الأسباب الكامنة خلف زيادة طلبات الطلاق من قبل النساء

تعتبر ظاهرة الفراق أو الطلاق من الحالات التي تحدث في أي مجتمع، إلا أن تكلفتها تختلف وفقاً للتغيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في كل مجتمع.

لارا جوهري

أورمية ـ أكدت الناشطة سميرة كاظمي أنه "إذا نظرنا إلى الزواج كمشروع سياسي، سنرى ذلك في المجتمع الإيراني، على الرغم من الحرمان وعدم وجود قوانين عادلة للمرأة في إيران، فضلاً عن الوعي العالمي المتزايد بحقوق المرأة".

في السنوات الأخيرة، تزايدت حالات الطلاق في إيران، حيث أن نسبة الزواج إلى الطلاق تبلغ 3 إلى 1، معظم حالات الطلاق هذه تعود إلى أزواج تزوجوا لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات.

 

عوامل اقتصادية

يمكن أن يكون ارتفاع أسعار السكن وإيجار المنازل، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانعدام الأمن الوظيفي وعدم كفاية الدخل وعدم الاستقرار الاقتصادي في إيران، عوامل مؤثرة في انهيار الأسر، على الرغم من أن المرأة تعمل في بعض الأسر مثل الرجل، إلا أن دخل شخصين في بعض الأحيان لا يكفي للعيش، وفي كثير من الحالات عندما يعمل كل من الرجل والمرأة، تتعرض المرأة للتمييز ولا يكون لها نصيب من دخلها، وفي الواقع فإن القضايا الاقتصادية والتمييز ضد المرأة هي من العوامل المسببة لانهيار الحياة المشتركة.

 

المشاكل الثقافية والاجتماعية

ترتبط العديد من حالات الطلاق في إيران بالزواج المبكر أو زواج الأطفال، يمكن أن يدفع اختيار الزوج في المجتمع الإيراني إلى اتجاه آخر تحت تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية، ولا يزال الزواج القسري مستمراً في العديد من مناطق إيران في إطار القوانين والثقافات المناهضة للمرأة، لكن العديد من النساء غير مستعدات لقبول القمع والإكراه ضدهن كما كان الحال في الماضي.

ووفقاً لمدير عام مؤسسة خراسان الرضوية، فإن 58% من طالبي الطلاق في إيران هم من النساء، ولا تشير هذه الإحصائية إلى أن المرأة في المجتمع الإيراني ترغب في الطلاق، لأن ظروف المجتمع الإيراني الحالي أصعب بكثير بالنسبة للنساء المنفصلات مقارنة بالنساء اللاتي تعشن بمفردهن ولم تتزوجن بعد، ومع ذلك، فإن الضغط الذي قد تتعرض له النساء في العيش معاً في ظل النظام الأبوي كبير جداً لدرجة أنهن على استعداد لقبول مصاعب الانفصال في المجتمع الإيراني ولكنهن لا تواصلن حياتهن معاً.

 

النفوذ السياسي والحكم

أصبح الزواج في إيران مشروعاً سياسياً من الحكومة، والغرض الوحيد لها تشجيع الشباب على الزواج وإنجاب الأطفال، وفي هذا الصدد، ورغم عدم وجود الهياكل اللازمة لتوفير وتربية الأطفال، إلا أن إصرار الحكومة على الزواج وإنجاب الأطفال لا يزال قائماً، وهذا يجعل اختيار الزوج في ظل ظروف أكثر صعوبة ويخلق خطراً أكبر لانهيار الأسرة.

سميرة كاظمي، ناشطة في مجال حقوق المرأة في أورمية، قالت عن تزايد حالات الطلاق في المجتمع أنه "يتم أخذ نقاط خاصة للمتزوجين في اختبارات التوظيف أو حتى في زيادة الرواتب والتقييمات في أماكن عملهم، لذلك يمكن القول إن الزواج في إيران ليس في وضع جيد وأن الحكومة، التي نظرت مؤخراً في هذه الفوائد للمتزوجين، تحاول تشجيعهم على الزواج بل وتعزز مثل هذا المناخ في البيئات التعليمية، وخاصة الجامعات".

وأضافت "إذا نظرنا إلى الزواج كمشروع سياسي، فسنرى أنه في المجتمع الإيراني، على الرغم من الحرمان وعدم وجود قوانين عادلة للمرأة، فضلاً عن الوعي العالمي المتزايد للنساء بحقوقهن، فإن العديد من الزيجات ستظل فاشلة، ولقد حدث ذلك، لأن هذه دورة تهدف إلى تعزيز الزواج غير المدروس وحتى القسري، مثل زواج الأطفال، الذي يواجه الفشل بنسبة 100٪".

ولفتت إلى أنه "بحسب الإحصائيات فإن معظم النساء تطلبن الطلاق ولا تتسامحن مع الحياة العنيفة لمواصلة العيش، وتحتجن على التمييز والعنف المنزلي الذي أصبح في إيران مسألة خاصة، وفي بعض الزيجات، تُحرم النساء من حق الدراسة والعمل، ويقول الرجال إنه لا ينبغي لهن العمل والقيادة بسبب الظروف الثقافية والبيئية، ولهذا السبب، تكسر هؤلاء النساء دائرة العنف ويطلبن الطلاق".

من جانبها قالت الناشطة في مجال حقوق المرأة والمحامية في مدينة الخوي نشميل. م عن وضع المرأة في المجتمع إن "كمية العنف ضد المرأة في حالات الطلاق زادت بشكل حاد، والقوانين مناهضة للمرأة، كما أن الرجال يستغلون الوضع القائم إلى أقصى حد، ويعطي الرجال مهراً أقل في حالات الطلاق، إن طلب الطلاق بالتراضي من المحكمة، رغم أنه عملية مرهقة، إلا أنه ينبغي للمرأة أن تسعى جاهدة للحصول على حقوقها حتى تتمكن من المشاركة في شؤون الحياة المالية، معظم هؤلاء النساء اللاتي تطلبن الطلاق تعرضن لمضايقات شديدة وحرمان من حق الدراسة والعمل، لكن لديهن الإرادة للمحاولة من أجل حياة أفضل، ولهذا قررن الطلاق".

ولفتت إلى أن "معظم هؤلاء النساء اللاتي في طور الطلاق تتعرضن للتهديد عندما تطلبنه، والعديد من النساء في أورمية قُتلن على يد أزواجهن عندما طلبن الطلاق، أو قُتلن بعد الانفصال، والسؤال المطروح هو لماذا تتعرض هؤلاء النساء للعنف؟، وبحسب الإحصائيات فإن العنف يتزايد أثناء عملية الطلاق، وحتى بعد الانفصال، يشعر الرجال المقربون من هؤلاء النساء أنهم يمتلكونهن ولهم الحق في الاعتداء عليهن، ولهذا السبب، علينا أن نبذل المزيد من الجهود على مستوى التفكير، حتى نتمكن من إنقاذهن واتخاذ التدابير اللازمة للتخلص من الظواهر التي تسبب لنا نحن النساء والمجتمع خسائر يومية وقهراً نفسياً وجسدياً".