تغيير ذهنية المجتمع وتطبيق نظام الرئاسة المشتركة خطوة مهمة لسوريا الجديدة

اتحدت الآراء النسوية في المؤتمر الذي عقد أمس الاثنين 23 حزيران/يونيو، في مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، على أن تغيير الذهنية الذكورية في المجتمع سيفسح المجال أمام تطبيق أوسع لنظام الرئاسة المشتركة.

شيرين محمد

قامشلو ـ لعبت المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا دوراً مهماً في تطبيق نظام الرئاسة المشتركة وتطويره إذ استطاعت النساء إثبات مكانتهن في جميع المجالات منها العسكرية والسياسية، والمجتمعية والثقافية أيضاً، وهذا ما فتح المجال أمامهن في تطوير المجتمع وتطبيق نظام الرئاسة المشتركة.

منذ تأسيس الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا تم الاعتماد على نظام الرئاسة المشتركة كأداة إدارية لقيادة المؤسسات والمكاتب واللجان والهيئات بين الجنسين، فيما تطرح تساؤلات حول مدى تطبيق وكيفية تجاوز العقبات التي تواجه تطبيق هذا النظام وتطويره، وبهدف النقاش حول ذلك نظم مؤتمر ستار مؤتمراً للرئاسة المشتركة لفتح باب النقاش بشكل موسع حول آلية تطوير النظام وتطبيقه ومواجهة العقبات التي تقف أمام النظام.

 

 

وقالت الرئيسة المشتركة لمجلس التدريب والتعليم في مقاطعة الجزيرة ابتسام الحسين "من خلال مؤتمر الرئاسة المشتركة، نعمل على مناقشة العقبات والنواقص التي واجهتنا خلال تطبيق نظام الرئاسة المشتركة، وهو النظام الذي طرحه القائد عبد الله أوجلان، وتم تبنيه فعلياً خلال مسار الثورة في إقليم شمال وشرق سوريا"، مبينةً أنه "وجدنا أنه من الضروري أن نلتقي ونتبادل الحوار حول الآليات التي يمكن من خلالها تقييم تجربتنا، والوقوف على الأخطاء والعقبات التي مررنا بها، سواء من خلال النقد والنقد الذاتي أو طرح الآراء، بهدف تطوير فهم أعمق لهذا النموذج ووضع خطة عملية لتجاوز التحديات التي ما زالت مستمرة".

وأوضحت أنه "من أبرز العقبات التي واجهتنا كانت الذهنية الذكورية السلطوية، المتجذرة في مجتمعاتنا منذ آلاف السنين وهي عائق حقيقي أمام بناء نظام ديمقراطي حقيقي يشرك الجميع. من هنا نرى أنه من الضروري توضيح أن الرئاسة المشتركة ليست مجرد آلية إدارية داخل المؤسسات بل هي نظام متكامل، يمكن اعتباره نموذجاً لحل الكثير من أزمات المجتمعات، لأنه يقوم على أساس الشراكة الحقيقية بين المرأة والرجل، ويضمن تمثيل جميع الآراء والمكونات".

وعن دور المرأة في أماكن صنع القرار وأهميتها قالت "عندما يكون للمرأة دور فعلي في مواقع اتخاذ القرار، فهذا يساعدها على تطوير نفسها وعلى تطوير المجتمع معها. هذا حق طبيعي لها وليس امتيازاً يمنح. صحيح أننا ما زلنا نواجه بعض النواقص، ولكن السعي المستمر لتصحيحها هو بحد ذاته تقدم كبير".

وأضافت "للأسف في مناطق خارج إقليم شمال وشرق سوريا، ما زال هذا النظام ينظر إليه كشيء غريب، بسبب العقلية التي لا تتقبل أن يكون للمرأة رأي أو دور فعلي. هناك من يتمسكون بفكرة القومية الواحدة، اللغة الواحدة، والفكر الواحد، ويرفضون التنوع وهذا بحد ذاته جزء من المشكلة، فسوريا تعرف بتعدد الثقافات فيها والطوائف أيضاً فإن لم نستطع أن نحل هذا الموضوع سنصل إلى سوريا تسودها المشاكل والحروب الأهلية".

وأكدت أنه "إذا أردنا بناء سوريا جديدة ديمقراطية، عادلة، وشاملة يجب أن يكون للمرأة دور في جميع القرارات المصيرية"، وبهذه الكلمات اختصرت الكثير من النقاشات التي دارت خلال المؤتمر، معتبرةً أن تطبيق نظام الرئاسة المشتركة على مستوى سوريا ككل سيكون خطوة حقيقية نحو تجاوز الأزمات وبناء مجتمع أفضل.

وترى أن "المسؤولية لا تقع على المرأة وحدها بل على الرجال أيضاً أن يعملوا على التخلص من الذهنية الذكورية التي فرضت عليهم لآلاف السنين، لأنها واحدة من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات، سواء هنا في إقليم شمال وشرق سوريا، أو في كامل البلاد أي سوريا بشكل عام".

 

 

وبدورها قالت الرئيسة المشتركة للمكتب التنظيمي في حركة المجتمع الديمقراطي، شاها خليل "تم تطبيق نظام الرئاسة المشتركة لأول مرة في إقليم شمال وشرق سوريا، وذلك خلال ثورة روج آفا، التي عرفت بثورة المرأة ولا شك أن هذا التطبيق واجه العديد من التحديات، خصوصاً أننا في هذه المنطقة لا نواجه فقط مشاكل داخلية، بل نقف في وجه منظومة دولية رأسمالية تسعى للهيمنة على وعي المجتمعات، من خلال ترسيخ الذهنية الذكورية فيها".

وأكدت أنه من الضروري مواجهة هذه الذهنية "لكي نتمكن من مواجهة هذه الذهنية علينا أن نبدأ من الأساس من تغيير المفاهيم والمصطلحات التي نستخدمها، والعمل بشكل مستمر على إعادة بناء العقلية المجتمعية، لتكون منسجمة مع التحولات التي يشهدها الشرق الأوسط والمنطقة بشكل عام".

ولفتت إلى أنه "في الحقيقة تغيير الذهنية اليوم أصبح أكثر أهمية حتى من مجرد تطبيق النظام نفسه لأننا نؤمن أنه إذا استطعنا تغيير ذهنية المجتمع، فإن تطبيق النظام سيصبح أمراً طبيعياً وسريعاً. نضالنا ضد الذهنية الذكورية بدأ مع انطلاق الثورة، ولا يزال مستمراً حتى اليوم وهو يتطلب الكثير من الوقت والجهد والتصميم"، مضيفةً "من هنا نرى أنه من واجبنا نحن النساء أن نثبت وجودنا في كل المجالات، وأن نكون جزء فاعل من النقاشات واتخاذ القرارات التي تحدد مستقبل مجتمعنا، وسوريا بشكل عام. ومن حقنا أن نشارك بآرائنا في كل ما يخص المجتمع والمرأة".

وفي ختام حديثها قالت شاها خليل "نؤمن أنه بالحب والدعم المتبادل وبوحدتنا وتكاتفنا، نستطيع أن نؤسس مجتمع حر، يقوم على العدالة والديمقراطية فتحت شعار المرأة، الحياة، الحرية، سنصل إلى ما نطمح إليه وسنواصل هذا النضال حتى نحقق مجتمع أكثر عدل ومساواة".