أنشطة التعدين تهديد للبيئة وسبل العيش في روانسر ومطالبات بالتحرك

شهدت قرية شيشبيد في روانسر، شرق كردستان، توسعاً كبيراً في أنشطة التعدين مما أدى إلى تدمير المراعي والموارد الطبيعية وأثر سلباً على سبل عيش السكان المحليين، مما أثار احتجاجات بين الأهالي الذين واجهوا تهديدات من قبل المسؤولين.

سونيا حسني

روانسر ـ في جبال مدينة روانسر التابعة لمحافظة کرماشان شرق كردستان، كانت الينابيع تتدفق في الماضي وكانت الماشية تتجول، واليوم تتسبب آلات التعدين بتدمير النظم البيئية وسبل عيش المزارعين ومربي الماشية.

تقع قرية "شيشبيد" في مدينة روانسر التابعة لكرماشان شرق كردستان، بدأت أنشطة التعدين في هذه المنطقة منذ أيار/مايو من عام 2021 وفي السنوات الأخيرة، شهدت جبال ومراعي تلك القرية أنشطة تعدين واسعة النطاق وبدأت تتوسع يوماً بعد آخر خاصة في مختلف أنحاء هذه المنطقة مع وجود المستثمرين من مدينة همدان، وبدأت هذه الأنشطة بوعود الإنتاج وخلق فرص العمل للسكان المحليين، ولكن سرعان ما كانت لها عواقب وخيمة على النظم البيئية للمنطقة وسبل عيش السكان.

وتمكنت مجموعة من همدان، من خلال استغلال الخرائط الجوية والإيجارات السياسية، من الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي في المناطق الجبلية ومراعي روانسر، في حين لم يكن لدى السكان الأصليين أي معلومات دقيقة حول هذه العملية، وفي بعض الحالات، تم توجيه تهديدات لمنع احتجاجاتهم.

وتسببت هذه الأنشطة في تدمير واسع النطاق للموارد الطبيعية، بما في ذلك المراعي والينابيع، مما أدى إلى مشاكل بيئية واجتماعية، وأدى التعدين غير المستدام للمعادن باستخدام الآلات الثقيلة إلى فقدان الغطاء النباتي والتلوث البيئي وحركة الشاحنات والآلات الثقيلة على الطرق، مما يشكل العديد من المخاطر على سكان المنطقة.

وتأتي هذه الإجراءات في الوقت الذي تعاونت فيه السلطات المحلية في كثير من الحالات مع أصحاب هذه المناجم بدلاً من الدفاع عن حقوق الأهالي، ولا تشكل هذه القضايا تهديداً خطيراً لسبل عيش المزارعين ومربي الماشية فحسب، بل تتسبب أيضاً في تدمير النظم البيئية الإقليمية التي كانت جزءاً من التراث الطبيعي لإيران لسنوات عديدة.

ويطالب أهالي روانسر مسؤولي المدينة والإقليم بالتحرك في أسرع وقت ممكن، ونظراً للمشاكل التي نشأت لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية الموارد الطبيعية، استمرت الأمور على هذا المنوال، فقد لا يتبقى فيها أي شيء من رأس مالها الطبيعي للأجيال القادمة.

 

التحقيق في التأثيرات البيئية لاستخراج السيليكا

على الرغم من تطبيقاتها الواسعة في مختلف الصناعات، فإن استخراج معدن السيليكا له تأثيرات ضارة على البيئة، إن أنشطة التعدين في هذه المنطقة إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح، يمكن أن تؤدي إلى تدمير موارد المياه، وتلوث التربة، وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الطبيعية والبشرية.

وتتطلب عملية استخراج السيليكا كميات كبيرة من المياه، وهو ما يتنافس بشكل مباشر مع الاحتياجات الزراعية والبشرية في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، كما أن دخول المواد الكيميائية والنفايات المعدنية إلى الينابيع والأنهار والخزانات الجوفية يؤثر بشدة على جودة الموارد المائية ويهدد النظم البيئية المائية.

وأثناء طحن ومعالجة السيليكا، يتم إطلاق جزيئات الغبار الدقيقة في الهواء، مما قد يعرض صحة العمال والمقيمين القريبين للخطر على المدى الطويل، ومن بين العواقب الخطيرة الناجمة عن استنشاق هذه الجزيئات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، وتهيج مجرى الهواء، وخطر الإصابة بمرض السحار السيليسي.

وتؤدي أنشطة التعدين مثل بناء الطرق والحفر ونشر الآلات الثقيلة إلى تدمير الموائل الطبيعية وتدمير الغطاء النباتي وفي نهاية المطاف تقليل التنوع البيولوجي، ويؤدي فقدان النباتات المحلية أيضاَ إلى تآكل التربة وزيادة التصحر، ويؤدي السحب المتكرر لموارد المياه أثناء عملية استخراج السيليكا إلى انخفاض مستويات المياه الجوفية وتدمير طبقات المياه الجوفية، ويشكل هذا تهديداً خطيراً لأمن المياه للمجتمعات المحلية على المدى الطويل.

وترتبط مناطق التعدين عادة بالمخاطر الفيزيائية والكيميائية؛ بما في ذلك الانهيارات الأرضية، والتسربات الكيميائية، والضوضاء غير الطبيعية، والاهتزازات الناجمة عن الآلات الثقيلة، وتهدد هذه العوامل الصحة البدنية والنفسية للموظفين والمقيمين بالقرب منهم.

 

"تقدم التعدين"

وحول ذلك قال مجلس إحدى القرى في روانسر إن "المناجم تتقدم قاموا ببناء منجم آخر فوق قرية شيشبيد، ومن المقرر أن يتم بناء مناجم جديدة ويتم إعدادها على جبل سركوه في قرية جراب، وكذلك جبل أنجيره في قريتي ممان صوفلي وأوليا، ماذا سيحدث حقاً لهذه المراعي مع هذه الألغام؟ إن المراعي التي كانت خصبة وكنا نستخدمها في السابق، بالإضافة إلى جمالها الطبيعي، لم تعد تتمتع بأي إطلالة الآن، لذلك عقدنا اجتماعات مع المجلس المحلي ورئيس قرية روانسر لمنع تقدم هذه الألغام المدمرة، ولا أحد من السكان المحليين سعيد بهذا التقدم، والإجراءات القانونية جارية على أمل أن نتمكن من فعل شيء من أجل تربتنا وأراضينا".

وعن الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للأحداث الأخيرة، قالت عالية مرضية إحدى سكان قرية شيشبيد "عندما بدأت مشاريع التعدين في المنطقة، وعد أصحاب هذه المناجم السكان المحليين بأنه من خلال بناء المنجم، سيتم خلق فرص عمل لهم أيضاً، وأثارت هذه الوعود تفاؤل العديد من السكان بشأن تنفيذ الخطة، ورغم مخاوفهم، لم يبدوا أي معارضة، ولكن بعد بدء عمليات التعدين أصبح من الواضح أن معظم أعمال التعدين كانت تتم باستخدام الآلات الثقيلة، وفي الممارسة العملية تم توظيف عدد محدود من القوى العاملة وغالباً ما يكونون من غير المواطنين الأصليين الذين تم تجنيدهم من مناطق أخرى، ونتيجة لذلك حُرم السكان المحليون من فرص العمل التي وعدوا بها".

وأشارت إلى أن نشاط هذه المناجم تسببت بزيادة حادة في حركة الشاحنات والآليات الثقيلة على الطرق المحلية، وبات الطريق الذي كان في السابق آمن نسبياً يشهد الآن حركة مرور كثيفة للمركبات باستمرار، ولم يتسبب هذا في تدمير الطرق الإسفلتية وزيادة الغبار في المنطقة فقط، بل أدى أيضاً إلى وقوع العديد من الحوادث وتعريض سلامة السكان للخطر، وخاصة الأطفال وكبار السن.

 

أضرار لا يمكن إصلاحها

وأوضحت أنه أثناء عملية بناء الطرق وعمليات التعدين، تم تدمير جزء كبير من المراعي والأراضي الطبيعية "كانت هذه الأراضي تُستخدم في السابق لرعي مواشي المزارعين المحليين ولعبت دوراً مهماً في تأمين سبل عيش الأسر الريفية، إن تدمير هذه الموارد الطبيعية تسببت بأضرار لا يمكن إصلاحها لصناعة الثروة الحيوانية في المنطقة وجعل حياة العديد من الأسر صعبة".

وأضافت أنه في وقت سابق تجمع أهالي القرية احتجاجاً على أنشطة التعدين في مراعي شيشبيد "لم نطالب إلا بحقنا الطبيعي، المراعي التي كانت مصدر علف لماشيتنا لسنوات دُمرت الآن على يد أصحاب المناجم، منع الأهالي عمال المناجم من العمل بشكل سلمي، ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى وصلت قوات الأمن إلى مكان الحادث وساد التوتر فجأةً وقاموا بإطلاق النار على الأهالي وأدى ذلك إلى إصابة امرأتين، أراد الأهالي الاحتفاظ بأرضهم، ولم يكن هناك أي عنف من جانب القرويين، ولكن ردنا لم يكن سوى الرصاص".

وأكدت أن قوات الأمن قامت باعتقال عدد من الأهالي واقتادتهم إلى مكان مجهول "لم تكن لدينا أية معلومات عن وضعهم، وكان اثنان آخران من السكان قد احتجزا في سجن ديزل آباد في كرماشان لمدة أربعين يوماً قبل ذلك اليوم بسبب احتجاجهما على نفس أنشطة التعدين".

ولفتت عالية مرضية إلى أن المسؤولين المحليين لديهم دور في ذلك من خلال تعاونهم مع أصحاب المناجم بدلاً من الدفاع عن حقوق الأهالي، وتمت الاعتقالات بناء على أوامر منهم "لقد أعطتنا هذه القضية شعوراً بعدم الأمان في القرية".