تستيقظ على صوت طائر الكناري منذ ٢٤ عاماً
تقول كلستان إبراهيم، التي تعتني بطائر الكناري والقطط في منزلها، إنها ترى أن من واجبها حماية الحيوانات التي لا تستطيع التعبير عن نفسها، وقد علّمت أبناءها حب الطبيعة، لأن البشر والحيوانات والطبيعة يشكلون دائرة مترابطة لا يمكن فصلها.

سوركل شيخو
زركان ـ تعتبر المرأة أن من واجبها حماية البيئة التي يعيش فيها المرء والعناية بها. كلستان إبراهيم من مدينة كوباني، تعيش في مدينة زركان بمقاطعة الجزيرة منذ ما يقرب من 24 عاماً، وهي أم لسبعة أبناء وبنات، وشهدت مع أطفالها وزوجها أعنف هجمات الاحتلال التركي التي استهدفت مدينتهم، لكنهم صمدوا متمسكين بمقولة "مهما حدث سنعيش على أرضنا أو نموت بكرامة، وانتصرت مقاومتهم".
لم تشارك كلستان إبراهيم وأطفالها فقط في هذه المقاومة، بل شاركت فيها أيضاً القطط والعصافير التي يربونها. كانت تحزن بشدة عندما تتوقف العصافير عن التغريد بسبب شدة القصف.
"إنها مقدسة، والرابطة معها أبدية"
قالت كلستان إبراهيم إن الحيوانات بالنسبة لهم مقدسة والرابطة بها أبدية "نحميها قدر استطاعتنا، لأنها عاجزة عن الكلام ولا تستطيع الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم، ولا تستطيع التعبير عن ألمها. بقدر استطاعتنا لا نسمح للأطفال أو المحيط بإيذاء الطيور وأنواع الحيوانات الأخرى داخل المنزل وفي الشارع، على سبيل المثال نربي حالياً عصفور الكناري ونهتم باحتياجاته من الأكل والشرب إلى النوم".
ولفتت إلى أنها تربي طائر الكناري منذ السنة الأولى من زواجها وحتى اليوم، وشرحت سبب ذلك قائلة "نُربي طائر الكناري منذ أربعة وعشرين عاماً، ولطالما كان صوته وألوانه مصدر بهجة لآذاننا وعيوننا. لونه يُحاكي الطبيعة، وصوته العذب يملأ صباحاتنا بالسعادةـ نحب الاستماع إلى أنغامه عند الاستيقاظ، وكأن يومنا لا يبدأ إلا بتغريداته التي تلامس قلوبنا من الأعماق".
"بسبب خوفه من القصف العنيف مرض ومات"
وصفت كلستان إبراهيم فوائد اقتناء وتربية طيور الكناري في المنزل على نفسية الإنسان وآثار الهجمات عليها "إن وجود هذا الطائر في المنزل يزيد من واجبات ومسؤوليات الإنسان، حيث يجب ان أكون أكثر انتباهاً وأنظم وقتي. كلما مرضوا نعالجهم وعندما تكون هناك هجمات جوية أو برية، نخرجهم إلى أماكن آمنة قبل أطفالنا".
وأضافت "كان لدينا طائري كناري، أحدهما كان يخاف بشدة من صوت قصف مدفعية الاحتلال التركي، فمرض ومات لاحقاً. عندما كان صوت القصف العنيف يقترب من المنزل، كانا يشعران بالخوف الشديد فيصمتان ولا يصدران أي صوت. صحيح أنها لا تستطيع التعبير عن خوفها مثلنا بالكلمات، لكن صمتهما كان كافياً. كانت طيورنا أيضاً تسافر معنا، وكانت رفيقتنا أينما ذهبنا. لذلك، فإن إحدى فوائد اقتنائها وتربيتها هي أنها تقلل من الشعور بالوحدة".
تنمية ثقافة حماية البيئة
ونقلت كلستان إبراهيم ثقافة حماية وحب الحيوانات إلى أطفالها، مؤكدة على أهمية ذلك "قمنا بتعليم أطفالنا أيضاً كيفية التعامل مع الحيوانات وحمايتها. أطفالنا يحبونهم ولا يؤذونهم، يُطعمون الحيوانات الجائعة ويُعالجون المصابة، كما يعتني أطفالنا بالكلاب خارج المنزل. هذا الحب يُعزز الصلة بالطبيعة، لأن الإنسان والحيوانات يُكملان الطبيعة معاً. لذلك، فإن رعاية أي طائر أو نبات عاجز عن الكلام تُريح ضمير الإنسان. في عصر تطور الأنانية يجب على المرء أن يُحب محيطه بما فيه من أشجار وأحجار وكائنات بقدر حبه لنفسه. صحيح أنها لا تُعبّر عن نفسها بالكلام، لكنها أرواح تنبض بالحياة".
بناء العلاقات بين الناس والحيوانات
ودعت كلستان إبراهيم الأمهات والآباء إلى مراعاة واجباتهم ومسؤولياتهم تجاه سلوك أبنائهم تجاه البيئة "على الأمهات والآباء تحذير أبنائهم من أنهم حتى إذا لم يعتنوا بالحيوانات، لا يجوز لهم مهاجمتها بالحجارة والعصي وأنواع أخرى من الأسلحة. علّموا أطفالكم الحب لا الأذى. على سبيل المثال، قبل بضعة أيام، جاء كلب إلى منزلنا مصاباً في ساقه، أحضر ابني بسرعة مستلزمات طبية، وقبل أن يبدأ بعلاج الجرح وضع يده على رأس الكلب حتى يفهم أن الهدف هو علاجه وليس إيذائه. شفي الكلب الذي عالجه وأصبح بخير، والآن لا يفارق باب المنزل. بناء علاقات بين الحيوانات والأطفال أمر بالغ الأهمية، لأن البشر والحيوانات كائنات حية في هذا الكون الواسع، ونحن جميعاً نشكل حلقة واحدة".