من إدارة البنوك إلى مؤسسة فرن... كيف غيرت جنان حايك الصورة النمطية للنساء

حولت العديد من النساء في لبنان الأزمة الاقتصادية التي حلت بالبلاد إلى فرص لكسر الصور النمطية عنهن، فقمن بافتتاح الورش والأفران وغيرها من الأعمال وتعلم مهارات جديدة في محاولة منهن الصمود في وجه الظروف الصعبة التي تواجههن.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ لم تستسلم مديرة أحد مصارف لبنان سابقاً جنان حايك للأزمة الاقتصادية التي تكابدها بلادها، وبعد عمل وكفاح تمكنت من إنشاء فرن للمعجنات أطلقت عليه اسم "فرن النسوان" حاولت من خلاله إظهار الدور المغيب للنساء خلال الأزمات.

بعد أن استقالت من عملها كمديرة في أحد المصارف بلبنان إثر الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، قامت جنان الحايك البالغة من العمر 50 عاماً في أواخر آب/أغسطس عام 2021 بإنشاء فرن للمعجنات تحت اسم "فرن النسوان" في بلدة بكفيا بقضاء المتن.

وعن الأسباب التي دفعتها لتأسيس هذا المشروع قالت جنان الحايك "عملت سابقاً في القطاع المصرفي لمدة 28 سنة لكن نظراً للأزمة الاقتصادية كنت مجبرة على ترك عملي، وحتى يكون المشروع ناجحاً تلقيت العديد من الدروس عن ريادة الأعمال في الجامعة مع ابني وذلك بعد انتهاء دوامي في البنك مساء، وبعد انتهاء هذه الدروس تمكنت من إنشاء الفرن، هذه الفكرة كانت شبه جاهزة لكن تركتها للفترة بعد التقاعد إلا أن الأزمة الاقتصادية غيرت كل شيء، عملنا يحتاج للكثير من الصبر والوقت، وعلينا تقديم أفضل الخدمات للعملاء منها النظافة والنوعية والجودة، هذا المشروع جذب العديد من وسائل الإعلام وذلك ساهم بانتشار صوته وصداه أكثر".

وأوضحت أنها "استعنت بالخبيرة في هندسة التصميم الداخلي سهى عطية حيث قامت بتجهيز الفرن، وخلال أقل من ثلاثة أشهر تمكنا من افتتاح الفرن وبدأنا العمل، أسعى حالياً إلى توسيع المشروع نظراً للنجاح الذي لاقاه خلال فترة قصيرة والإقبال الكبير عليه".

وعن سبب تسمية المشروع بـ "فرن النسوان" أكدت "هدفي كسر الصورة النمطية حول أن النساء كثيرات الكلام وقليلة النفع والفائدة، أردنا أن نظهر الصورة الحقيقية لهن وأنهن بمقدورهن فعل الكثير على الرغم من التهميش والاضطهاد والتغييب الذي تعيشه المرأة".

وحول التحديات التي واجهت مشروعهن قالت "أحاول استقطاب اللبنانيات للعمل لكن البعض منهن تجدن هذا العمل غير مناسب لهن، لكنني تمكنت أخيراً من أقناع عدد منهن كونه عملاً لا يحتاج الكثير من الوقت وليس فيه تعباً جسدياً كأعمال الفلاحة والزراعة وغيرها، كنت أعاني في البداية لأجد لبنانيات تعملن معي، ولذا اضطررت للاستعانة بفتاتين أجنبيتين لأني لا أستطيع العمل لوحدي بالإضافة للبنانيتين بدأن العمل معي منذ افتتاح الفرن".

وأوضحت أنها تتعمد إشراك نساء بإعمار متقدمة كونهن لا تجدن عملاً يلائمهن أو ليس بمقدورهن تسويق منتجاتهن الغذائية "هدفي الأساسي توفير فرص عمل لجميع النساء، وتشجيعهن على تأسيس مشاريع حتى لو كانت صغيرة، والخروج إلى سوق العمل واكتساب الخبرة والأفكار".

وأضافت "على الرغم من وجود العديد من الأفران في المنطقة إلا أن مشروعنا مقصد للعديد من العملاء من مناطق مجاورة، كما نعمل على توفير الطلبيات الكبيرة في الأعياد، ولدينا أماكن لكل الأوقات فهناك مساحات لأيام الصيف ونحاول حالياً تجهيز جلسات تتلاءم مع أجواء الشتاء من خلال التوسع في المشروع، وهناك مشاريع أخرى أعمل عليها لتشجيع النساء لتكن أعضاء منتجة في المجتمع سواء بالأشغال اليدوية أو التصنيع الغذائي خاصة في مواسم صناعة المونة".

وبينت أن "مثل هذا النوع من المشاريع يشجع على زيادة الإنتاج الزراعي المحلي، فأنا أشتري نبات السلق والزعتر البلدي الزوباع من امرأة تزرعه كما أشتري القاورما (المصنع من الدهن واللحم) والزعتر البلدي للمناقيش من مصدر محلي، أشجع المقيمين في البلدة على الإنتاج بظروف طبيعية حتى يحصل الجميع على غذاء نظيف بدون ملوثات ومساعدة بعضنا البعض".

 

 

وقالت إحدى العاملات في الفرن وتدعى سميرة أشقر تعمل منذ ستة أشهر "آتي من بلدة بيت شباب القريبة وأقوم بتحضير الخضار، من خلال عملي هنا تمكنت من تأمين دخل لعائلتي".

وأوضحت العاملة لور دوركاس "بدأت العمل منذ أسبوعين، جو العمل هنا يبعث بالسرور والبهجة حيث تراودني فكرة أن افتتح ذات المشروع عند عودتي إلى كينيا".

من جانبها قالت مارغريت غالزون من كينيا "بدأت العمل منذ ثلاثة أسابيع وأنا سعيدة للغاية، وأتمنى العمل بمشروع كهذا في كينيا، فنحن ننتج في جو ملئ بالمحبة والتعاون، على الرغم من أنها تجربتي الأول في هذا المجال، إلا أنني تمكنت مع صديقتي من تعلمه بسرعة وبصورة جيدة".

 

 

كما قالت إحدى زبائن الفرن وتدعى مريان عيد "أقصد فرن النسوان منذ الأيام الأولى لافتتاحه كما أنني على معرفة سابقة بجنان الحايك فهي تتحلى بالعطاء والتسامح وتهتم بأدق التفاصيل والطعام التي تحضره مميز فالفطائر التي تحضرها لا نجدها في أفران أخرى مثل فطائر الكوسا والزوباع (الزعتر الأخضر) والبقلة (الفرفحين)، تحضر العديد من الأطعمة اللبنانية التقليدية، أقصد الفرن هذا دون غيره أيضاً لموقعه الجميل والهادئ البعيد عن الضجيج، كما ألتقي بالعديد من أهالي القرية هنا حيث نتبادل الأفكار ونتجاذب أطراف الحديث".