تونس... بالرغم من الصعوبات صانعات الفخار تتمسكن بتراثهن

على الرغم من تخصيص معرض في العاصمة التونسية لحرفيات صناعة الفخار في ولاية سليانة، إلا أن نسبة الإقبال عليه تعتبر ضعيفة نتيجة غياب التسويق له من قبل الهياكل المعنية على غرار وزارة الأسرة والمرأة.

زهور المشرقي

تونس ـ أكدت حرفيات في ولاية سليانة على تمسكهن بصناعة الفخار على الرغم من الصعوبات التي تتعرضن لها خلال صناعتها والذي يرهقهن بشكل مضاعف.

لم تكن مهنة صناعة الأواني بالطين مجرد تراث تتوارثه النساء من ولاية سليانة عن أجدادهن لتوفير لقمة العيش، بل باتت أمراً لا يمكن الاستغناء عنه لهن ولبناتهن، فحتى من تختار التوجه للجامعة للدراسة مجبرة على تعلم تلك المهنة أو "صنعة الجدود" كما تصفنها فهن تحكن بشغف وموهبة تلك المهنة الصعبة، وتؤكد النساء أن كل بنات قريتهن في أحد أرياف ولاية سليانة، يسكن في وجدانهن صناعة الفخار، وتتمسكن بها مهنة وتراثاً.

ونظم معرض للحرفيات في صناعة الأواني بالطين من ولاية سليانة في العاصمة التونسية في الثالث والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر ويختتم غداً السبت، تحدثت فيه النساء عن المصاعب التي تواجه طريقهن في مهنة أكلت من عمرهن دهراً.

تقول خميسة الوسلاتي إحدى النساء المشاركات في المعرض إن صناعة الأواني من الطين هي مصدر رزق عشرات العائلات في منطقتها، وتعمل بها النساء على الرغم من صعوبة العمل فيها "أنهن مجموعة من النساء من نفس المنطقة تستأجرن شاحنة للذهاب إلى الجبل لجلب الطين الأصلي، أو كم يقال الطين البكر"، مبينة أنهن تستعملن الفأس لإخراجه من الأرض التي تكون صلبة جداً خاصة في فصل الصيف، وتعملن لساعات طويلة لاستخراج تلك المادة الأولية، على الرغم من أنها خطوة مرهقة بالنسبة لهن، ألا أنهن مجبرات على تحمل التعب من أجل قوت يومهن.

وعن مراحل صناعة الأواني قالت خميسة الوسلاتي "نجلب الطين ثم مادة التافون وهي عبارة عن تراب مصفى، نقوم بعملية التمليس أو صناعة القطعة، وفي المرحلة الثالثة نقوم برش مادة عليها حتى تتماسك ثم نضعها في الشمس حتى تنشف"، لافتةً إلى أن أصعب المراحل هي عندما تقمن باستئجار شاحنة لجلب الحطب من الجبل، لطبخ الأواني على نار قوية، وهناك نساء لا تستطعن استئجار شاحنة، وتجلبن الطين والحطب باستعمال الحمار".

وأكدت أنهن بسبب الظروف الصعبة تلجأن في كل المراحل إلى الطريقة التقليدية وهو ما يعطل عملهن ويرهقهن بشكل مضاعف.

 

 

من جانبها قالت حدة الوسلاتي البالغة من العمر 70 عاماً إنهن موعودات منذ فترة من جهة ما بتوفير آلات تسهل عليهن المهام ولازلن تنتظرن "منذ عمر العشر سنوات ورثت عن أمي وجدتي، مهنة صناعة الطين، واليوم وأنا جدة أورثتها لأولادي وغداً لأحفادي، لكن الفترة التي عشتها مختلفة عن اليوم لذلك بات ضرورياً توفير مستلزمات تساعدنا، أتعبننا حرارة الصيف وبرودة الشتاء، الطريقة التقليدية وعلى الرغم من أنها تحمل تراثنا ألا أنها مرهقة، نحن نخلط الطين بأرجلنا، ونهرس التافون بأيدينا لذلك حان وقت راحتنا".

وأكدت أن التكوين مهم لتطوير حرفتهن التي بقت تقليدية، لأنها مصدر رزقهن ووجدن فيها ذواتهن وأحيين التراث على الرغم من الصعوبات التي واجهتهن، لافتة إلى أنها لا تزال تنتظر مع خميسة الوسلاتي توفير الأمكنة لتسهيل عملهن فهن نساء أرهقتهن الظروف.

 

 

بدورها بينت شريفة الوسلاتي أهمية دعمهن بالتسويق لعملهن، مشيرةً إلى أنهن تصنعن فناً يحتاج فقط إلى الفهم والترويج، داعيةً الجمعيات إلى تكوينهن في تعلم فنون التسويق ودعمهن للحضور في معارض خارج تونس وعدم الاقتصار على المعارض الوطنية التي تخصص لنساء الجهات "كرسنا حياتنا لحماية هذا التراث من الاندثار على الرغم من الصعوبات التي تعرضنا لها".