جزائرية تبعث الروح في الحجر والإسمنت

تُعتبرُ فوزية غباش واحدة من الجزائريات اللواتي أثبتن أن مجال البناء ليس صعباً على النساء فالمرأة قادرة على العمل فيه وباحترافية.

رابعة خريص

الجزائر ـ تحترفُ فوزية غباش "النقش على الحجر" و"الرسم بمسدس الرش باستعمال الألوان الزيتية"، لكن أعمالها تتميزُ بأسلوب فريد وُمميز يعكس شخصيتها وهُويتها الأدبية.

تتولى فوزية غباش أدواراً مُتنوعة بما فيها التدريب المهني المُتخصص في مهن البناء والهندسة المعمارية والمدنية وهي في نفس الوقت فنانة تشكيلية وكاتبة من مواليد 1982 مدينة "تازولت" الأثرية في مُحافظة باتنة عاصمة الأوراس وتقعُ على بُعد 425 كلم جنوب شرق الجزائر العاصمة.

ولها عدة مُؤلفات وبدأت مشوارها الأكاديمي بشهادة تدريب في فن الرسم على القماش وهي خريجة مدرسة الفنون الجميلة بمسقط رأسها وحاصلة على لقب الباحث العربي بامتياز من بريطانيا ومُتحصلة أيضاً على لقب سفيرة الفن التشكيلي الجزائري ومُدربة من المعهد الأمريكي للدراسات الاحترافية.

وشاركت في العديد من المُلتقيات والمُؤتمرات الوطنية والدولية منها المؤتمر الدولي الإبداعي بمصر، كما شاركت في مشروع الباحث العربي ببريطانيا وحصلت على لقب الباحث العربي بامتياز.

 

الجمع بين الجانب التطبيقي والأدبي

وفوزية غباش بصدد إنجاز تصميم جديد بقاعة "طبنة" للحفلات بمدينة باتنة وعن ذلك تقول "أجمعُ بين الجانب التطبيقي والأدبي، وأقوم في جميع أعمالي بتوثيق الصور والهدف الرئيسي من هذا هُو إصدار كُتب في الميدان"، فمثلاً أصدرت في التعليم المُتوسط عدة كُتب أهمُها كتاب السنة الأولى من التعليم المُتوسط بعنوان "أسرار وتقنيات قلم الرصاص" وكتاب آخر للسنة الثالثة مُتوسط بعنوان "أسرار وتقنيات الألوان المائية"، وأصدرت كتاباً آخر في مجال التقويم حمل اسم "اختبر ذكائك" الجزء الأول والثاني للتعليم المُتوسط، ومُباشرة بعد التحاقها بمركز التدريب المهني كأستاذة مُتخصصة في الطلاء والزخرفة أصدرت أربعة دلائل خاصة بالمُتربص وهي حالياً مُعتمدة من طرف وزارة التدريب المهني.

وكونها من "تازولت" وهي مدينة عسكرية رُومانية تبعد بـ 10 كلم عن مدينة باتنة، وهي أهم المدن الأثرية في الجزائر، تُحاول أن تضفي الموروث الثقافي والتاريخي لمدينتها على أعمالها، وتقول إنها "تُجسدُ نُقوش ورُسومات تحفظ تُراث منطقتها وجميع المناطق التي تحط الرحال بها"، وتُشير إلى أن "كل مدينة تزورها تقوم بتجسيد التُراث الخاص بها".

فمثلاً في مدينتها "تازولت"، تعكف على نحت الرُموز الرُومانية لأن المدينة شكلت أول عاصمة للمُقاطعة الرومانية نوميديا حتى أنها تتعمد اختيار الألوان التي تعكس تراث المنطقة وتُعبرُ عن معان عميقة وقيم ثقافية ورمزية.

 

مشاريع مستوحاة من التراث

وقد جسدت الفنانة والمعمارية الطموحة العديد من المشاريع على غرار مشروع محور دوران باشمول ومُجسم بمدخل مدينة تازولت وهُو عبارة عن شكل من الأشكال المُستوحاة من التُراث الأمازيغي الأوراسي، كما أنجزت مُجسماً لقلعة بالول وهُو نموذج مُصغر للقلعة التاريخية الواقعة في منطقة الأوراس بمُحافظة باتنة، وهي عبارة عن قلعة أمازيغية ضخمة بُنيت قبل حوالي 14 قرناً ومن أهم مُميزاتها أنها بُنيت وشُيدت بتصميم معماري استثنائي، كما أنها تركت بصمتها في العديد من الحدائق والمنتزهات والساحات العمومية.

وتتويجاً لهذا المسار الحافل بالبحوث والدراسات والإنجازات الميدانية، بادرت فوزية غباش بمشروع البصمة المهنية تحت شعار "معاً نلتقي.. وبالبصمة نرتقي"، والمقصود به حسبما شرحتهُ أن "الجميع معنيون بالمشروع، أساتذة ومتربصين وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة من أجل وضع البصمة في كل زاوية من الأماكن التي نزورها وقد زرنا أكثر من 10 مدن وآخر مشروع أنجزناه كان بمقر وزارة التكوين والتعليم المهنيين".

ويُعتبرُ مشروع البصمة المهنية مشروع تكويني وطني يُحقق التواتر المعرفي والمهاري في دورات تدريبية مجانية في كافة الاختصاصات للشباب المهني العاطل عن العمل وتم تبنيه كاستراتيجية في قطاع التدريب المهني.

وحول سُؤال ماهي الدوافع الأساسية التي دفعت بها إلى هذا العالم حتى أنها باتت تدرب رجالاً في الميدان؟ أجابت فوزية غباش "عندما كُنتُ أجلس في الحدائق والأماكن العامة أرى أن البناء وللأسف صار يفتقدُ للذوق الحضري والجمال الهندسي لذلك تساءلت دائماً لماذا لا نُحول الإسمنت من مادة جامدة إلى مادة حية ونقومُ بإنجاز منحوتات فنية من الحجارة تُساهم في الحفاظ على التُراث والتاريخ الجزائري ولهذا أعمدُ دائماً إلى إطلاق دورات تدريبية حتى أنها شملت المساجين إذ كان أول عمل قمت به بالتنسيق مع النزلاء في سجن تازولت".