'قوانين المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا ضمان لحمايتها من العنف'

في إقليم شمال وشرق سوريا، يتم تطبيق قوانين الأسرة والمرأة في المجالين الاجتماعي والقانوني ضد حالات العنف التي تعيشها وتتعرض لها المرأة وتتكون القوانين من 40 بنداً و26 قاعدة، وهي بمثابة جسر لحماية المرأة من عنف الرجل.

برجم جودي

كوباني ـ بعد ثورة روج آفا وفي عام 2014، بدأت نساء إقليم شمال وشرق سوريا العمل في مجال القانون لضمان حماية إنجازاتهن، وباسم قوانين المرأة أو قوانين الأسرة اتخذن خطوات نحو إنهاء العنف ضد المرأة.

صدر قانون المرأة أو قوانين الأسرة في عام 2014 لحماية حقوق المرأة وتطبيق معايير التعايش الحر وإرساء قواعد الأسرة الديمقراطية، ثم في عام 2021 تم تغيير اسمه إلى قانون الأسرة.

وحول هذا الموضوع تحدثت لوكالتنا مديرة دار المرأة في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا سميرة علي، وعضو المحكمة الاجتماعية في مقاطعة الفرات نينوى صالح.

 

"وقف العنف يتطلب خطة استراتيجية"

وتقول سميرة علي، مديرة دار المرأة في مقاطعة الفرات "إذا عرفنا وضع المرأة في بداية التاريخ، فيمكننا القول إن المرأة كانت الطاقة والقوة الأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وللأسف مع ظهور القوة المتسلطة انقلب هذا الواقع، وكان ولا يزال يتم استخدام أكبر قدر من الحرمان من الحقوق ضد المرأة، لذلك نرى أنه في الدرجة الأولى تواجه المرأة العنف الجسدي والنفسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والصحي وغيرها، ولهذا السبب تم استبعاد النساء من هذه المجالات التي تتعرضن فيها للعنف حيث نرى أن الرجال هم المسيطرون وسادة هذه المجالات من الحياة".

وأشارت إلى أنه تم اتخاذ خطوات لوقف العنف في إقليم شمال وشرق سوريا "مع ثورة 19 تموز وعلى الرغم من اندلاع الحروب، إلا أن المنظمات والحركات النسائية تمكنت وفي إطار حماية المرأة من العنف من القيام بالكثير من النشاطات والأعمال التي تمت في إطار التنظيم والقانون والإدارة ووفق مبادئ الأمة الديمقراطية. مما لا شك فيه أنه حتى قبل الثورة كانت هناك أنشطة وأعمال من أجل النساء، لكنها ظلت على المستوى التنظيمي. في كافة نواحي وبلدات الفرات، تم تنظيم المرأة وعملت على العديد من القضايا مثل تعدد الزوجات، وحضانة الأطفال، والنفقة، والخيانة الزوجية، والعنف، وغيرها".

ومع إنشاء نظام الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا، ظهر نظام مختلف تماماً يحمي هوية المرأة ودورها وفي هذا الصدد، وخاصة في موضوع حماية المرأة من كافة أشكال العنف، تم بذل جهود مشتركة بين المنظمات الاجتماعية النسائية والإدارة الذاتية، ومن نتاج اتفاق وثورة المرأة قوانين المرأة أو قوانين الأسرة التي صدرت وأقرت في عام 2014 لحماية حقوق المرأة وتحقيق معايير التعايش الحر وإرساء قواعد الأسرة الديمقراطية، ثم في عام 2021 تم تغيير اسمها إلى قانون الأسرة، والآن يقوم مجلس الشعب بالتحضيرات للموافقة رسمياً على القانون المكون من 40 بنداً مستقبلاً ليتم تطبيقه في كافة مقاطعات إقليم شمال وشرق سوريا.

 

"نضع حداً للمشاكل بالطرق الاجتماعية والقانونية"

وقيمت سميرة علي دور دار المرأة في تطبيق قانون الأسرة "باعتبارنا دار المرأة التي لها دور وتأثير مهم في هذا المجال، فإننا نعتمد على القيم الاجتماعية وقانون الأسرة أيضاً. هناك العديد من الأحكام الهامة في قانون الأسرة التي تحمي حقوق الطرفين، وكذلك تحمي الأطفال، ونقوم بحل القضايا والمشاكل بطريقة اجتماعية وبمساعدة لجان المصالحة. عندما يخرج الأمر عن سيطرتنا، هنا يبدأ دور العدالة الاجتماعية ويمكن أن نضرب مسألة تعدد الزوجات كمثال. من المعروف أن حماية الأسرة وتنميتها مطلوبة من الطرفين لوضع حد لمشاكلهما وصراعاتهما بطريقة مشتركة لكن مجتمعنا غالباً ما يتجاوز هذه المعايير. يمكننا القول إن نسبة هذه الحالات قد انخفض، لكنها لا تزال موجودة".

وفي المجال القانوني، تستخدم المحاكم الاجتماعية في إقليم شمال وشرق سوريا قوانين خاصة بقضايا المرأة. وفي مقاطعة الفرات، يطبق قانون المرأة الذي يتكون من 26 عقوبة وبند. تمت الموافقة على هذا القانون في عام 2015، ويتم من خلاله التعامل مع جميع القضايا المتعلقة بالمرأة والعنف والقتل والانتحار وغيرها وحلها.

 

 

"هناك العديد من القوانين والعقوبات لمعاقبة المجرمين"

وعن مضمون جرائم وعقوبات العنف، قالت نينوى صالح عضو المحكمة الاجتماعية في مقاطعة الفرات والتي تعمل في غرفة العقوبات "تردنا قضايا العنف ضد المرأة نتعامل مع هذه الجرائم وفق قوانين المنطقة، حيث لكل جريمة عقوبات مختلفة. إذا تعرضت امرأة للضرب على يد زوجها أو والدها أو شقيقها، فإن هذه الجريمة تتم مقاضاتها بثلاث طرق. إذا تقدمت المرأة بشكوى إلى المحكمة، فيجب عليها إحضار التقرير الصحي معها حينها تكون العقوبة حسب هذا التقرير والمدة التي تعرضت فيها للضرب وإذا كان ضرب الرجل يؤثر على المرأة بشكل خفيف، تكون العقوبة هي السجن لمدة تتراوح ما بين 10 أيام إلى 3 أشهر ويشترط في هذه الحالة أن تقدم المرأة شكوى، ولكن عندما تسحب شكواها، يتم إيقاف القضية على الفور وإطلاق سراح الشخص الذي ارتكب العنف ومثل هذه الجرائم تمنع النساء من تقديم شكواهن. هناك بعض الحالات التي تعرضت فيها النساء للضرب المبرح إلى حد الوحشية، وفي مثل هذه القضايا يكون هناك حق عام، وحتى لو سحبت المرأة شكواها، فلن تتوقف القضية وتبدأ عقوبة الحق العام بالسجن من 3 أشهر ويستوجب أيضاً دفع غرامة".

وأشارت إلى أن النساء غالباً ما تسحبن شكواهن بسبب ضغط المجتمع "نستخدم القوانين التي تحمي المرأة، لكن للأسف عملنا محدود ولهذا السبب عندما تضطر النساء إلى سحب شكواهن نتيجة للضغوط العائلية والاجتماعية، لا يعود بإمكاننا تقديم المساعدة ويتم إطلاق سراح مرتكبي جرائم العنف".

 

"قتل النساء جريمة وعقوباتها شديدة"

وتناولت نينوى صالح جرائم قتل النساء وقالت "يُعاقب على الفور أولئك الذين يقتلون النساء لمدة تتراوح بين 3 إلى 20 عام، وفي حالات الانتحار يُعاقب المتسببين في انتحار النساء من 3 أشهر إلى 3 سنوات. في قوانيننا كإدارة ذاتية، القتل بذريعة (الشرف) كما هو معلن في المجتمع، غير موجود وغير مقبول. في بعض الدول، عندما يعتمد القاتل على قضايا الشرف، يتم إيقاف القضية على الفور وإطلاق سراح القاتل، لكن في إقليم شمال وشرق سوريا، يندرج هذا القتل فوراً ضمن أسباب القتل الجسيمة، حيث تشتد العقوبة".

ولفتت إلى أنه بالتعاون مع دار المرأة يمنعون حالات زواج القاصرات وتعدد الزوجات "إن قضايا زواج القصر وتعدد الزوجات وزواج البدل وغير ذلك تابعة لدار المرأة الذي يتابع هذه القضايا ويوثقها ويتم إرسالها بشكل رسمي إلى النيابة العامة ليتم التحقيق بالقضية، وفي قضايا الزواج بزوجة ثانية يتم القبض على الطرفين وتبدأ عقوبة السجن من 3 أشهر ويضاف إليها غرامة مالية، كما لا يمكن تثبيت هذا الزواج ويعتبر باطلاً وفقاً لقوانين الإدارة الذاتية ولا يمكن للزوجة الثانية المطالبة بحقوقها بموجب قوانين الزواج. بالنسبة لزواج القصر، تأتي معظم الشكاوى من دار المرأة، ولكن يمكن لأي شخص إبلاغ مكتب المدعي العام لتتم محاكمة ومعاقبة الزوج ووكيل الطفل ورجل الدين الذي أجرى الزواج".

وفي ختام حديثها ذكرت نينوى صالح أنه في الوقت الذي توجد فيه قوانين تحمي المرأة، تختار العديد من النساء الحرمان من حقوقهن "بشكل عام، القوانين المستخدمة في المحاكم تخدم المرأة وفي الدرجة الأولى تحميها من العنف وأي امرأة تتقدم إلينا بشكوى نحن على استعداد للقيام بواجبنا وتحصيل حقوقها وفق القوانين المعتمدة لها".