التمييز المؤسسي ضد الموظفات في باوه

تعيش النساء الموظفات في المؤسسات بمدينة باوه شرق كردستان، واقع مرير يتمثل بالتمييز في الأجور، والحرمان من التغطية، والاستبعاد المنهجي من فرص الإدارة، وتبقين سنوات طويلة على الوضع ذاته دون تغيير أو ترقية.

سمية رحيمي

باوه ـ يشكل التمييز بين الجنسين في المكاتب الحكومية تحدياً مؤسسياً واسع الانتشار يحرم النساء العاملات من فرص متساوية في التوظيف والترقية والإدارة، ويوجد هذا التمييز على المستوى العلني وفي طبقات خفية مثل الفرق في الرواتب وتقييمات الأداء ومواقف الإدارة.

على الرغم من تحصيلهن العلمي وخبراتهن وقدراتهن العالية، فإن العديد من النساء يعانين من التأخر في الترقية بسبب التفكير الأبوي وثقافة التنظيم التمييزية والقوانين غير الفعالة، حتى المظهر الخارجي قد يكون أحياناً ذريعة للتخلص منهن.

ويؤدي تلقي أجور أقل مقابل العمل المتساوي، ونقص الدعم للنساء اللواتي لديهن مسؤوليات عائلية، ونقص مؤسسات الرقابة، إلى زيادة الضغوط عليهن.

ينبغي للدوائر الحكومية أن تكون نموذجاً للعدالة، ولكنها في الممارسة العملية تعيد إنتاج التمييز بين الجنسين، ويتطلب تصحيح هذا الاتجاه مراجعة القوانين، وتغيير مواقف الإدارة، وبناء مؤسسات مستقلة.

تستحق المرأة أن يُنظر إليها ليس باعتبارها الجنس الثاني، بل باعتبارها قوة مساوية وخبيرة وفعالة في الهيكل الإداري. وفي هذا الصدد، أجرت وكالتنا مقابلات مع موظفتين تواجهان التمييز على أساس الجنس كل يوم.

 

التمييز الصامت

هستي كريمي (اسم مستعار) لموظفة في إحدى الهيئات الحكومية في مدينة باوه ولديها خبرة 15 عاماً، لا تزال تعمل تحت مسمى "راتب التدريس" أي تقوم بإعطاء الدروس دون عقد دائم.

وعن التمييز بين الجنسين في التوظيف، تقول "في نفس الوقت الذي بدأت التدريس فيه، بدأ ثلاثة رجال العمل على أساس "راتب التدريس"، وأبرم عقد دائم لاثنين منهم بعد إجراء مقابلة في العاصمة طهران، إلا أنه تم رفضي لعدم ارتدائي الحجاب خارج ساعات العمل، ولم يتم تعييني رسمياً بعد".

وأوضحت أن راتبها منخفض جداً على الرغم من أنها تعمل بنفس مستوى زملائها الرجال "أتقاضى راتباً شهرياً يتراوح بين 6 إلى 7 ملايين، على الرغم من أن ساعات عملي وساعات زملائي متساوية، إلا أن رواتب زملائي الرجال تتجاوز 20 مليوناً".

وتابعت "تعاني النساء العاملات في إيران من تمييز واضح على أساس الجنس، حيث لا يتم اختيارنا لتولي المناصب الإدارية أو رئاسة الأقسام، حتى وإن كانت مؤهلاتنا التعليمية وخبراتنا العملية تفوق تلك التي يمتلكها زملاؤنا الرجال".

وترى هستي كريمي أن التمييز بين الجنسين في المكاتب الحكومية هو نتيجة للهياكل القانونية غير الفعالة، والثقافة الأبوية "على الرغم من تعليم النساء وخبرتهن، إلا أنهن يواجهن استبعاداً من المناصب الإدارية، حيث تعيق بعض القوانين تقدمهن في بعض الأحيان، فالسائد هو الاعتقاد بأن المناصب العليا يجب أن تُمنح للرجال فقط".

وشددت على أن إصلاح قوانين العمل، وتدريب المديرين على تعزيز المساواة بين الجنسين، وإنشاء هيئات رقابية، تعد خطوات أساسية لإحداث تغيير في هذا الوضع، كما ينبغي على النساء أن يواجهن حقوقهن من خلال التواصل والمناصرة الجماعية.

وأضافت "يؤدي التمييز إلى إحباط عزيمة المرأة وتقليل دوافعها وإنتاجيتها، فإن تجاهل قدراتها يضعف الثقة في البنية التحتية ويثير الشكوك حول كفاءة النظام الإداري، ويُعتبر هذا التمييز إهداراً للموارد البشرية وضربة للاقتصاد".

 

"أعاني من التمييز كل يوم"

مريم علوي (اسم مستعار) لموظفة في أحد المكاتب في باوه تبلغ من العمر 44 عاماً، قالت إنها تعاني من التمييز الجنسي بكل ما تحمله الكلمة من معنى "أمتلك أكثر من 19 عاماً من الخبرة المهنية. أتعرض يومياً للتمييز، سواء بشكل علني أو خفي. على الرغم من أننا، نحن النساء، نبذل أحياناً جهداً أكبر من زملائنا الرجال، إلا أن رواتبنا ومزايا عملنا تظل أقل بكثير مقارنة بهم. إن هذا الواقع المؤلم يؤثر سلباً على حماسنا ودافعنا للعمل".

وفي إشارة إلى ظروف عملها الصعبة، تقول "أنا أم لثلاثة أطفال، وعلى الرغم من مسؤولياتي العائلية، يتعين عليّ التنقل بين باوه وباينغان. تفرض هذه التنقلات الكثير من الضغط الجسدي والعقلي على الإنسان، ومع ذلك، فإن التمييز بين الجنسين جعل هذه المهمة أكثر صعوبة. على عكس الرجال، نحن النساء مجبرات على ارتداء ملابس ثقيلة وغير مناسبة مثل المعاطف والحجاب في الحر الشديد"، وصفته بـ "غطاء يؤدي إلى تآكل الجسد والروح".

وعن أجواء العمل، بينت مريم علوي أن المكتب تسوده بيئة أبوية وعدوانية؛ فالمرأة لا تُحرم من حقوقها المتساوية فحسب، بل تُحرم أيضاً من فرص الترقية، ورغم مسؤولياتنا العائلية، لا نُمنح أي امتيازات. حتى مع دفعات التأمين، في حال وفاتنا، لن يحصل أطفالنا على أي فوائد. إنه وضع غير عادل ومؤسف".