أوضاع بيئية كارثية في ظل استمرار الحرب على غزة

أكدت الناشطة البيئية صابرين عفانة، أنه نتيجة انتشار القمامة وغياب دور عمال البلدية وتعطل محطات معالجة المياه إضافة لاستمرار الحرب، بات الوضع البيئي في قطاع غزة كارثي والذي سيتسبب بتفشي الأمراض والأوبئة.

رفيف اسليم

غزة ـ منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والوضع البيئي في تدهور مستمر، فمن أكوام النفايات التي أغرقت الشوارع وحتى برك الصرف الصحي وقطع الأشجار بات السكان يعانون من مشكلات مختلفة، طالت الجوانب الصحية وأفقدت المدينة مظهرها الجمالي بشكل كامل، خاصةً بعد تهدم غالبية مبانيها، لتتحول إلى لمدينة أشباح بشكل فعلي.

قالت الناشطة البيئية صابرين عفانة أن الوضع البيئي في قطاع غزة كارثي نتيجة انتشار أكوام القمامة في شوارع المدينة وغياب دور عمال البلدية الذين كانوا يتخلصون منها بشكل يومي إما عن طريق الحرق أو الدفن بعيداً عن مركز المدينة، يضاف لذلك برك الصرف الصحي الناتجة عن الاستهداف المباشر للبنى التحتية وتعطل محطات معالجة المياه نتيجة شح الوقود الذي يمنع إدخاله منذ 9 أشهر.

وعن خطورة انتشار أكوام القمامة في الشوارع أوضحت، كون الأطفال يلعبون بجانبها قد تتعثر الكرة داخل تلك الأكوام ويعود الأطفال لالتقاطها دون تعقيم الأمر الذي يتسبب بكوارث صحية وسط غياب المناعة لديهم، عدا عن انتشار الحشرات كالبعوض الذي باتت لدغته تخلف تورم يضاهي الحرق مع عدم وجود أدوية، إضافة لتزايد حالات الحرق التي ترفع من نسب التلوث في الجو بالتالي ترفع درجات الحرارة وتتسبب بتهيج الأمراض الصدرية والاختناق وبعض أنواع السرطانات.

وأشارت إلى أن الوضع البيئي كان متردياً قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لكن بالمقابل كان هناك اهتمام من قبل المؤسسات والأفراد للعناية به مع وجود عشرات المبادرات الفردية والجماعية التي كانت تنفذ في كل شهر، مما ساهم في تطور الوعي البيئي لدى الأفراد خاصة الأطفال والنساء، لكن اليوم مع الظروف الاستثنائية التي يعشيها القطاع باتت تلك الأفكار رفاهية لدى قاطني مدينة تفشا بها الجوع والموت.

وأضافت أن الوضع في شمال وجنوب قطاع غزة هو ذاته حيث تسبح المياه العادمة مخترقة خيام النازحين مما تسبب بظهور أنواع من الحشرات والزواحف لم يكن السكان تعرفوا عليها من قبل، مسببةً جملة من الأمراض أبرزها الكبد الوبائي (أ) المعروف بالصفار أو اليرقان بين المرضى والذي ينتشر عن طريق البراز، إضافة لمرض السحايا والأمراض الجلدية كالجرب والقمل وغيرها.

ولفتت إلى أنه لم يتلوث الجو فقط في مدينة غزة بل طال باطن الأرض حتى المياه الجوفية فالسوائل السامة التي تنتج عن القمامة مخترقة التربة من جهة والمياه العادمة (الصرف الصحي) من جهة أخرى، والتي كان يتم التخلص منها بطرق مختلفة سواء بالتكرير أو ضخها بالبحر أو بوادي غزة، وكلا الطرق اليوم غير متاحة مما أدى إلى تخزينها في شبكات الصرف الصحي الخاصة بالمنازل.

وما زاد الوضع سوءً قطع الأشجار في مدينة غزة بسبب انقطاع غاز الطهي عن منطقة الشمال منذ أكثر من 9 أشهر، وفقدانه في الجنوب منذ عدة أشهر ماضية، فاضطرت العائلات لقطعها بهدف التحطيب وإعداد ما تيسر من الأطعمة والمشروبات الساخنة بالتالي تحولت غزة لسحابة كبيرة من الدخان الأسود الذي يخيم على الأجواء إضافة لمخلفات العدوان الأخرى وفقاً لقولها.

ونوهت إلى أنه على الرغم من ارتفاع معدلات التلوث بشكل كبير، إلا أن النساء في قطاع غزة لا تزلن تحاولن حماية ما تبقى من المظاهر البيئة فساهمنا في زراعة الأشتال بعلب الفول المعدنية بعد تنظيفها من أجل إعادة تدوير الأكوام الحديدية أو استخدام الكبيرة منها كموقد للنار بدلاً من حرقها وتكويمها في شوارع المدينة بشكل مريع، كما أنهن استخدمن بقايا الشاي والقهوة كسماد طبيعي وقد نجحن بالفعل ونمت تلك الشتلات.

وبينت أنه نتيجة لحالات النزوح المستمرة قامت النساء باستخدام العلب الزجاجية لوضع السكر والملح والبهارات داخلها، كما أنهن استفدن من العلب البلاستيكية كصحون، مشيرة إلى أن هناك بعض الفنانات التشكيليات استخدمن تلك المواد في بناء الخيام أو إعداد اللوحات لتخفيف من حدة الآثار النفسية التي بتن تعانين منها مؤخراً، على أمل تحسن الوضع البيئي والمعيشي لجميع النساء في مدينة غزة عما قريب.