طهران تنزف في صمت... الأهالي يخلون العاصمة

يغادر مئات الآلاف من سكان طهران منازلهم عقب التحذير الذي وجهته القوات الإسرائيلية، في ظل نقص حاد في البنزين والمواد الغذائية وازدحام مروري خانق، مع تزايد المخاطر على الطرقات، مما جعل وضع السكان أكثر تأزماً.

طهران ـ وسط تصاعد الهجمات الإسرائيلية، تتحول طهران حاضرة إيران المترامية من مدينة نابضة إلى ساحة نزوح جماعي ومعاناة إنسانية، فالأزمة لم تعد تقتصر على الدمار والصواريخ، بل باتت تنخر الحياة اليومية، وتحول فكرة "البقاء" إلى قرار محفوف بالمستحيل.

في أعقاب الهجمات المستمرة من قبل القوات الإسرائيلية على مدينة طهران، والتي بدأت يوم الجمعة 13 حزيران/يونيو، تغيرت ملامح المدينة بالكامل، فالدمار والخراب وأصوات الصواريخ والطائرات المسيّرة المستمرة أحدثت الرعب والذعر في كل ركن من أركان العاصمة.

ومع تصاعد هذه الهجمات، طالبت القوات الإسرائيلية سكان المدينة بإخلائها فوراً، وقد استجاب مئات الآلاف، حاملين ما تيسر من حاجاتهم، ليودعوا بيوتهم التي لم تعد مأوى بل مصدر قلق وخطر.

تقول إلهة خرّمي "مرّ أسبوعان فقط على زفافي، والآن أترك المنزل الذي اشتريته بقرض"، وبينما يجهز البعض للرحيل، يواجه آخرون صعوبات جمة في الطريق، فبعد إغلاق الأسواق الرئيسية الشرايين الاقتصادية للمدينة غادر الناس المدينة بأيدي فارغة، وسط نقص حاد في السلع الأساسية.

شراره ثروتي تصف الموقف بقولها "كانت معظم الأسواق مغلقة، وفي المتاجر لم يُسمح سوى بشراء علبة واحدة من المعكرونة أو الطعام المعلّب أو الفوط الصحية لكل بطاقة بنكية، كما أن انقطاع الإنترنت والكهرباء سبّب مشاكل كثيرة، نحن في الطريق ولم نتمكن حتى من شحن هواتفنا، لم نجد حليباً للأطفال في أي صيدلية، واضطررت لإعطاء طفلي الحليب المبستر".

وتشير شهادات الأهالي إلى أن الطريق بين طهران وقزوين، على قصره النسبي، بات يستغرق بين خمس إلى سبع ساعات بسبب الزحام وسوء الإدارة، أجواء الطريق متوترة، وحالات الحريق المتفرقة زادت الطين بلة.

روجان كيهاني من بين من غادروا طهران تقول "بعض الأشخاص نفد منهم البنزين في الطريق وبقوا عالقين، الوضع مرعب للغاية، والناس تائهون، لا يعرفون إلى أين يتجهون"، وقد أصبح البنزين يُوزع بنظام الحصص، بـ15 لتراً فقط لكل بطاقة وقود.

يُضاف إلى الأزمة نقص وسائل النقل، فالطلاب والموظفون من خارج العاصمة بدأوا بتنظيم شبكات عودة جماعية إلى مدنهم الأصلية، أما آخرون، كـ فاطمة. م، فلا يملكون أي وسيلة للخروج "سأبقى، ليس لدي مدخرات ولا وسيلة نقل، كتبت وصيتي، ولست أملك خياراً آخر، ربما أذهب إلى المترو".

يتوجه العديد من سكان طهران إلى كرج، قزوين، ومدن الغرب والشمال، وكذلك المدن القريبة من الحدود، فبعضهم يقصدون منازل أقاربهم، بينما لا يزال آخرون بلا وجهة محددة، والهدف الوحيد هو الخروج من طهران.

الطرق لا تزال غير آمنة بالكامل، فصباح اليوم، أدى سقوط قذيفة على طريق طهران - قم إلى عودة عدد كبير من المغادرين، الطوابير الطويلة على مخارج المدينة دليل على استعدادات متزايدة للنزوح، في الوقت ذاته، تواصل قوات الأمن فرض رقابة صارمة على سكان المدينة، مانعةً مشاركة الصور أو الفيديوهات، مما يفرض جواً أمنياً خانقاً.

وقد طلبت القوات الإسرائيلية من سكان المنطقة الثالثة في طهران مغادرتها فوراً، مما ينبئ بمزيد من التوتر وانعدام الاستقرار في الساعات المقبلة.