تونس... النساء الديمقراطيات تحتفين بـ 36 عاماً من النضال وتدعين لحفظ الذاكرة النسوية

بمشاركة ناشطات تونسيات وعدد من الدول العربية والأوربية، نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، ندوة فكرية بمناسبة مرور 36عاماً على تأسيسها وذلك تحت شعار "الممارسات الجيدة في حفظ الذاكرة والأرشيف النسوي".

زهور المشرقي

تونس ـ دعت النسويات المشاركات في الندوة إلى ضرورة التشارك والعمل لأرشفة نضالات الحركة النسوية في تونس والمنطقة، والدفع لإجبار الجميع على تأريخ المقاومة حفظاً لذاكرة كُتبت بالدم.

نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، الأمس 8 آب/ أغسطس، ندوة حول ذاكرة الحركات النسوية تحت شعار "الممارسات الجيدة في حفظ الذاكرة والأرشيف النسوي"، وذلك في إطار الاحتفاء بمرور 36 عاماً على تأسيسها بمشاركة العشرات من الناشطات التونسيات والدول الأخرى.

وأكدت الندوة على أهمية توثيق وحفظ نضالات الحركة النسوية وذلك لكتابة تاريخ من منظور نسوي خارج إطار السردية الرسمية المهيمنة، مشددة على تأريخ الحركات النسوية وأرشفتها وضرورة مشاركة النسويات لتحريرها من العقلية الذكورية السلطوية.

وأجمعت الناشطات على أن التاريخ أقصى في أغلب الأحيان حضور النساء وسرديتاهن، وقد غُيب إبراز دور الحركات النسوية في تحرير الوطن وبناء مشروع مجتمعي ديمقراطي في السابق.

وطرحت الرهانات السياسية والتاريخية والرمزية لذاكرة النضال النسوي وتوثيق الحركات النسوية المستقلة، مع أهمية استكشاف التحديات في حفظ الذاكرة النسوية بين المؤسسات والمبادرات غير الرسمية.

 

تجاهل الإرث النسوي خطر يهدد التاريخ الديمقراطي للنساء

وقالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني،  إن تنظيم الندوة لم يكن فقط بهدف توثيق تاريخ ونضالات الحركة النسوية المستقلة، بل جاء أيضاً للتأمل في هذا الإرث المكتوب والمسجل، والعمل على حفظه، مؤكدةً أن تجاهل هذا الكنز النسوي قد يؤدي إلى ضياعه، خاصة في ظل المخاوف من المناخ السياسي العام الذي رغم سنوات الثورة والمقاومة لم يحقق التقدم المنشود في تطبيق القوانين لصالح النساء.

وأشارت إلى أن الواقع يشهد تراجعاً على مختلف الأصعدة فيما يتعلق بالحراك النسوي والمجتمع المدني، مع تصاعد التضييقيات واعتقال الناشطين والناشطات، وصدور مراسيم قمعية تستهدف حرية الفكر والتعبير، هذا الوضع يثير القلق بشأن قدرة الجمعية والجمعيات الأخرى على مواصلة أنشطتها، كما يهدد الإرث المكتوب الذي تمتلكه النساء الديمقراطيات، والذي يُعد صوتاً وتاريخاً يجب حفظه ونقله للأجيال القادمة للاستفادة منه والبناء عليه.

وتطرقت إلى تأسيس مركز "صفية فرحات" للتوثيق والبحث التابع للجمعية، والذي تم فتحه أمام الأكاديميين والأكاديميات والطلبة بهدف تعميق الدراسات النسوية، مشيرةً إلى أن النضال النسوي يُعد جزءاً من مشروع مجتمعي يحمل مبادئ وثوابت، ومن الضروري نقل هذه التجربة إلى الأجيال القادمة لضمان استمراريتها وجعلها موضوعاً للدراسات المعمقة، وقد ترك هذا المسار أثراً واضحاً في المجتمع التونسي، وأسهم في ريادة النساء التونسيات على مستوى القارة الأفريقية والمنطقة، ولا تزال الباحثات النسويات من مختلف أنحاء العالم تسعين لفهم تجربة تونس في هذا المجال،  معربةً عن أسفها لأن الأزمات تُدار غالباً على حساب أجساد النساء، كما هو الحال في العديد من السياقات.

 

"يجب توثيق النضال وتكريس التأثير المجتمعي"

وعن الدعوة لتشكيل شبكة إقليمية للذاكرة النسوية، شددت رجاء الدهماني على أن الندوة ضمت نساءً من دول الجزائر ومصر وفلسطين وسويسرا وإن كان عن بعد، والهدف تقاسم التجربة والادلاء بشهادتهن في النضال النسوي وفي كيفية التأريخ والارشفة، معتبرةً أن هناك تلاقي بين الثقافات النسوية على مستوى إقليمي وشمال أفريقيا ومستوى عربي حيث هناك تجربة من الضروري توثيقها ولما لا تأسيس مرصد أو شبكة إقليمية مختصة في أرشفة الذاكرة النسوية التي ستفتح أبواب الدراسات والتقييم والقراءة وهو تأثير المشروع المجتمعي على سياسات عربيا وافريقيا واقليميا.

ولفتت إلى أنه اذا "لم نحفظ نحن الذاكرة النسوية ستُقبر في صدورنا وستنسى، ونحن نعي ما نقول فالنضال النسوي في المجتمع الذكوري يبقى مهمشا ولا يتم الاهتمام به لا السياسي وحتى الأكاديمي بقلة، لذلك من واجبنا كنسويات الكتابة والتوثيق وحفظ ذاكرتنا".

 

 

بدورها قالت عضوة الهيئة المديرة أحلام بوسروال، أن الجمعية تحتفل بـ 36عاماً من النضال والمقاومة المستمرة دفاعاً عن حقوق النساء، وكان لابد من الحديث عن الذاكرة النسوية "النساء الديمقراطيات التي أطفأت شمعتها الـ 36 باتت امرأة ناضجة ومتحصلة على عدد من الحقوق والحريات وساهمت في إصدارها، على غرار القانون58 لمجابهة كافة أشكال العنف ضد النساء ورفع التحفظات على اتفاقية سيداو واليوم من المهم أن نتحدث عن ذاكرتنا من أين أتينا وأين سنذهب، ومن المهم أيضا مشاركة الحديث مع رفيقاتنا لذلك حفظ الذاكرة كان فيه متدخلة من الجزائر ومصر وفلسطين وسويسرا للتفكير معا حتى لا يتم نسيان النسويات من التاريخ خاصة وأن الأخير كٌتب على أيدي رجال ومرات أخرى بأيادي ذكورية، وتم نسيان بشيرة بن مراد وماريكلي، آروى القيروان والكثير من المناضلات اللواتي ساهمن في تاريخ الإنسانية وتغييرها".

 

"تاريخنا شفوي ويجب توثيقه كتابياً"

واعتبرت أن الحراك النسوي الذي بدأ قبل تأسيس الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومن المهم احترامه وأحياء الذاكرة ومحاولة إيجاد آليات لحفظ الذاكرة "تاريخنا شفوي ووجب توثيقها كتابياً، ومن المهم معرفة كيف حفظت كل حركة في مختلف الدول ذاكرتها سواءً عبر الآليات الرقمية حفاظاً على الذاكرة النسوي التي توثق نضالات النساء ومقاومتهن".

وشددت على أن الجمعية ككل يؤكدون أن المجتمع المدني هي قوة ضغط واقتراح وتغيير وأيضاً قوة تفكير يتطلب العودة للوراء لقراءة التاريخ بشكل جيد وبناء الذاكرة وأرشفتها بشكل جيد لتعلم العبر وقراءة التاريخ.

وأشارت إلى أن الحركة النسوية السابقة تركت إرثاَ غنياَ بنت عليها الحركة الجالية ومن واجبه النسويات اليوم التوثيق واعطاء الفرصة للجيل القادم لعدم نسيان التاريخ ومعرفة النضالات التي جلبت مختلف الحقوق والمكتسبات التي كانت نتيجة مقاومة وتضحيات ونضال.