الأمة الديمقراطية هي الحل لأزمة الشرق الأوسط (4)

قيمت الإدارية في مركز الهلال الذهبي بشمال وشرق سوريا كلستان عفرين، دور الركيزة الثقافية في مشروع الأمة الديمقراطية، مؤكدةً على أن التاريخ والفن واللغة يحددون وجود الشعب.

'الركيزة الثقافية أصبحت حية بقيادة المرأة'

روناهي نودا

قامشلو ـ تشمل الثقافة التي حددها القائد عبد الله أوجلان كإحدى الركائز الأساسية التي يبنى عليه مشروع الأمة الديمقراطية، اللغة الأم والتاريخ والفن. الثورة اللغوية هي أهم وأكبر ثورة في التاريخ الاجتماعي. فاللغة هي أحد المؤشرات الفريدة للتنمية الاجتماعية التي لها ذاكرة وخبرات عملية شكلت الحياة الاجتماعية لعشرات الآلاف من السنين. أحد أقسام الثقافة هو قسم التاريخ الأكثر أهمية. قسم مهم آخر من الثقافة هو الفن. الفن مجال نشاط للبناء الاجتماعي وإعادة خلق الثقافة.

قبل انطلاقة الثورة، كان المجال الثقافي ينظم نفسه على الأرض المقدسة في شمال وشرق سوريا. اليوم وبعد أن نظم مشروع الأمة الديمقراطية نفسه مع الإدارة الذاتية الديمقراطية على أراضي شمال وشرق سوريا عام 2014، تمكنت الحركة الثقافية التي نظمت نفسها قبل الثورة، أن تصبح مرة أخرى صوتاَ ولوناً وثورة في روج آفا. تكمن أهمية هذه الركيزة في كيفية ظهورها وإعادة إحيائها على أرض شمال وشرق سوريا.

 

"عندما تكمل ثقافة المكونات بعضها البعض، تظهر الثقافة الوطنية"

حول أهمية الثقافة في روج آفا تقول الإدارية في مركز الهلال الذهبي بشمال وشرق سوريا كلستان عفرين "أصبحت الثقافة حيوية مع تكوين المجتمع، وهي تنتقل من جيل إلى آخر. لماذا انتشر نظام الرأسمالية ولماذا يتلاعب بالثقافة، لأن المجتمع كان متساوياً عبر التاريخ، ولم يكن هناك اختلاف وفرق بين المكونات. عندما تكمل ثقافة المكونات بعضها البعض، تظهر الثقافة الوطنية. لذا يجب على الفرد أن يدعم المجتمع من أجل تنمية الثقافة الوطنية".

وعن علاقة المرأة بالثقافة تقول "المرأة مقدسة في المجتمع، فعندما تم استعبادها اُستعبد المجتمع كذلك. فإذا لم يتم تحقيق المساواة بين الجنسين، لن تتحقق ثقافة الأمة الديمقراطية. نرى أنه عندما تعرضت المرأة للاضطهاد والقمع عبر التاريخ، تم قمع الثقافة أيضاً. حرية المجتمع ممكنة وتتحقق بحرية المرأة، وإذا تحررت المرأة يصبح المجتمع أيضاً حراً وتتطور الثقافة".

وأضافت "ستتطور الثقافة الوطنية بأيدي النساء، فقد شهد التاريخ العديد من الثورات، إحداها الثورة الزراعية التي طورتها النساء. كما تطورت التنشئة الاجتماعية في محيط المرأة، لذلك عملت على تطوير ثقافة الأمة. لقد شهد العالم العديد من الثورات لكنها لم تصل لغايتها، لماذا؟ لأن النساء لم تتولين قيادتها. إن ثورة روج آفا دفعت بالنساء للمشاركة في كافة المجالات ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية، لذلك أصبحت الثورة ثورة المرأة".

 

"تاريخ الفن واللغة يحدد وجود المجتمع"

وعن الأقسام التي تتفرع عن الركيزة الثقافية توضح "مفهوم الثقافة واسع النطاق ويتألف من أقسام عدة منها الرسم والموسيقى والغناء والمسرح والأدب والعلوم والفولكلور، بالإضافة إلى اللغة والتاريخ، اللغة نفسها هي تعريف هوية الشعب، فالشعب الذي يكون بلا لغة إذاً هو بلا هوية، اللغة مهمة ومع الثورة حدثت ثورة في هذا الجزء من الثقافة كذلك. فالتاريخ بحد ذاته روحانية عظيمة في المجتمع. نرى اليوم أن هناك الآلاف من المواقع الأثرية التي تبرز عمل وحضور المرأة، وعندما نرى تاريخ شرق كردستان، نجد أن اللغة الفنية للمرأة متطورة للغاية. لقد طورن أنفسهن من مجالات الشعر والكتابة والمسرح وعرفن عن أنفسهن عبر التاريخ. يوجد هناك موقع يسمى خراب رشك في مدينة رها في شمال كردستان، حيث يمكن للمرء مشاهدة تاريخ الفن والإنسانية بأكملها. ويمكننا رؤية الثقافة القومية للشعب الكردي من الصور المنحوتة على الحجارة. القسم الفني هو خالق الثقافة ولا يوجد فن بدون ثقافة. منذ التاريخ وحتى الآن، تمكن الكرد من حماية فنهم من خلال الشعر والأغاني الشعبية، وقد سُرقت العديد من أعمالهم. والفن بحد ذاته هو الماضي، كما إنه يحدد اليوم والمستقبل. تم إحياء هذه الأجزاء الثلاثة بعد تأسيس مشروع الأمة الديمقراطية ويمكن لجميع المكونات الحفاظ على وجودها بثقافتها ولغتها وتاريخها".

 

"بعد ثورة 19 تموز أصبحت الركيزة الثقافية ثرية"

وأكدت كلستان عفرين أنه تم إحياء الركيزة الثقافية في روج آفا بعد ثورة 19 تموز، "مع ثورة روج آفا التي اندلعت في 19 تموز، أصبح مشروع الأمة الديمقراطية وجميع ركائزها حيوياً. واحدة من تلك الأسس والركائز هي الثقافة. واليوم، يمكن للجميع أن يشاركوا في الثقافة. حتى قبل الثورة، كان بإمكان الثقافة والفن أن يلعبوا دورهم في هذه الأراضي المقدسة. لكن مع مشروع الأمة الديمقراطية أصبح أكثر ثراءً، وشاركت جميع المكونات في هذه الركيزة وتمكنوا من إحياء منتجاتهم. اليوم، النساء هن قادة هذه الركيزة ويمكنهن التعبير عن الثورة بمنتجاتهن. تم القيام بالكثير من العمل وبذل الكثير من الجهود. في هذه الركيزة يتم تنظيم الأطفال أيضاً حيث يكبرون وينشؤون مع لغتهم وثقافتهم وفنهم".

 

"يمكن لجميع المكونات عرض منتجاتها"

وعن تأثير الثقافة على المكونات التي تعيش في شمال وشرق سوريا تقول "لقد نظم الأرمن والسريان والشركس والعرب والآشوريون أنفسهم وأبرزوا ثقافتهم في المجتمع. على سبيل المثال، رحبت مناطق الرقة والطبقة ومنبج ودير الزور وتل حميس وتل براك، بالركيزة الثقافية بحماس كبير. لم تعط حكومة دمشق أهمية للثقافة، ولكن مع تنفيذ مشروع الأمة الديمقراطية، تم تنظيم كل المكونات. وبعد هزيمة داعش، أصبح هذا المشروع حيوياً، وافتتحت مراكز ثقافية في جميع مناطق شمال وشرق سوريا. ولأول مرة في تلك المناطق صعدت النساء على المسرح تقدمن فنونهن".

 

"الثقافة الوطنية هي الحل لكل المشاكل"

وشددت كلستان عفرين على إن الفن لا يمكن أن يكون بدون تنظيم وأفكار، "يجب أن يكون هناك تنظيم في جميع الأعمال والأنشطة. بعد ثورة 19 تموز تم إحياء هذه الركيزة. أنا أدعو كل المكونات للمشاركة في الثقافة الوطنية، فهي الحل لكل المشاكل. فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان هي خلاص كل النساء. ويكمن ذلك في أمة ديمقراطية وإدارة ذاتية ديمقراطية، لذلك يجب أن نحتضنها ونعزز ركيزتنا".

غداً: 'دبلوماسية الأمة الديمقراطية تقوم على الحرية والمساواة'