تصاعد الاحتجاجات في المدن والجامعات الإيرانية

إضرابات ومظاهرات تشهدها عدة مدن إيرانية، وسط تفاعل من الرياضيين والطلاب، فيما تطرح السلطات خيار "الحوار"

مركز الأخبار ـ بعد انخفاض غير مسبوق في قيمة العملة وارتفاع حاد في الأسعار في طهران والعديد من المدن الإيرانية الأخرى، استمرت احتجاجات النقابات العمالية والاحتجاجات الشعبية لليوم الثاني والثالث، وتحدثت الحكومة عن "حوار" مع المتظاهرين.

شهدت أسواق طهران في الأيام الأخيرة إضرابات وتجمعات للتجار، من ممر علاء الدين وشارسو إلى أجزاء من السوق الكبير وشوش، مرفقة بشعارات وتجمعات في الشوارع، ما أدى في بعض الأماكن إلى تدخل قوات الأمن الإيرانية واستخدام الغاز المسيل للدموع، وأفادت مقاطع الفيديو والتقارير التي نشرتها وسائل الإعلام المستقلة بوجود طلاب في التجمعات وامتداد الاحتجاجات إلى مدن مثل تبريز وأصفهان وكرماشان وهمدان.

فيما ردّت الحكومة رسمياً على التجمعات إذ أمر الرئيس بزشكيان وزير الداخلية بالتحدث مع المتظاهرين، بينما قالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني إن النظام "يستمع إلى صوت الشعب" وسيتم إنشاء آلية للتفاوض مع ممثلي المتظاهرين، وتحت ضغطٍ متزايد، استقال محافظ البنك المركزي وتم تعيين بديل له، وهو ما يراه المراقبون الاقتصاديون استجابةً مباشرةً للأزمة النقدية والسياسية.

إلا أن المؤسسات المقربة من الحرس الثوري الإيراني ووسائل الإعلام الرسمية قدمت رواية مختلفة، فقد وصفت بعض الوسائل الإعلامية ووكالات الأنباء المقربة من السلطات الإيرانية المتظاهرين بـ"المثيرين للشغب" ودعت إلى قمع "العملاء الأجانب"، بينما حذرت قنوات تابعة لفيلق القدس من أن التدخل الأجنبي قد يخدم مصالح إقليمية، وقد أدى هذا التناقض بين عرض الحكومة للحوار وبين التوصيف الأمني ​​الذي تتبناه وسائل الإعلام المقربة من الحرس الثوري إلى تعقيد عملية صنع القرار.

وأعرب نشطاء النقابات العمالية والمجتمع المدني من معلمين ومتقاعدين وعمال عن تضامنهم مع رجال الأعمال، مطالبين باتخاذ إجراءات اقتصادية عاجلة، ويرى مراقبون أن هذا التداخل بين النقابات العمالية والحضرية قد يعزز القدرة على حشد المطالب.

وحذرت المنظمات الدولية من أن الاستجابة الأمنية يجب ألا تترافق مع قمع وانتهاك حقوق المتظاهرين، ودعت قوات الأمن إلى ضبط النفس وتلبية مطالبهم المعيشية، مشيرةً إلى موجة اعتقالات وتزايد في عدد الإعدامات هذا العام.

وقد استجاب المجتمع الرياضي الإيراني أيضاً وجاء في مقال قصير لأحد الرياضيين "علّمتني المصارعة أن السقوط ليس أمراً سيئاً، لكن البقاء تحت الضغط وعدم التعبير عن الرأي أمر صعب"، كما عبّرت ردود فعل أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي وفي رسائل من منظمات حقوق الرياضيين عن قلقها إزاء استهداف الرياضيين النشطين أو إدانتهم، وكتب تحالف الرياضة والحقوق إلى اللجنة الأولمبية الدولية مطالباً بالتدخل لحماية الرياضيين الإيرانيين، وقد عززت هذه المواقف الرياضية التعاطف الاجتماعي، وجددت التحذيرات بشأن خطر الضغوط القانونية على الرياضيين.

من بين ردود الفعل المحلية والعامة التي بُثت عبر الشبكات، يمكن تحديد بعض المحاور والمواقف البارزة وهي: إعلان الحكومة الرسمي عن "الحوار" والمطالبة بالاستماع إلى "المطالب المشروعة"، استقالة محافظ البنك المركزي وتغيير إدارة السياسة النقدية كاستجابة تكنوقراطية للأزمة، تحذير وسائل الإعلام والمؤسسات المقربة من الحرس الثوري الإيراني من "استفزازات خارجية" ووصف الأحداث بأنها "أعمال شغب"، مشاركة طلاب من جامعات مثل جامعة شهيد بهشتي وجامعة سانتي شريف في المسيرات ودعم وتضامن النقابات العمالية (المتقاعدين والمعلمين والعمال) والدعوة إلى إضرابات نقابية، تغطية إعلامية دولية واسعة النطاق وردود فعل من الأوساط الرياضية.

ويرى المحللون أن هناك سيناريوهين محتملين: إما آليات الحوار وصنع السياسات الاقتصادية لتهدئة الأزمة، أو تصعيد الاشتباكات الأمنية التي تغذي انتشار الاحتجاجات، وقد يحدد الارتباط بين مطالب تحسين سبل العيش والسخط السياسي، إلى جانب الدور المحوري للأسواق والجامعات، مسار التطورات المستقبلية.