'يجب حماية النساء والفتيات ضحايا الزلزال'

تعتبر النساء والفتيات من الفئات الأكثر تضرراً من الكوارث الطبيعية، لأنهن تواجهن تحديات كبيرة تعيق تنميتهن وضمان حقوقهن الإنسانية، هذا ما دفع مجموعة من مكونات المجتمع المدني للتحرك والمطالبة بحماية تلك الفئات من كل أشكال الاستغلال.

رجاء خيرات

المغرب ـ دعت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش ـ آسفي سناء زعيمي إلى تعزيز سبل الحماية القانونية والاجتماعية للنساء والفتيات ضحايا زلزال الحوز.

قالت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش ـ آسفي سناء زعيمي إنه تم تسجيل عدة نقاط إيجابية بعد زلزال الحوز تمثلت بإلحاق الفتيات بالمؤسسات التعليمية بمراكش بعد تضرر البنية التحتية لمناطق الزلزال، بالإضافة إلى تفاعل رئاسة النيابة العامة مع مطالب الهيئات الحقوقية والنسائية بحماية الفتيات من كل أشكال الاستغلال عبر إصدارها لمذكرة تمنع منح الأذونات بزواج القاصرات خلال الفترة التي أعقبت زلزال الحوز.

واعتبرت أن الوضع الذي عاشته النساء والفتيات المتضررات من زلزال الحوز الذي ضرب المنطقة في أيلول/سبتمبر الماضي، كان متأزماً ولازلن تعانين من تداعياته حتى اليوم "من وجهة نظر التخصص العلمي المعتمد في المقاربة المجالية والترابية، نلاحظ أن الفئات الأكثر تضرراً من الكوارث الطبيعية بشكل عام هن النساء والأطفال، وبالتالي فالمغرب لا يخرج عن هذه المقاربة، حيث الفئات الأكثر تضرراً هي تلك التي توجد في وضعية هشاشة".

وأشارت إلى أنه بعد كارثة الزلزال سجلت الرابطة التزام الجهات المسؤولة بإلحاق الفتيات نحو المؤسسات التعليمية بمدينة مراكش لتأمين الحق في التعليم كنقطة إيجابية، فضلاً عن تأمين إقامتهن، من خلال إيداعهن في دور الطالبات أو الداخليات وفي بعض الأحيان في المؤسسات التابعة للوزارة الوصية على القطاع كإقامة المدارس بمراكش "هذه المسألة ساهمت إلى حد كبير في ضبط نسب التسرب المدرسي وتأمين التحاق الطلاب بالتعليم، والتي تعتبر نقطة إيجابية إذا ما استحضرنا السياسة المعتمدة في تدبير هذه الأزمة".  

أما بشأن النقاط السلبية أضافت أنه سجل عدم تمكن بعض الطلاب من الالتحاق بالمؤسسات التعليمية بسبب سوء حالتهم النفسية، والتي تفاقمت مع غياب المواكبة النفسية لهم، حيث لم يلتحقوا إلا فيما بعد.

وعن سبل الحماية التي ينبغي توفيرها للنساء والفتيات لفتت إلى أنها تدخل ضمن مطالب الحركة النسائية المغربية بشكل عام، مع تسجيل نقاط إيجابية على إثر وقوع الزلزال، خاصةً بعد تحرك مجموعة من مكونات المجتمع المدني التي طالبت بحماية النساء والأطفال خاصة الفتيات من كل أشكال الاستغلال.

وبسبب تعرض بعض الفتيات للاستغلال من قبل بعض الوافدين على المنطقة بدعوى تقديم المساعدات، أكدت أن عدد من الجمعيات النسائية منها فدرالية رابطة حقوق النساء والجمعية الديمقراطية لنساء المغرب وجمعية "شروق" وجمعية "بوصلة" وغيرها وجهت عدة نداءات ومراسلات تطالب بأخذ الحيطة والحذر وتوفير الحماية ضد أي شكل من أشكال الاستغلال لهذه الفئات الهشة، خاصةً أمام تدفق أفواج من المتطوعين لإيصال المساعدات الإنسانية، وخصت بالذكر تزويج الطفلات.

وبينت أن رئاسة النيابة العامة وفي تفاعلها مع المطالب، أصدرت مذكرة لمنع إعطاء الأذونات بزواج القاصرات خلال الفترة التي أعقبت وقوع الزلزال، وهي نقطة اعتبرته الحركة النسائية والحقوقية في المغرب نقطة إيجابية، مشيرةً إلى أنه ميدانياً تم رصد غياب تام لسبل الحماية في مجموعة من القرى التابعة لجماعة ثلاث نيعقوب وجماعة إغيل (بؤرة الزلزال) وجماعة إجوكاك، وبالتالي فالمنتظر هو عمل القطاعات المسؤولة وتحمل الدولة لمسؤوليتها في هذا الأمر.

ويبقى الجواب على سؤال ما هي سبل الحماية التي ينبغي توفيرها للنساء والفتيات ليست محصورة في العدد ولا في كيفية التدخل بشكل مباشر، لكنها تدخل ضمن التوجهات العامة للتدخل، شريطة أن تكون مبنية على مقاربة النوع لكي توفر الحماية للنساء حسب قولها.

وحول إذا ما كان المغرب يتوفر على برامج في سياساته العمومية لحماية الفئات الهشة أثناء الكوارث الطبيعية والأزمات قالت سناء زعيمي، للدولة برامجها وقوانينها خاصة قانون العنف ضد النساء ومجموعة من الخطط التابعة لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة كخطة "إكرام 1" و" إكرام 2" و"مغرب تمكين"، وبالتالي فهي برامج شاملة لكنها تتضمن الجانب المتعلق بحماية الفتيات من الزواج القسري.

ونوهت إلى أن عبارة الزواج القسري يبقى من الصعب ضبطها قانوناً، لأن عقد الزواج لا يبرم إلا بوجوب القبول من الطرفين، لكن إذا كان الزواج القسري ضمن الظروف القسرية الاقتصادية والهشاشة وعدم الاستقرار فلا يمكننا الحديث عن زواج قسري بمفهومه القانوني بقدر ما يمكن اعتباره هروب من الظروف الاقتصادية الهشة والصعبة، إضافة إلى الهروب من عدم الاستقرار، خاصةً في ظل بطء إعادة الإعمار.

وعن تدخل فدرالية رابطة حقوق النساء، شددت على أن هذه الأخيرة وبعد تنظيمها لعدة قوافل تضامنية شملت تسع دواوير متضررة من الزلزال في عدة جماعات قروية، وقفت على ضرورة إدراج المقاربة التشاركية التي ينبغي أن تدرج النوع والمساواة، من خلال إشراك النساء في وضع البرامج والخطط في إعادة الإعمار، حيث سجل للأسف تغييب تام للنساء من هذه البرامج في عدد من الجماعات القروية التي تمت زيارتها ميدانياً.

وخلصت بالقول إلى أن مقاربة النوع تغيب بشكل أو بآخر حتى في السيرورة العادية لتدبير الأزمة، وليس فقط في التدخلات الاستعجالية، وسجلت غياب هذه المقاربة بشكل كبير في مخططات التنمية الجهوية لجهة مراكش، أسفي، وسائر جهات المغرب ككل "أن الإشكالية تكمن في كون هذه البرامج منذ الإعداد وحتى التفعيل لا يتم الأخذ فيها بعين الاعتبار مسألة النوع والمساواة بين الجنسين".