منها تزويج القاصرات... المؤسسات النسوية تساهم في التوعية بقضايا المرأة

تساهم المؤسسات النسوية في مدينة حلب بشمال وشرق سوريا، من رفع الوعي المجتمعي ومناهضة الظواهر السلبية التي تؤثر على المرأة بشكل مباشر.

سيبيلييا الإبراهيم

حلب ـ تسعى المؤسسات النسوية في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، لرفع الوعي المجتمعي من خلال عقد اجتماعات توعوية وفتح دورات تدريبية مغلقة ومفتوحة تناقش خلالها العديد من المواضيع الاجتماعية المهمة التي تسعى للوصول إلى مجتمع ديمقراطي حر يسودهُ العدل والمساواة بالإضافة إلى تطبيق قوانين تحمي حقوق المرأة وتساندها.

 

بتطبيق قانون المرأة انخفضت حالات تزويج القاصرات

قالت الإدارية في دار المرأة في حي الشيخ مقصود بريشان رشيد "تأسس دار المرأة في أواخر عام 2011، من أجل حل مشاكل وقضايا المرأة التي يمارس عليها كافة أشكال العنف من قبل المجتمع الأبوي الذي تعيش فيه، ونسعى إلى حماية حقوق النساء والوقوف بجانبهن والمحافظة على جوهرهن، وتوعيتهن بحقوقهن المنتزعة".

وعن العراقيل والمعوقات التي اعترضت طريقة عملهم تجاه النساء والمجتمع، توضح "كوننا نعيش وسط مجتمع شرقي فلا بد من وجود العديد من العراقيل التي تواجه دار المرأة الذي يختص بحل القضايا الاجتماعية، والذي باعتقاد المجتمع أنه يختص بشؤون وقضايا المرأة فقط، لكن استطعنا أن نوصل حقيقة هذه المؤسسة لكافة المجتمع".

وأشارت إلى أن أغلب القضايا التي كانوا يتلقونها في دار المرأة سابقاً الخيانة الزوجية من قبل الرجل، بالإضافة إلى حالات تعدد الزوجات، لكن بعد إصدار قانون المرأة في شمال وشرق سوريا انخفضت حالات تعدد الزوجات في المجتمع بالرغم أنه في البداية واجهتهم صعوبات نتيجة عدم تقبل المجتمع فكرة القانون، ولكن مع مرور الوقت وتوضيح أهمية القانون بات هناك تقبل من قبل المجتمع وأصبح هناك وعي أكثر.

وحول أسباب انتشار الظواهر السلبية في المجتمع، تقول "هناك أسباب اقتصادية تؤدي إلى نشوب المشاكل العائلية وتفاقمها وممكن أن توصل الزوجين إلى الانفصال أو عدم تقبل الرجل للمرأة والعكس صحيح، فضلاً عن تزويج القاصرات، لكن بفضل عقد الاجتماعات التوعوية التي تقوم بها المؤسسات النسوية انخفضت هذه الظواهر بشكل كبير مقارنة بالأعوام السابقة، حيث لم نتلقى هذا العام حالات تزويج القاصرات فبمجرد تقديم شكوى إلى دار المرأة من قبل الفتاة نقوم بمنع هذا الزواج".

ولفتت بريشان رشيد إلى أن النساء تجدن أن دار المرأة مرجعية لهن ومؤسسة تساندهن وتحمي حقوقهن، مطالبة الأهالي بأن يحموا أبنائهم وبناتهم من الظواهر السلبية من أجل بناء مجتمع ديمقراطي حر يسوده العدل والمساواة.

 

حماية حقوق المرأة من خلال عقد اجتماعات توعوية

وحول دور المؤسسات النسوية في مناهضة الظواهر السلبية ونشر الوعي بين كافة أبناء المجتمع، قالت فهيمة حمو عضوة منسقية مؤتمر ستار فرع حلب إنه من أهم القضايا العالقة في المجتمع هي قضية المرأة ومشاكلها والتي يجب الوقوف عندها، فنحن كمؤتمر ستار المؤسسة التي تعني بأمور المرأة، نقف مباشرةً عند القضايا التي تخص المرأة وخاصةً في مجتمعاتنا".

ونوهت إلى أن مؤتمر ستار كان له الدور الأساسي في متابعة قضايا المرأة ضمن المجتمع، وتزامناً مع ازدياد حالات الطلاق أو تزويج القاصرات وتعدد الزوجات والخلافات الزوجية كان لدار المرأة الدور في مناهضة هذه الظواهر من خلال تطبيق القوانين التي صيغت لحماية حقوق المرأة في المجتمع.

وأكدت على أنه "قمنا بتكثيف جهودنا وافتتاح دورات تدريبية مغلقة ومفتوحة فمن خلال التدريب يتم مناقشة العديد من المواضيع المهمة التي من شأنها رفع من مستوى الوعي، بالإضافة إلى افتتاح دورة خاصة بالرجال وتم إعطاءهم التدريب من قبل عضوات مؤتمر ستار لخلق مجتمع ديمقراطي حر يسوده العدل والمساواة".

وشددت على ضرورة تدريب النساء، لافتةً إلى أنه رغم كل ما يحيط بالمرأة من ضغوطات وصعوبات، إلا أنها خاضت الكثير من النضالات وحققت العديد من الإنجازات وعلى كافة الأصعدة، كما ضحت العديد منهن بحياتهن من أجل حصول المرأة على حقوقها كافة.

ووجهت فهمية حمو رسالة لكافة النساء من كافة المكونات بتوحيد صوتهن وفكرهن القائم على أساس الديمقراطية من أجل الوصول إلى مجتمع مزدهر حر يحمي حقوق المرأة والطفل، ويبرز دور المرأة الحقيقي في المجتمع من أجل أن يعم الأمن والسلام والاستقرار.

 

حرمانهن من أبسط حقوقهن

تزوجت (ف. م) وهي فتاة من مهجري مقاطعة عفرين بشمال وشرق سوريا وتقطن في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، عندما كانت تبلغ من العمر 17 عاماً فقط، بقرار وموافقة عائلتها، ولم تدرك مسؤولية الزواج والمصاعب التي ستواجهها، فقد حُرمت من أبسط حقوقها من قبل زوجها وعائلته.

وأضافت "في مجتمعنا دائماً ما يطلقون الشعارات التي تقول إن نهاية البنت منزل زوجها ويجب أن تستر الفتاة، وكأنها من دون زوجها لن تحمي نفسها وكرامتها من أي شيء يمسها، لذلك تم تزويجي مبكراً في الوقت الذي كنت فيه غير واعية لقرار الزواج".

وتطرقت إلى طبيعة العلاقة بينها وبين زوجها "لم يكن الشخص المناسب كونه يتعامل معي حسب رغباته الجنسية، وغير ذلك لا حق لي في نطق كلمة أو مطالبته بحقوقي. وبعد خمسة أعوام من زواجنا أصبحت أم لطفلين، وخلال كل هذه الأعوام كنت أتحمل الظلم والعنف بكافة أشكاله من أجل طفليّ".

وعن وصولها إلى قرار الانفصال عن زوجها، أكدت على أنه بعد العنف الذي كان يمارس عليها من قبل زوجها، لجأت إلى دار المرأة وأخبرتهم عما تعانيه وشاهدوا آثار الضرب المبرح الذي كان مطبوعاً على وجهها "دار المرأة ساندني ووقف بجانبي وحاول تغيير معاملة زوجي لي، لكن ذلك لم يجدي نفعاً فرفعت قضية الطلاق، والآن أصبحت امرأة حرة غير معنفة وأربي أبنائي على أساس المساواة والاحترام، فبعد تجربتي في الزواج بسن مبكر أنصح الأهالي على عدم تزويج بناتهم وأبنائهم القصّر تحت مسميات العادات والتقاليد".