اليمنيات بين التحديات والإنجازات... المسيرة مستمرة

تواجه النساء في اليمن تحديات عديدة منها العادات والتقاليد المجتمعية التي تقيدهن وتحد من حريتهن وحصولهن على الفرص، ما زاد الأمر سوءاً اندلاع الحرب منذ أكثر من تسع سنوات.

هالة الحاشدي

اليمن ـ تجد النساء ورائدات الأعمال في مدينة تعز اليمنية المحاصرة والمتضررة من الحرب، أنفسهن أمام ظروف قاسية تجعل من الصعب عليهن ممارسة أعمالهن بكفاءة وبشكل أفضل.

على الرغم من الصعوبات الجسيمة، إلا أن اليمنيات، وبشكل خاص رائدات الأعمال سطرن مواقف عبرن من خلالها عن قوة صمودهن أمام التحديات التي تعصف بحياتهن، وقدمن قصص نجاح ألهمن بها غيرهن من النساء وأثبتن من خلالها أنهن جزء لا يتجزأ من تطور وازدهار مجتمعهن.

ولا زالت اليمنيات خاصةً رائدات الأعمال منهن تواصلن تقدمهن وتبذلن مجهوداً من أجل تحقيق طموحاتهن، منهن إيمان العريقي البالغة من العمر 39 من مدينة تعز، رائدة أعمال ومدربة في مجال الاقتصاد المنزلي ومُنتجة للأغذية، بدأت بعدة مشاريع انطلاقاً من منزلها كان أولها تحضير الوجبات السريعة، ثم توجهت لمجال بيع الملابس والعطور والبخور، ونظراً للنجاح الذي حققته في المنزل قررت افتتاح المزيد من المشاريع لكن خارجه لتوسيع نطاق عملها وزيادة دخلها، لتلاحظ في وقت لاحقاً أن العمل خارج المنزل كان أكثر ربحاً بالإضافة لتعزيز الجانب الاجتماعي لديها علاقتها بالأخرين، الأمر الذي ساعدها على بناء شبكة علاقات قوية، بعد فشل عدة مشاريع قامت بافتتاحها لكن أغلقت بسبب الظروف الصعبة التي عاشتها تعز بسبب الحصار الخانق والحرب العنيفة.

وعن إطلاقها لمشروع "مزجان" عام 2018 وسط مدينة تعز قالت "على الرغم من الظروف الصعبة التي عانتها المدينة تمكنت من افتتاحه ليكون خطوة ريادية ناجحة داخل المدينة المحاصرة، إلا أنني واجهت العديد من التحديات خلال ذلك بما فيها التكلفة الباهظة للمواد الأولية وصعوبة الحصول عليها خاصة في ظل تدهور العملة المحلية، إضافة إلى تكاليف نقل البضائع وارتفاع تكاليف الطاقة والإيجار"، مؤكدةً على أنها مستمرة في تحدي الظروف والصمود لضمان نجاح المشروع، من خلال التخطيط لافتتاح فرع آخر بتصميم مميز يتضمن مساحة خاصة بالنساء، وسط هيكل يضم ثلاثة مشاريع في ذات البناء.

ولفتت إلى أن "التدريب على الصناعات الغذائية أصبح مجالاً هاماً ومُعترَفاً به في الوقت الحالي، فقد حصلت على شهادات من منظمات وشركات مُعتمَدة كمدربة، واستفدت من تجارب غنية بالمعرفة خلال سنوات عديدة منحتني الفرصة للتعرف على العديد من الشخصيات سواء داخل أو خارج مدينة تعز، وكذلك من خلال عملي في التدريب بنيت علاقات وثيقة مع العديد من الأشخاص وحققت شهرة واسعة، سواء في مجال الصناعات الغذائية أو فن الطهي"، مضيفةً "إلا أنه تواجهني تحديات عديدة كوني امرأة وزوجة وأم ورائدة أعمال ومدرّبة، ففي بعض الأحيان أكون مجبرة على السفر لإنجاح عملي وبالتالي أبذل جهداً مضاعفاً لتحقيق التوازن بين كل هذه الأدوار، وأنا في سعي دائم لأكون على قدر المسؤوليات الملقاة على عاتقي إلى جانب توفير الوقت لعائلتي وعملي، يجسّد العمل الشاق والتفاني الذي أقدمه تلك التحديات التي تواجهني، إلا أنني مصممة على تحقيق النجاح والتفوّق في مجالي".

وعن دور عائلتها في نجاحها قالت إيمان العريقي "بعد أن منحت أطفالي التربية والرعاية الكافية وإنشاء مشروع خاص بي وتجاوزي لكافة التحديات كمدربة، كان يجب بين الحين والآخر أن أسافر لخارج تعز لمتابعة سير عملي وتدريباتي، لقد كان الفضل الأكبر في ذلك تفهم عائلتي في تحقيق التوازن بين الحياة العائلية والمهنية".

وأضافت "تعلمت الكثير من تجربتي السابقة في تطوير مشروعي الأول، الأمر الذي ساعدني على تحسين كفاءتي في إدارة حياتي الشخصية والعملية، فبعد إغلاق مشروعي السابق الذي حقق ناجحاً ملحوظاً والإحباط الذي لحق بي، تمكنت من تخطي ذلك وكنت متحمسة لبدء مشروع الوجبات المتنوعة من المأكولات الهندية والمصرية والأجنبية، إلا أن الأمر لا يخلو من بعض العراقيل منها انقطاع التيار الكهربائي وفساد المواد، إلا أن توفر البيئة الآمنة نسبياً في تعز شجعني على مواصلة تقديم الخدمات والإصرار على تحقيق طموحاتي، خاصة أني شاهدت النساء تنشطن في سوق العمل خلال فترات الحروب وقمن بتأسيس مشاريعهن الخاصة وتحقيق النجاح والاستقلالية المالية".

ولفتت إيمان العريقي إلى أن "الاستمرار في التعلم والتدريب والتحسين الشخصي ضروري في حياتنا اليومية، ويُعد العمل خارج المنزل استثماراً ناجحاً مع توظيف أيدي عاملة وفتح مشاريع لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الوضع المالي للنساء، يمكن اكتشاف مجالات جديدة لزيادة الفرص وتحقيق الازدهار".