تعديل مدونة الأسرة أولى خطوات الحد من زواج القاصرات

على أمل تحسين أوضاعهن وتمكينهن من المعرفة بحقوقهن، تتطلع المغربيات لتعديلات قانونية مرتقبة لمدونة الأسرة، بعد موجة العنف التي شهدتها البلاد.

حنان حارت

المغرب ـ أوضحت رئيسة جمعية اتحاد المرأة المغربية أن ظاهرة العنف في تزايد، وللحد منها يجب العمل على تغيير العقليات عن طريق التوعية بعدم التساهل والتطبيع مع العنف.

خصصت جمعية اتحاد المرأة المغربية لقاءً تواصلياً مفتوحاً مع النساء المعنفات في وضعيات صعبة من أجل الاستماع لهن والبحث معهن عن حلول للحد من العنف الذي تتعرضن له.

عن تجربتها في الزواج المبكر تقول عائشة محمد (اسم مستعار)، أنها تزوجت في سن مبكرة من رجل لا تعرف عنه شيئاً بزواج الفاتحة في انتظار بلوغها السن القانوني للزواج لتقوم بتوثيق الزواج، لكن بمجرد حدوث الحمل تغيرت معاملة الزوج لها "كان يصرخ في وجهي ويعاملني معاملة سيئة، كان يمنعني من الاتصال بعائلتي ويعنفني جسدياً ولفظياً ما أثر على نفسيتي ونفسية ابنتي التي باتت تفضل العزلة".

وأضافت "بقيت على هذه الحالة إلى أن تعرفت على جمعية اتحاد المرأة المغربية، وأصبحت أشارك في حلقات التفريغ التي تنظمها الجمعية، من أجل مشاركة تجربتي مع باقي النساء اللواتي تعشن نفس المعاناة والبحث عن حلول، فعرضت حالتي على أعضاء الجمعية فعرفت بأنني أستطيع طلب الطلاق ورفع دعوة ضد الرجل الذي جعلني اخسر أجمل سنوات عمري وأن أحصل على حضانة ابنتي".

وأوضحت "كنت جاهلة للقانون، وقد منحتني الجمعية الثقة في نفسي ولم أعد أقبل الإهانة ولا الاستغلال من أي شخص كان، سأربي ابنتي بعيداً عن الخوف والاستغلال".

 

 

ومن جانبها لم تتردد فاطمة سعيد (اسم مستعار) في الكشف عن معاناتها "كنت أتعرض للعنف اللفظي باستمرار من قبل زوجي، كما أن معاملته كانت قاسية جداً، ما دفعني إلى طلب الطلاق".

وأضافت "تعرضت لسنوات للإهانة ولكن كنت أصبر من أجل طفلي، إلا أنه في نهاية المطاف لم أعد أستطيع التحمل، فمعاملته السيئة وإهاناته المتكررة أثرت على نفسيتي فقررت الطلاق".

وأوضحت أن طليقها يتملص من مسؤولياته ودفع النفقة، "لقد اضطررت للعمل كعاملة تنظيف في إحدى المؤسسات من أجل تأمين مصاريف ابني، لكن على الرغم من عملي لا أستطيع توفير كل شيء له، وفي المقابل لا يقبل والد ابني تحمل مسؤولياته ولا القيام بأية مساعدة من أجل حصول ابننا على تعليم جيد وعيش حياة كريمة".

 

 

وبدورها تقول رئيسة جمعية اتحاد المرأة المغربية خديجة أهليل "تتردد الكثير من النساء إلى مركزنا بسبب تعرضهن للعنف من قبل أزواجهن، وعادة ما يبدأ هذا العنف بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية أو تعاطي المخدرات".

وعن هدف برنامج "حديث الأربعاء" أوضحت خديجة أهليل "نهدف من خلال البرنامج تخفيف معاناة النساء المعنفات فنجعل منها حصة مفتوحة بين النساء؛ ومفتوحة أيضاً على وسائل الإعلام فعندما تستمع كل امرأة لتجربة الأخرى تشعر بأن هناك من تشاطرها نفس المعاناة فيبدأن في مواساة بعضهم البعض".

وأشارت إلى أن هناك بعض الملفات التي يصعب على الجمعية حلها لهذا تأمل العمل على تعديل قانون مدونة الأسرة وتتحقق المساواة، لافتةً أن الجمعية تستقبل يومياً 26 ملفاً لنساء تتعرضن لكافة أنواع العنف من عنف اقتصادي وإلكتروني واجتماعي والنفسي ليأتي في مقدمة العنف الذي تعاني منه النساء، بحيث يمكن أن يودي بهن للانتحار".

وعن الخدمات التي تقدمها جمعية اتحاد المرأة المغربية للنساء اللواتي تعرضن للعنف تقول "نعمل بالشراكة مع أخصائية نفسية واجتماعية ومحامين في الوقت نفسه، حيث تستشير النساء الأخصائية النفسية والاجتماعية، فيما يقدم المحامون استشارات قانونية للنساء اللواتي تتطلعن إلى إحضار المعتدين عليهن إلى المحكمة".

وأكدت على أهمية عمل المرأة ومتابعتها للدارسة للحفاظ على تمكينها اقتصادياً، مشيرةً إلى الجهود التي تبذلها جمعية اتحاد المرأة المغربية في هذا الإطار "أغلب النساء اللواتي تقصدن جمعيتنا تعانين من العنف في المنزل غير متعلمات وليس لديهن عمل ولا تعرفن حقوقهن القانونية، لهذا نحن نقدم المشورة القانونية المجانية، ونحاول أن نضع أمامهن بعض الفرص من أجل البدء في مشاريع خاصة لتحقيق استقلاليتهن"، لافتةً إلى أن الجمعية تنظم دورات لتوعية النساء ليكون بإمكانهن التصدي للعنف.

وقالت خديجة أهليل في ختام حديثها "أقر المغرب قانون محاربة العنف في عام 2018، إلا أن حالات العنف ما زالت في تزايد، الحل يكمن في ضرورة تغيير العقليات والعمل مع الأسر عن طريق التوعية بعدم التساهل والتطبيع مع العنف، فالأسرة هي النواة واللبنة الأولى التي تربي الأجيال"، مشيرةً إلى أن هناك بعض الأسر تقمن بتزويج الفتيات القاصرات قبل أن تصلن للسن القانوني، لهذا يجب العمل على توعية هذه الأسر بخطورة هذا الزواج على المجتمع وعلى براءة الفتيات.