثقتْ حجم الدمار الذي طال المدينة، إلى جانب مشاركتها في مقاومة الكرامة أثناء هجمات المحتل التركي على مدينتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي.

ووثقتْ بعدستها الاحتجاجات الأخيرة التي قام بها أهالي حيي الأشرفية والشيخ مقصود رداً على إغلاق الطرقات من قبل الحكومة المؤقتة وفرض حصارٍ خانق على الحيين.

تلخص سوزدار رزكار قصتها مع الكاميرا والإعلام بالقول "وصلنا لهذه المرحلة الكبيرة بفضل التجارب التي خِضناها، كإعلامية وكاتبة وبكل لحظة من الحرب والمُقاومة كنا وسنبقى صوت الحق ووجع الشعب، ونرفع من صوت المرأة ووجعها وندعمها، وكما انتصرت مقاومة الشيخ مقصود والأشرفية في السابق ستنتصر اليوم أيضاً بفضل شعبها".