بتهم وذرائع مختلفة "هيئة تحرير الشام" تنفذ عمليات قتل بحق النساء

في تصاعد مقلق لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، تنفذ "هيئة تحرير الشام" بشكل مستمر عمليات قتل بحق نساء تحت ذرائع مختلفة من بينها العمالة، والزنا، حيث تجري هذه العمليات دون إجراءات قضائية شفافة.

سلام العمر

إدلب ـ وفقاً لمصادر محلية في إدلب، فإن النساء المتهمات يتم احتجازهن في سجون سرية، حيث تتعرضن لمحاكمات سريعة وغير عادلة، وغالباً ما يتم تنفيذ أحكام الإعدام بحقهن بعد جلسات قصيرة دون الحصول على حقهن في الدفاع عن أنفسهن.

"لا نستطيع حتى الكلام، أي كلمة قد تعتبر جريمة، ونحن الآن نعيش في خوف دائم" بهذه الكلمات، تروي سعاد الغريب (38عاماً)، ما حصل مع شقيقتها التي قتلت على يد "هيئة تحرير الشام" بتهمة "الزنا" على الرغم من براءتها، بعد أن تم اعتقالها من منزلها بشكل تصفه بـ "الهمجي والعشوائي".

وتقول سعاد الغريب وهي تغالب دموعها، بأن ما حصل كان صدمة لها ولعائلتها، إذ أن شقيقتها كانت ضحية ادعاءات كاذبة وشهادات غير صحيحة، حيث أعدمت بعد أيام قليلة بتهمة "باطلة ولا أصل لها"، وذلك بعد رفضها الزواج من أحد مرتزقة "هيئة تحرير الشام" والذي اختلق هذه التهمة فقط للانتقام منها.

وأضافت أن ذويها لم يستطيعوا فعل أي شيء خاصة بعد رفض الشخص المسؤول عن قضيتها توكيل محامي للدفاع عنها أو حتى زيارتها، وأي اعتراض على هذه المحاكمات قد يؤدي إلى المصير ذاته، مشيرةً إلى أن ما يزعجها أكثر هو الوصمة التي لحقت بعائلتها، في ظل نظرة الناس الدونية لهم، كما لو أنهم مجرمون، على الرغم من معرفتها بأن شقيقتها كانت ضحية للظلم.

في ظل سيطرة "هيئة تحرير الشام" على إدلب، وتضييقها على الحريات العامة والخاصة، يعتبر تحقيق محاسبة حقيقية لهذه الجرائم ضعيف، فالنظام القضائي المحلي يخضع بالكامل لسيطرة الهيئة، مما يعني غياب العدالة والشفافية عن هذه المحاكمات.

من جانبها تستذكر روعة ناصيف (45عاماً) لحظات اعتقال ابنتها التي قتلت أيضاً بتهمة "العمالة والتعامل مع جهات خارجية"، وتروي بصوت يملأه الحزن والألم عن الظروف المأساوية التي أحاطت بمقتل ابنتها، فتقول إن "ابنتي كانت طيبة القلب وتعيش حياة هادئة، لم أفهم أبداً كيف يمكن أن تُتهم بشيء كهذا، أخذوها في منتصف الليل دون أي تفسير، طرقوا الباب بشدة، لم نسمع عنها أي شيء بعد ذلك حتى جاءنا خبر إعدامها".

وأضافت أن ما يؤلمها هو عدم قدرتها رؤية جثمان ابنتها التي دفنت بسرعة، بعد أن رفض المرتزقة إقامة جنازة تليق بها، بسبب "مواقفها السياسية"، على حد تعبيرها.

وتعيش روعة ناصيف صدمة نفسية كبيرة بعد فقدان ابنتها، لكنها تشعر بالخوف على أولادها الآخرين الذين يعيشون حالة نفسية وجسدية غاية في الصعوبة نتيجة حالة الرعب والخوف الذي أصابهم، إذ أن ذنبهم الوحيد هو عمل والدهم كضابط لدى حكومة دمشق، مشيرةً إلى أن الأمر أشبه "بالعيش تحت رحمة جلاد لا نعرف متى سيضرب".

ووفقاً لناشطات التقت بهن وكالتنا، فإن التهم التي توجهها الهيئة للنساء تتنوع بين "سب الذات الإلهية"، وهو اتهام خطير في ظل حكم ديني صارم، إلى العمالة مع حكومة دمشق أو القوى الخارجية، وصولاً إلى تهمة "الزنا" التي تعتبر جريمة تُعاقب عليها بشدة وفق تفسيرهم للشريعة.

وبالرغم من عدم وجود أدلة واضحة تثبت صحة هذه التهم، فإن الإعدامات تمضي قدماً بشكل علني أو سري، ما يعكس تزايد استخدام العنف لترهيب المجتمع والسيطرة عليه.

من جهتها تعتبر الناشطة الحقوقية رولا حاج أحمد ما يحدث ما هو إلا استغلال للسلطة الدينية لفرض سيطرة مطلقة على المجتمع، خاصة وأن المرتزقة لا يؤمنون بمبادئ العدالة، وما يقومون به هو لترهيب المجتمع بأسره.

وأضافت أن النساء هن الأكثر تأثراً في هذه الصراعات، حيث يُنظر إليهن على أنهن أدوات لترسيخ السلطة عبر فرض قيود مشددة واتهامات جاهزة، في ظل التضييق والقمع الذي تنتهجه المرتزقة بحق السكان، والنساء على وجه الخصوص، مشددة على ضرورة توفير ملاذ آمن للنساء اللواتي تواجهن هذه الاتهامات الباطلة.

وأشارت إلى أن القضية أكبر من مجرد تنفيذ حكم إعدام، إذ أنها قضية سيطرة كاملة على المجتمع عبر إخافة النساء، وتحويلهن إلى ضحايا دائمات للعنف المسلح والاضطهاد الاجتماعي.