المرأة المصرية سيدة التاريخ ترزح تحت وطأة الذهنية الذكورية "10"
تُعد الحركة النسوية المصرية من أقدم الحركات النسوية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، قادتها الناشطة المعروفة هدى شعراوي منذ بدايات القرن الماضي، وما تزال النسويات يحملنَّ راية شعراوي حتى اليوم
الحراك النسوي المصري
مركز الاخبارـ ، ويخضنَّ الحرب التي لم تنطفئ نارها في أي يوم من الأيام مع المجتمع الذكوري والنظام الأبوي.
كان لاطلاع نساء مصر على وضع المرأة الفرنسية من خلال الحملة الفرنسية على البلاد دور مهم في ظهور الوعي النسوي. ظهر ذلك جلياً من خلال مؤتمر 1798م الذي يعد أول مؤتمر يأخذ بعداً نسوياً، ويناقش قضايا تخص المرأة بعيداً عن العمل الثوري الذي كان المساحة الوحيدة للنساء، وقد عقدنَّ هذا المؤتمر في محافظة رشيد بعد مشاركتهنَّ في مقاومة القوات الفرنسية التي غزت البلاد، وتمحورت النقاشات حول الاختلاف بين وضع المرأة المصرية والفرنسية داخل الأسرة.
قبل ذلك لم يظهر النشاط النسوي بشكل مستقل عن الثورة، كانت مشاركة النساء كما قد ذكرنا في الأجزاء السابقة في إطار المقاومة ضد الاحتلال العثماني والاستعمار البريطاني والفرنسي.
ثورة 1919 وبداية الحركة النسوية المصرية
شكلت مشاركة النساء في ثورة عام 1919م ضد الاحتلال البريطاني بداية الحركة النسوية المصرية، باعتبارها أول خروج عن العادات والتقاليد، وكسرٍ للمفهوم التقليدي حول دور المرأة في المجتمع المرتبط بالمنزل وتربية الأبناء، لكن قبل ذلك ساهمت آراء المثقفات من خلال إصدار مجلات نسائية، وعقد جلسات فيما يعرف بالصالونات الثقافية أشرفت عليها سيدات أمثال نازلي فاضل، والكاتبة الفلسطينية المعروفة مي زيادة، في رفع الوعي النسائي بأهمية المرأة.
وخصصت بعض النساء المثقفات مساحة لقضايا وشؤون المرأة، فكان لمصر السبق في إصدار أول مجلة نسائية للمرأة في الوطن العربي عام 1898م باسم "الفتاة" ويعود الفضل بذلك للصحفية اللبنانية هند نوفل، وتبعها بعد ذلك إصدار عدة مجلات مثل "فتاة الشرق" عام 1906م، ثم مجلة "الجنس اللطيف" عام 1908م.
الفرع النسائي في الجامعة تجربة خجولة
تم افتتاح الجامعة المصرية عام 1908م وكانت مخصصة للذكور، لكن بعد مطالبات من النساء، تم تخصيص مساحة لهنَّ باسم الفرع النسائي وذلك بعد عام من افتتاح الجامعة.
البداية لم تكن موفقة، استقدمت سيدات فرنسيات مثقفات لإلقاء المحاضرات وهو ما جعلها مقتصرة على بنات الطبقة الأرستقراطية، لكن بعد ذلك قَدمت مثقفات مصريات المحاضرات ومنهنَّ الكاتبة والمفكرة والأديبة نبوية موسى، وهي إحدى رائدات العمل الوطني وتحرير المرأة، كما أنها أول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا والتي كانت أيضاً أول امرأة تُعين مديرة مدرسة ابتدائية. لكن مشروع الفرع النسائي فشل ولم يكتب له الاستمرار أكثر من أربع سنوات حيث انتهى عام 1912.
هدى شعراوي رائدة الحركة النسوية
بدأت هدى شعراوي نشاطها خارج إطار المنزل والعائلة من خلال تأسيس الجمعيات الخيرية ومساعدة النساء والمحتاجين، أسست في عام 1909م مستوصف للفقراء جميع العاملين فيه من النساء، وفي نفس العام أثارت موضوع النقاب الذي يعتبر المرأة عورة وكائن جنسي لا غير، وبادرت هي لخلع النقاب، كما كان لها آراء منطقية حول خلع الحجاب بالتدريج لتلافي رد فعل المجتمع.
كانت هدى شعراوي عضو فاعل في الاتحاد النسائي التهذيبي الذي أسسته ملك حنفي، وناقشت حقوق المرأة من باب الإسلام باعتباره مصدر حقوق المرأة في مواجهة العادات والتقاليد الذكورية.
ترأست لجنة الوفد المركزية للسيدات التي أسستها النساء المشاركات في مظاهرات 1919م، كانت اللجنة ذات صبغة وطنية بحتة، بعد عدة سنوات طالبت هدى شعراوي بتأسيس جمعية نسوية مستقلة لدعم المرأة المصرية والمطالبة بحقوقها فتأسس الاتحاد النسوي عام 1923.
حملت الكثير من الحقوقيات النسويات راية هدى شعراوي منهنَّ الناشطة الحقوقية المعروفة نوال السعداوي، وماجدة عدلي التي كانت شاهدة على حادثة الأربعاء الأسود المشؤومة في عام 2005.
ملك حفني ناصيف ودرية شفيق
ملك المولودة في عام 1886م، من رائدات الحركة النسوية في مصر، اعتبرت أول مصرية طالبت بشكل علني بتحرير النساء والمساواة الجندرية، كان وضع النساء المتردي في بادية الفيوم حافزاً لنشاطها النسوي، الداعي لتحرير المرأة مع مراعاة الدين والتقاليد.
في عام 1911م شاركت في المؤتمر المصري الأول لبحث مشاكل تطوير المجتمع والأمة بعد ذلك أسست "اتحاد النساء التهذيبي".
كان من أهم آرائها حول مسألة الحجاب الجدلية، هو التخلي عنه تدريجياً لحماية النساء من ردة فعل المجتمع.
صاغت عشر مطالب نسوية لإدراجها في دستور عام 1923م، وركزت فيها على منح التعليم للفتيات، وحقوق النساء في إطار الزواج.
أما درية شفيق فهي ثورة فكرية بحد ذاتها، مناصرة لحقوق المرأة لأبعد الحدود، ولدت في عام 1908م، أسست مجلة "بنت النيل" عام 1945م، أول مجلة نسائية عربية توعوية للنساء بحقوقهنَّ وواجباتهنَّ، وبعد أقل من عشر سنوات أسست حزب بنت النيل السياسي، وقادت مظاهرة ضد الاحتلال البريطاني عام 1951م اعتقلت على إثرها، اقدمت على اقتحام مجلس النواب مطالبة بدخول المرأة للبرلمان، وفي عام 1945م احتجت على تشكيل مجلس لمناقشة إصدار دستور جديد للبلاد دون أن يضم أي امرأة.
كان لاتحاد بنت النيل الذي أسسته درية شفيق في عام 1948م دور مميز في الحراك النسوي، رفعت عضواته مطالب بتعديل قانون الانتخاب بما يساوي بين النساء والرجال وتقييد حق الطلاق وتعدد الزوجات والمساواة في الأجور.
الاتحاد النسوي 1923
تأسس الاتحاد النسائي المصري كمنظمة لحماية المرأة والمطالبة بحقوقها، ونشط بشكل كبير بعد تملص قادة الثورة الرجال من وعودهم بإعطاء حقوق للمرأة كانوا قد قطعوها أثناء الكفاح.
وجدت هدى شعراوي، وكانت وقتها رئيسة للاتحاد، أن الرجال استخدموهنَّ في الكفاح لطرد المحتل، وعندما استعادوا السيطرة على البلاد أنكروا تضحيات النساء.
في نفس العام من تأسيسه انضم الاتحاد للتحالف الدولي للمرأة وأصدر صحيفة المصرية في عام 1925م، وصحيفة المرأة المصرية.
طالب الاتحاد بالمساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والتعليم العالي، وسن قانون يمنع زواج القاصرات دون 16 عاماً، وطالب أيضاً بمعالجة المشاكل الاجتماعية من خلال سن قوانين تنظم الطلاق وتعدد الزوجات وغيرها، ومنح المرأة حقوقها السياسية من خلال منحها حق التصويت واستقلال مصر الكامل عن بريطانيا.
تم قبول مطالب إصلاح التعليم فقط من خلال إلزام الفتيات بالذهاب إلى المدارس الابتدائية، على عكس ذلك قوبلت اقتراحات إصلاح قانون الاحوال الشخصية بالرفض. وتم حل الاتحاد عام 1956م.
1951مظاهرة نسوية حاشدة لدعم المقاومة
في بداية الخمسينيات وتحديداً في عام 1951م، خرجت مظاهرة نسائية حاشدة لدعم حركة المقاومة الشعبية في منطقة القناة، ضمت نساء من مختلف التوجهات محجبات وسافرات ومنقبات من المدينة ومن الأرياف أيضاً، سارت المثقفات وربات البيوت جنباً إلى جنب جمعهنَّ حب الوطن، لكن المظاهرة حملت في طياتها توجهاً نسوياً، حيث أن المتظاهرات حملن صور أم الحركة النسوية المصرية هدى شعراوي، وصور الشهيدة أم صابر التي سقطت برصاص القوات البريطانية في القناة.
وعلى إثر هذه المظاهرة تأسست اللجنة النسائية للمقاومة الشعبية، وأصدرت برنامجها الذي تضمن إعلان مشاركة النساء في مقاومة الاستعمار، فمع غياب المطالب النسوية كانت الأولوية لتحرير الوطن.
رقابة الدولة على الحركة النسوية
فرضت الدولة رقابتها على الحركة النسوية بعد ثورة الضباط الأحرار عام 1952م، وربطت جميع المنظمات النسوية بمؤسسات الدولة، وضيقت مجال عملها حتى اقتصر على المجال الخيري وأبقت على ما يمكن تسميته بـ "نسوية الدولة".
كانت درية شفيق إحدى ضحايا النظام الناصري فكان أن مُنعت من الانخراط في المجال العام، وتم وضعها تحت الإقامة الجبرية، وعملت الدولة على محو جميع انجازاتها في كتب التاريخ ووسائل الإعلام، حتى وفاتها (التي يعتقد أنها انتحار) في عام 1975م.
لم تقف النساء مكتوفات الأيدي فطالبنَّ بتعديلات تشريعية فيما يخص قوانين الأحوال الشخصية، خاصة في مسألتي الطلاق وبيت الطاعة، لكن لم يحدث أي تغيير.
في الوقت الحالي يتم التضييق على النسوية أيضاً، تحتاج الناشطات تصاريح للموافقة على إقامة فعاليات توعوية أو حتى خيرية.
اتفاقية سيداو
بعد اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981م واستلام حسني مبارك رئاسة البلاد أرخت الدولة قبضتها عن المجتمع المدني، وكان من نتائجه التصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" في نفس العام، وفُتح المجال أمام النساء لتأسيس منظمات نسوية بعد تغيير قوانين الجمعيات والتنظيم والعمل الأهلي.
أول ما تأسس كان مركز دراسات المرأة الجديدة عام 1984م، ورابطة المرأة العربية عام 1987م، وتبعها تأسيس العديد من المنظمات النسوية المدافعة عن حقوق المرأة والهادفة لإنهاء التمييز والعنف ضد المرأة.
وفي عام 1994 استضافت مصر المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وبرزت قضايا المرأة كأولوية وطنية، فأطلقت مؤسسات المجتمع المدني حملات مناهضة للختان ومطالب الحقوق الإنجابية للنساء.
سعت النساء من خلال هذه الحملات وغيرها إلى إلقاء الضوء على التمييز الواضح ضد النساء، في ظل توقيع الاتفاقيات الدولية الداعمة لحقوقهنَّ وحتى اتفاقيات حقوق الإنسان. مع ذلك معظم التنظيمات النسوية كانت تولي أهمية كبيرة للأسرة على حساب قضايا المرأة، وكانت برامجها تتماشى مع مصلحة كل حزب وليس حسب مصلحة النساء وبالتأكيد مع مصلحة السلطة.
انتكاسة عام 1999
بدأت مخاوف الدولة الأبوية الذكورية تظهر مع تصاعد النشاط النسوي، فكان تعديل قانون الجمعيات عام 1999م الذي يمكن القول إنه رقابة الدولة على الحركة النسوية لتشكيل نسوية مرتبطة بالسلطة انتكاسة حقيقية في الحراك النسوي.
باختصار تم تأطير العمل النسوي بما يتناسب مع كل نظام يستلم السلطة. كان تأسيس المجلس القومي للمرأة بقرار رئاسي وتسليم رئاسته لزوجة الرئيس وهي سوزان مبارك، سيطرة واضحة على الحراك النسوي، لم تتوقف الدولة عند هذا الحد بل اعطت رئاسة معظم المؤسسات النسوية ومنها المركز القومي للطفولة والأمومة واللجنة القومية للمرأة لزوجة الرئيس أيضاً.
رفضت النسويات التعديل الدستوري 1999م فما كان من الدولة إلا أن أصدرت قانون عام 2002 الذي حمل المزيد من القيود.
تطور الفكر النسوي في التسعينات، رفعت النسويات من سقف المطالب فلم تتوقف عند مناهضة العنف المنزلي والختان، بل طالبنَّ بإعطاء المرأة حقها في التحكم بجسدها ومنها الحقوق الإنجابية والجنسية، وناهضن جرائم الشرف وكشوف العذرية والعنف بكافة أشكاله.
الربيع العربي خريف المرأة المصرية
شاركت النساء بقوة في ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، لم يحملنَّ مطالب خاصة بهنَّ كنساء وربما كان هذا أحد أخطاء المحتجات خلال الثورة دفعنَّ ثمنه غالياً بعد إسقاط النظام.
شاركت النساء بمختلف انتماءاتهنَّ الثقافية والدينية، حتى اللواتي لم يؤمن يوماً بالنسوية أو حقوق المرأة كنَّ حاضرات، لكن المنظمات النسوية كانت غير فاعلة، المشاركة في الثورة تتم بشكل فردي.
واستمرت مشاركة النساء رغم كل ما تعرضنَّ له من تحرش واغتصاب في ساحات الاحتجاج، وحملات تشويه شنتها وسائل إعلام النظام، ومختلف الممارسات التي تعرضنَّ لها في أماكن الاحتجاز.
لكن بعد سقوط النظام اجتمعت ممثلات بعض المنظمات وأصدرنَّ بياناً داعماً للثورة وطالبنَّ بالتغيير، وفي20شباط/فبراير من نفس العام تشكل "تحالف المنظمات النسوية"، وبعد إجراء انتخابات رئاسية فاز بها مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي اتفقت بعض عضوات هذا التحالف على تشكيل مجموعة "النساء والدستور" تتضمن ممثلات عن بعض المنظمات النسوية، والمؤسسات الحقوقية المصرية، وناشطات وباحثات نسويات للمشاركة في صياغة دستور جديد للبلاد يضمن حقوق النساء.
لكن لم تكن النتائج كما كان المأمول منها، جاءت لجنة الدستور 2012 مخيبة للآمال، كان تمثيل النساء ضعيف. المرأة التي ساهمت في إنجاح الثورة وإجبار الرئيس محمد حسني مبارك على التنحي، رغم كل ما لاقته خلال الثورة، أقصيت بشكل كبير في عهد محمد مرسي وفقدت الكثير من الامتيازات والمكتسبات التي حصلت عليها في وقت سابق.
تمت إزالة صور الرائدات النسويات اللواتي لم يرتدين حجاباً من المناهج التعليمية، كذلك ألغيت مناهج التاريخ التي تشير إلى مساهمة المرأة المصرية في تاريخ الحركة الوطنية لتحرير البلاد، وازداد التمييز بين النساء والرجال من جهة والنساء المحجبات وغير المحجبات من جهة أخرى، عمل النظام الإسلامي على إظهار نموذج المرأة المتدينة فكان أن أعطى دور كبير للأخوات المسلمات.
المرأة التي عارض حسن البنّا "الأب الروحي للإخوان" اعطائها حق التصويت ساهمت في ايصال مرشح الإخوان محمد مرسي لسدة الحكم في عام 2012، بعد أن حشدت الجماهير لانتخابه.
وبعد عزله في الثالث من تموز/يوليو2013 خرجنَّ في مظاهرات معارضة للانقلاب، تعرضت بعضهنَّ لانتهاكات في الحادثة المعروفة بـ "فض اعتصام رابعة العدوية" في 14آب/أغسطس2013 وتعرض بعضهنَّ الآخر للقتل وما تزال العديد منهن في المعتقلات، هؤلاء لسن إلا ضحية لأفكار الحركة الإخوانية.
الأخوات المسلمات حركة نسوية أم أداة؟
يرى كثيرون أن دور المرأة في حركة الإخوان المسلمين لا يعد نسوياً، لكن بالنسبة لآخرين ربما يصح تصنيفه على أنه شكل من أشكال النسوية الإسلامية، لكن مهما يكن فإنه من المؤكد أن حركة الإخوان المسلمين استخدمت المرأة كأداة منذ تأسيسها على يد حسن البنّا.
أسس الإخوان المسلمين في مصر جناح نسائي داخل التنظيم باسم "الاخوات المسلمات"، بعد عامين من تأسيس الجماعة عام 1928، استخدم هذا التنظيم كأداة لمحاربة حركة هدى شعراوي التحررية، واستخدم أيضاً للدعوة الدينية.
كانت رؤية الحركة للمرأة تقليدية تشدد دائماً على أن دور المرأة ووظيفتها الأساسية داخل المنزل ولخدمة الأسرة، تؤكد لبيبة أحمد رئيسة أول فرقة للأخوات المسلمات هذه النظرة بالقول إن "أساس إصلاح هذه الأمة إصلاح الأسرة، وأول إصلاح الأسرة إصلاح الفتاة".
وكان من رائدات هذا التيار زينب الغزالي المولودة في عام 1917م، انضمت للتنظيم عام 1938م بطلب من البنّا لتدريب التنظيم النسوي الجديد، خدمت التنظيم حتى وفاتها عام 2005م، كانت عضوة في الاتحاد النسائي لكنها تركته وأسست جمعية السيدات المسلمات.
لم تلغى النظرة الدونية للمرأة حتى ولو شكلياً، كتب حسن البنّا في مؤلفه "المرأة المسلمة" أن عمل المرأة خارج المنزل يجب أن يكون بداعي الضرورة ويجب ألا يكون نظاماً عاماً، كما أنه رسخ النظرة الدونية للمرأة من خلال القول بأن مهمتها "زوجها وأولادها، أما ما يريد دعاة التفرنج وأصحاب الهوى من حقوق الانتخاب والاشتغال بالمحاماة، فنرد عليهم بأن الرجال وهم أكمل عقلاً من النساء، لم يحسنوا أداء هذا الحق، فكيف بالنساء وهنَّ ناقصات عقل ودين".
مع ذلك كان لا بد لحركة الإخوان من إظهار مساحة حرية للمرأة بهدف تشجيع النساء المسلمات على الانضمام للحركة فمن أجل مصالح الحركة انخرطت المرأة الإخوانية في العمل لتحاكي المرأة المتحررة.
الحركة النسوية ما بعد انقلاب 2013
اقبلت النساء بشكل كبير على استفتاء دستور عام 2013 والذي هو تعديل لدستور عام 2012 وذلك لكون الدستور الجديد داعم لحقوق المرأة وأهمها تجريم التمييز بين الجنسين في جميع مجالات الحياة، وجاء في المادة 11 أنه "تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
مع ذلك رفضت لجنة الخمسين إقرار الكوتا بجميع أشكالها في المجالس النيابية رغم إصرار النساء على تطبيقها، وجاء في الدستور أن الدولة "تعمل على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية على النحو الذي يحدده القانون". بالمقابل أقر الدستور في المادة 180 كوتا للمرأة في المجالس المحلية المنتخبة وهي ربع عدد المقاعد.
يُصدر المجلس القومي للمرأة بشكل دوري إحصائيات حول حالات العنف ضد المرأة لكنه يستثني منها المعتقلات السياسيات والناشطات الحقوقيات المعارضات واللواتي يتعرضنَّ للعنف سواء داخل المعتقلات أو في التظاهرات.
لا يملك المجلس حرية التعبير فيما يعارض مصلحة السلطة، لذلك طاله نقد شديد بسبب موقفه السلبي تجاه ما تتعرض له المعتقلات حالياً.
الدولة تحاول إظهار صورة مشرقة عن المرأة المصرية ففي عام 2017 تم الإعلان أنه سيكون عاماً للمرأة، ومن خلال ذلك تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة والاستجابة لمتطلباتها، أولت الاستراتيجية اهتماماً بالمرأة الريفية والمرأة المعيلة والفقيرة، النساء المسنات وذوات الاحتياجات الخاصة أيضاً.
نوال السعداوي الناشطة المخضرمة
لا يمكننا اغفال الناشطة البارزة نوال السعداوي عند الحديث عن الحركة النسوية خاصة في العصر الحديث، نوال المولودة في عام 1931 هي طبيبة أمراض صدرية ونفسية وكاتبة وروائية تعالج قضايا المرأة في مؤلفاتها، تعرضت للختان في صغرها فكانت من أشرس المعارضين لهذه الظاهرة.
أسست جمعية تضامن المرأة العربية عام 1982م وساهمت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، سجنت في عهد الرئيس أنور السادات بعد تأسيسها مجلة "المواجهة" النسوية، وأطلق سراحها بعد اغتيال السادات، في عام 2008 رفع أحد المحامين دعوى ضدها طالب فيها بسحب الجنسية منها لكن محكمة القضاء رفضت الدعوى، كما رُفعت ضدها العديد من القضايا بسبب آرائها، اتهمت بـ "ازدراء الأديان"، انتقدت السلطات المتعاقبة على مصر وقالت في أحد لقاءاتها أن "كل نظام سياسي يفسر الدين كما يشاء". في إشارة إلى استهداف المرأة من قبل السلطة التي تتخذ من الدين ذريعة لها.
تاريخ مصر تاريخ عريق وقضايا المرأة كثيرة لا تنتهي في البلاد الممتدة على مساحة 1,010,000 كم²، ما زالت حفيدات حتشبسوت وكليوباترا يكافحنَّ لتحصيل حقوقهن الإنسانية قبل كل شيء، وإعادة إحياء أمجاد النساء التي اندثرت منذ أن بدأت السيطرة الذكورية على العالم.
سناء العلي
رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=H9JLuQQrCEw
https://www.youtube.com/watch?v=gDX-nuMnywY
https://www.youtube.com/watch?v=dwvyUFz1Exw