منارات إكمال مشروع حرية المرأة... زهرة وهبون وأمينة ـ 1
زهرة بركل، هبون ملا خليل، وأمينة ويسي، ثلاث نساء شجاعات كنّ من خلال عملهن الدؤوب ونضالهن، جزءاً فعالاً في استكمال مشروع حرية المرأة للقائد عبد الله أوجلان.

برجم جودي
كوباني ـ في القرن الحادي والعشرين رأت المرأة الكردية نفسها رائدةً في تنفيذ مشاريع القائد عبد الله أوجلان من أجل حريتها وحرية المجتمع، وتحمّلت مسؤوليتها، ورغم التضحيات الكبيرة التي قدمتها والمجازر التي تعرّضت لها، وهجمات الدولة القومية، استطاعت إكمال مشروع حرية المرأة والبدء بتطبيقه عملياً.
المشروع الذي وضعه القائد أوجلان أكملته النساء
يهدف القائد عبد الله أوجلان من خلال أيديولوجيته إلى بناء عالم حر، ديمقراطي، متساوٍ، وبيئي، ويطرح مشاريع حلول بناءً على ذلك. يعتبر القائد أوجلان أن جوهر الحل يكمن في شخصية المرأة، مؤكداً أن الحياة تتغير بالنساء.
وعلى هذا الأساس، جعل القائد أوجلان، المعتقل في سجن بتركيا منذ 27 عاماً، حرية المرأة مشروعه الرئيسي، ويقول "عندما وصلتُ لأول مرة إلى سجن جزيرة إمرالي، قلتُ إن عملي المتعلق بالمرأة مشروعٌ غير مكتمل".
بهذه الكلمات منح القائد أوجلان النساء إلهاماً لإتمام مشروعهن، وانطلاقاً من هذا المنظور بدأت نساء إقليم شمال وشرق سوريا ثورةً من أجل حرية المرأة والمجتمع والأمم في 19 تموز/يوليو 2012، واستندن في نضالهن إلى مبادئ القائد أوجلان ومشاريعه ونماذجه.
وبعد 13 عاماً من الثورة برزت خلالها فلسفة Jin Jiyan Azadî، و"مبادئ أيديولوجية تحرير المرأة"، و"العقد الاجتماعي النسائي"، استطاعت النساء الكرد أن يخطين خطوةً أخرى نحو بناء كونفدرالية نسائية وألهمت نساءً من مختلف الخلفيات والجنسيات. في هذا الإطار، أنجزت وأكملت النساء في جميع أنحاء كردستان وخارجها مشروعهن بشكل جماعي.
اكتمل المشروع، وحان وقت تنفيذه وتطبيقه
رحّب القائد أوجلان بهذا النضال وعمل المرأة قائلاً "منذ طفولتي، سعيتُ لأن أكون خير صديق ورفيق درب للنساء. يتجلى بحثي المتعلق بالمرأة الحرة في علاقتي بأمي. بقيتُ متمسكاً بأحلام طفولتي، عشتُ على هذا النهج، وحملتُ على عاتقي النضال من أجل حرية المرأة. عملي في مجال المرأة مشروعٌ بقي غير مكتمل. اليوم، اكتمل هذا العمل، ولم يبقَ إلا تنفيذه. لقد خلّف النضال من أجل حرية المرأة إرثاً بالغ الأهمية، وقد وصل هذا الإرث إلى يومنا هذا بتضحيات آلاف الأشخاص وأوجد قيمةً بالغة الأهمية".
عندما نتأمل هذه التقييمات والمشاعر، يتبادر إلى ذهننا فوراً المقاتلات اللواتي أصبحن بأرواحهن وأجسادهن نوراً وجزءً من إتمام هذا المشروع. ثلاث نساء من ميدان الثورة في كوباني لعبن دوراً في إنجاز هذا المشروع وتركن إرثاً مؤثراً، هنّ مقاتلات مجزرة حلنج.
محاولات نظام الدولة الذكورية تدمير مشروع المرأة
في شمال وشرق سوريا، شنّت الدولة التركية هجمات شرسة على ثورة المرأة والشعوب بطرق ووسائل مختلفة. وكأسلوب جديد، استخدمت الدولة التركية الطائرات المسيرة (SIHA) لأول مرة في ٢٣ حزيران/يونيو ٢٠٢٠ في هجماتها على المنازل والمدن. في هذا اليوم، استهدفت منزل عائلة وطنية في قرية "حلنج" شرق مدينة كوباني بطائرات مسيّرة، وبهذا الهجوم ارتكبت الدولة التركية مجزرة بحق المنظمة النسائية، أدت إلى مقتل كل من عضوة تنسيقية مؤتمر ستار زهرة بركل، وادارية مؤتمر ستار في بلدة شيران هبون ملا خليل، وصاحبة المنزل أمينة ويسي وهي عضوة تنسيقية مؤتمر ستار.
كان استهداف قيادات المنظمة ومشروع تحرير المرأة في قلب الثورة رسالة واضحة من الدولة التركية وأنظمة الدولة الذكورية. بعد هذا الهجوم، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية استهدفت الدولة التركية عشرات الناشطات والمناضلات الأخريات العاملات في مختلف مجالات الثورة.
انتصرت عزيمة النساء وإصرارهن في مواجهة الهجمات
ومثلما حدث في مجزرة حلنج، شُنت عشرات الهجمات المتتالية على النساء، وخططت الدولة التركية بشكل خاص لقتل أكثر النساء نشاطاً وتأثيراً.
ظنت الدولة التركية أنها بهذه الأساليب الجبانة ستضعف إرادة النساء، أو ستدفعهن إلى الخوف والتخلي عن مشروعهن، لكن النساء اللواتي أدركن هذه السياسات كن يقدمن رداً أقوى في كل مرة، وعندما كانت النساء يحملن جثامين رفاقهن في النضال على أكتافهن، كن يزغردن ويهتفن "نحن أكبر من الموت، والمقاومة حياة". بهذا الإيمان، حطمت النساء جميع العوائق الاجتماعية وعوائق النظام وأزلنها من طريقهن، وأعلن نجاح مشروعهن.
سيبقى اسمها دائماً محفوراً في ذاكرة الأجيال
زهرة بركل وُلدت عام ١٩٨٧ في قرية "برخبطان" جنوب كوباني. درست الابتدائية والثانوية في كوباني، وأكملت تعليمها الجامعي في حلب لمدة عامين. نشأت زهرة في عائلة وطنية، وكانت تتمتع بشخصية أصيلة وسمات قيادية.
وعُرفت بين عائلتها وأصدقائها وجيرانها كامرأة متواضعة، مسؤولة، منضبطة، واجتماعية. تركت بصماتها في العديد من المناصب والجهود خلال رحلتها نحو الحرية، وكان آخر عملها منسقة في مؤتمر ستار.
بعزيمة وتطلعات كبيرة، بدأت العمل في دار المرأة في عام 2012، من بعدها عملت على تنظيم المرأة في عام 2014، ثم في مجلس العدالة في عامي 2015-2016، وشغلت منصب الرئاسة المشتركة لبلدية الشعب في كوباني في عام 2017، وبدأت العمل في مؤتمر ستار في عام 2018.
زهرة بركل التي كرست كل وقتها للعمل من أجل تحرير المرأة وتتويج الثورة، أصبحت رمزاً ومصدر إلهام لكل النساء اللواتي عملن على استكمال مشروع تحرير المرأة.
عملت 21 عاماً من أجل إنجاح مشروع حرية المرأة
وُلدت الناشطة والثورية هبون كوباني، واسمها الحقيقي بديعة ملا خليل عام ١٩٨١ في قرية "حلنج" شرق كوباني. عرفت بوعيها بواقع الشعب الكردي وأوضاع المرأة، وانضمت إلى صفوف حركة التحرر الكردستانية. هبون ملا خليل، التي كرّست ٢١ عاماً من حياتها لثورة حرية المرأة، شاركت في الصفوف الأولى لثورة ١٩ تموز/يوليو، كما انضمت بخبرتها وتضحيتها وتفانيها كقائدة إلى مقاومة كوباني ضد داعش.
رغم معاناتها من سرطان الثدي، لم تتوقف المناضلة هبون ملا خليل عن الوفاء بوعودها وواجباتها لتحرير نساء وطنها، وظلت تناضل حتى اللحظات الأخيرة من حياتها.
الأم الوطنية أمينة ويسي
أمينة ويسي صاحبة المنزل الذي قُصف، وكانت ابنتها مزكين خليل عضوة منسقية مؤتمر ستار في تلك الفترة، فتحت منزلها لأنشطة حركة الحرية منذ التسعينيات. كانت أمينة ويسي البالغة من العمر 56 عاماً آنذاك، امرأة وطنية مضيافة، ربّت ابنتيها وأربعة أبناء على القيم الوطنية والحرية. أظهرت النهج نفسه والمشاعر والحب نفسه لجميع مناضلي حركة الحرية. بتضحياتها، تركت أمينة ويسي اسمها وعملها كثقافة وتراث لجميع النساء.
غداً: منارات إكمال مشروع حرية المرأة... زهرة وهبون وأمينة ـ 2