من سائقة دراجة نارية إلى صاحبة مكتب دليفري في الصعيد

هبة أشرف كسرت قيود العادات في الصعيد، لتثبت أن الإرادة والعمل الجاد يصنعان النجاح، فبدأت كسائقة دراجة نارية، ثم أسست مكتب دليفري (توصيل)، ملهمة النساء بقوة العزيمة وتحقيق الذات.

إيمان سمير علي

مصر ـ في صعيد مصر، حيث تتجذر العادات والتقاليد، تبرز قصة هبة أشرف التي لم تستسلم لظروفها بل اختارت أن تواجه التحديات بعمل شاق طالما ارتبط في المجتمع بالرجال. تعلمت قيادة الدراجة النارية، وبدأت رحلتها في مجال توصيل الطلبات، لتتحول من تجربة فردية إلى مشروع ناجح.

هبة أشرف، ابنة صعيد مصر، متزوجة ولم ترزق بالأطفال، كما أن زوجها مريض وغير قادر على العمل، لتجد نفسها أمام أعباء مالية ثقيلة وديون ومتطلبات علاج زوجها، كما تولّت تربية ابن شقيقة زوجها بعد وفاة والدته، وأصبحت مسؤولة عنه في جميع نفقاته ورعايته.

قررت هبة أشرف أن تنزل إلى ميدان العمل، فطلبت من شقيق زوجها أن تعمل معه في مجال توصيل الطلبات، ورغم استغراب الجميع، لكون هذه المهنة شاقة وتعد في عرف الصعيد من الأعمال الخاصة بالرجال، إلا أنها أصرت على موقفها حتى وافق شقيق زوجها.

اشترت هبة أشرف دراجة نارية، وتعلمت قيادتها في أربعة أيام فقط، ورغم الصعوبات التي واجهتها في البداية، فقد استطاعت مع مرور الوقت أن تُتقن القيادة وتصبح سائقة ماهرة.

بدأت عملها مع إحدى الشركات التي كانت توصل لها الطلبات، ثم قررت العمل لحسابها الخاص، كان لها رقم تواصل خاص بها، وبدأت في تلقي الطلبات مباشرة من الزبائن، ومع الوقت كونت قاعدة عملاء، أغلبهم من النساء اللواتي كُنّ يطلبن منها توصيل احتياجات متنوعة من خضروات وأدوية وغيرها.


         


        

وعن ردود أفعال الأهالي، تقول "في البداية، كانت فكرة أن ترى امرأة تقود دراجة نارية في الصعيد مفاجِئة للجميع، فالعادات والتقاليد لا تقبل ذلك، لكن مع مرور الوقت تغيّر الموقف تماماً، وفوجئت بتشجيع الناس ودعمهم لي".

بعد فترة من العمل الجاد، افتتحت هبة أشرف أول مكتب دليفري (توصيل) خاص بها، وأنشأت صفحة على موقع التواصل الافتراضي "فيسبوك" للإعلان عنه، ووظفت عدداً من العمال معها، وتوسّع المكتب ليغطي مدن ومراكز مختلفة، وأصبح معروفاً في مدينة أسيوط بالكامل والمراكز التابعة لها، وله زبائن يعتمدون عليه بشكل كبير.

في النهاية تتمنى أن يكبر مشروعها ليصبح شركة كبيرة لتوصيل الطلبات، وتزيد من عدد العاملين معها، موجهة رسالة لكل فتاة وامرأة "أخرجي إلى العمل، فليس في العمل عيب، وكوني قوية، ولا تخافي من كلام الناس، فكل من يعمل بجد ويجتهد ينجح ويحقق ذاته مهما كانت الصعوبات".

قصة هبة أشرف ليست مجرد تجربة شخصية، بل هي انعكاس للتحولات الاجتماعية والاقتصادية في صعيد مصر، حيث كسرت القيود التقليدية التي تحصر النساء في أدوار محدودة، لتصبح نموذجاً للمرأة المكافحة التي تواجه الظروف القاسية بالعمل والإصرار.