تديره النساء... افتتاح أول مصنع لإعادة تدوير البلاستيك بقطاع غزة

تعمل ما يقارب 300 امرأة من محافظات مختلفة شمال وجنوبي قطاع غزة على مشروع إعادة تدوير البلاستيك الذي يعتبر من أهم المشاريع الخضراء.

رفيف اسليم

غزة ـ يعتبر البلاستيك مادة مضرة للبيئة نظراً لصعوبة تحللها وما تنتجه من مواد سامة تؤثر على التربة والمياه الجوفية بعد عملية التحلل، من هنا جاءت الفكرة لتحويل البلاستيك المستخدم إلى صناعة جيدة تكسب عبرها الناجيات من العنف الحد الأدنى من احتياجاتهن، من خلال افتتاح أول مجرشة تديرها النساء في قطاع غزة.

فبالتعاون مع مركز شؤون المرأة استطاعت الشابتان ولاء أبو طير وأسماء طموس افتتاح أول مصنع لإعادة تدوير البلاستيك المستخدم تحت إداراتهن، مستعينات بالنساء للعمل على تجميع البلاستيك مقابل قسائم شرائية مفتوحة، لتتولين إتمام بقية المهمة.

عن مشروع تدوير البلاستيك تقول ولاء أبو طير "كان من المفترض أن تقدم فكرة نوعية للمركز كي يتم العمل عليها، فوقع الاختيار على البلاستيك، وبقيت آلية تنفيذ المشروع ورسم المخططات ودراسة الجدوى هي الفيصل في قبول المشروع من قبل مركز شؤون المرأة"، لافتةً إلى أنه بعد الكثير من الجهد والمحاولات الدؤوبة تم العمل على تنفيذه منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2022.

وبدورها أوضحت أسماء طموس أن المشروع مر بعدة مراحل، بداية من الجمع الذي استهدف مشاركة مجموعة نساء من عدة مناطق في قطاع غزة منها دير البلح، وخانيونس، ورفح، وحتى إيجاد مكان مناسب وتهيئته للبدء بتقديم منتج ملموس، وهذا ما حدث عبر إنتاج كميات وفيرة من البلاستيك تم بيعها للسوق المحلي والموردين.

وتمر عملية إعادة التدوير في المصنع بثلاث مراحل أولها الجرش حيث تستقبل الآلة الأولى البلاستيك المجمع وتعمل على جرشه، لينتقل خلال المرحلة الثانية إلى المغسلة التي تقوم بغسله وتطهيره من أي ملوثات "في آخر خطوة ينقل البلاستيك المجروش والمغسول إلى المجفف وهي الآلة الثالثة والأخيرة في المصنع التي تعمل على تخليص المادة الخام من الماء العالق فيها، ليصبح جاهز بشكل كامل لتعبئته وإيصاله للموردين".

وتتمنى أسماء طموس وولاء أبو طير، أن يتم توسيع المشروع لتعمل خلاله العديد من النساء برفقتهن، غير آبهات بالعقبات التي قد تواجههن خلال الفترة الحالية في سبيل المضي قدماً ليصبح مكانهن المصنع الأول المسؤول عن إعادة تدوير البلاستيك وتصديره بغزة.

وعن مشروع تدوير البلاستيك في قطاع غزة، قالت المنسقة الميدانية في مركز شؤون المرأة إسراء الخواجة، إن الهدف من المشروع هو تمكين النساء من خلال إتاحة عمل لهن صديق للبيئة يعمل على مكافحة آثار التغيرات المناخية التي باتت تعاني منها المدينة، عبر إنشاء مشروع مبتكر تديره النساء تحت مسمى "تمكين النساء ورياديات الأعمال من مكافحة الآثار السلبية للتغير المناخي".

وأضافت أنه وقع الاختيار على البلاستيك دون غيره من المواد القابلة لإعادة التدوير بسبب توافره واستخدامه بكثرة في البيوت، وتشكيله نسبة كبيرة من النفايات الصلبة التي كان من الواجب التخلص منها بطريقة آمنة على صحة النساء والبيئة المحيطة، فبدأت الجلسات التثقيفية مع النساء لتوعيتهن بأهمية الحفاظ على البيئة ودور كل منهن في المشروع خلال الأيام المقبلة.

ويعد أكثر ما أثار استغراب إسراء الخواجة هو عدم معرفة بعض النساء بأن البلاستيك يعتبر من النفايات الصلبة الضارة بالبيئة، فوجب العمل معهن من نقطة صفر حتى تشكلت لديهن المعرفة الكافية، لافتةً إلى أنهن قمن بجمع البلاستيك من بيوتهن والبيوت المجاورة لهن، فأصبح لديهن ما يقارب 15 طن من المادة الخام استطعن بعدها العمل على تعقيمها وغسلها بأدوات خاصة، ومن ثم جرشها لتسليمها إلى المصانع.

ونوهت إسراء الخواجة إلى أنه خلال العمل مع النساء تم إخبارهن منذ البداية أن للبلاستيك أنواع ولا يصلح تدوير جميع ما تجدنه في طريقهن، بل كن تتبعن في عملية الجمع أرقام ترميزية خاصة وهي 2/4/5 ليصبح ما تم تجمعيه ذات صفات واحدة، فيما تم البعد بشكل كلي عن الأنواع الضارة منها التي قد تعود على صحة النساء بضرر، مشيرةً إلى أنه تم العمل على المشروع من قبل 300 امرأة تم اختيارهن من محافظات مختلفة.

ويعد مشروع إعادة تدوير البلاستيك أحد المشاريع الخضراء التي يجب العمل عليها لعدة أسباب أهمها أن تلك المادة ينتج عن تحللها مواد سامة تتسرب للخزان الجوفي، بالتالي تصبح كل من المياه والتربة والمزروعات مستهدفين بشكل أكبر مع وجود التغيرات المناخية التي باتت تهتك النظام البيئي في قطاع غزة، خاصةً بعض الأنواع الأكثر سمية التي لا يسمح بإعادة تدويرها كزجاجات المياه ذات الجودة الرديئة، بحسب ما أوضحته إسراء الخواجة.

وأضافت أنه تم التركيز خلال المشروع، على ربات البيوت لإشراكهن في عملية حماية البيئة من الممارسات الجائرة التي تتعرض لها من قبل السكان، واللواتي قد لا تكن على دراية بمعرفة الآثار الناجمة عن تلك السلوكيات، لافتةً إلى أن تلك الفئة هي من تبني المجتمع.

وقد لاحظت إسراء الخواجة إقبال كبير من قبل النساء اللواتي كن السبب الأساسي في نجاح المرحلة الأولى من المشروع، ربما لأنهن شعرن أن نجاحه هو تقدم لهن، الأمر الذي حسن من الصحة النفسية للكثير من النساء العاملات وشكل دعم نفسي لأخريات كن قد فقدن الأمل في مواجهة أعباء الحياة، مشيرةً إلى أنه قدم لهن قسيمة شرائية مفتوحة كنوع من أنواع المكافأة على جهودهن لتلبية احتياجاتهن من المأكل والمشرب كخطوة أولى.

وأوضحت إسراء الخواجة أن تطوير المشروع يعد من أحد الأهداف المستقبلية للمركز، لأنه جعل العديد من النساء في مناطق أخرى تطالبن بالعمل على مشروع مشابه، لذلك خلال الفترة المقبلة سيتم فتح مجارش جديدة في مناطق مختلفة من قطاع غزة، مضيفةً أن المنطقة التي تم استهدافها هي مكان نائي يفتقر للخدمات، وسيتم خلال الأيام المقبلة المواصلة في استهداف ذات الفئة لتقديم المساعدة لها.