سكان طهران... ما بين العودة القسرية ونيران الهجمات

وسط انعدام الأمان، أكدت نساء طهران أنهن تواجهن تحديات يومية في ظل واقع يزداد قتامة يوماً بعد آخر، حيث أجبر العديد منهن على البقاء تحت نيران القصف نتيجة الظروف وعودة أخريات قسراً نتيجة قرارات العودة إلى العمل.

طهران ـ في ظل تصاعد التوترات الأمنية والظروف المعيشية في العاصمة الإيرانية، تتّخذ السلطات إجراءات متزايدة لدفع المواطنين خصوصاً موظفي القطاعين الحكومي والخاص، للعودة إلى طهران والعمل رغم ظروف القصف والخطر.

تشير العديد من الأخبار الواردة من طهران هذه الأيام إلى هجرة جماعية من المدينة مما أدى إلى إخلائها بشكل شبته كامل، ألا أنه في بعض المناطق لا يزال هناك أناسٌ تُركوا تحت نيران الهجمات الإسرائيلية دون حقّ اللجوء أو حتى صفارات الإنذار نتيجة أوضاعهم الصعبة وعدم تمكنهم من المغادرة بسبب أعمالهم.

ومع بدء العمل الرسمي والإداري في طهران، تستخدم السلطات أدوات الضغط الاقتصادي والمعيشي لجذب السكان خاصةً موظفي مختلف المؤسسات الحكومية إلى طهران، وعلى الرغم من أن الأوضاع في طهران لا تزال تثير القلق والخوف بين السكان المحليين، يعتبر العديد منهم أنها لم تعد مكاناً آمناً من بينهم ليلى كريمي، وهي مواطنة تقيم في شرق المدينة والتي وصفت المشهد قائلة "هذا هو يوم القيامة بحق، في الليل تُسمع أصوات المضادات الجوية وإطلاق النار، وفي النهار نخضع للتفتيش في الشوارع ومحطات المترو".

وأشارت إلى أن مشهد الخراب في المدينة وخلو الطرقات من الازدحام المروري يرمزان إلى غياب عدد كبير من السكان الذين غادروا المدينة ولم يعودوا، مضيفةً أن عدداً من الأفران قد توقفت عن العمل، ما تسبب بنقص حاد في الخبز، بالإضافة إلى تراجع مستمر في توفر المواد الغذائية الأساسية "رغم الأوضاع الصعبة لم نتمكن من مغادرة طهران منذ بداية الأحداث نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي أجبرتنا على البقاء تحت نيران الهجمات".

وتُمدد العطلة الرسمية في البلاد حتى بداية تموز/يوليو القادم، إلا أن قرار الهيئة الإدارية والتنظيمية يخول للمحافظين تحديد آلية العمل سواء بالحضور أو عن بُعد تبعاً للظروف المحلية. وفي هذا السياق أعلن محافظ طهران أن ما لا يقل عن 30% من موظفي الأجهزة الحكومية ملزمون بالحضور إلى مقرات عملهم.

وحول هذا القرار قالت شهنار فرجي (اسم مستعار)، وهي موظفة بوزارة الصحة، إن كافة الموظفين طُلب منهم العودة إلى أماكن عملهم، وأن العمل يتم حالياً بنظام التناوب وبعدد محدود من الكوادر، مشيرةً إلى أن الموظفين غير الرسميين لم يتقاضوا رواتبهم خلال أيام العطلة، حيث تم خصم مبلغ من مستحقات كل منهم.

وتشهد الشركات الخاصة ظروفاً مماثلة لما تمر به المؤسسات الحكومية، حيث يواجه الموظفون ضغوطاً كبيرة للعودة إلى العمل رغم المخاطر، كازيوه مجيدي، وهي موظفة في إحدى الشركات الخاصة، اضطرت إلى ترك أطفالها لدى أقاربها في شرق كردستان، والعودة إلى طهران وسط أوضاع محفوفة بالمخاطر وتوضح "يعيش المواطنين تحت ضغط اقتصادي غير مسبوق، لا نعرف ماذا نفعل؟، الشركة أجبرتنا على العودة، وإن لم نفعل فلن يكون لدينا ما نعيش به، ربما بهذه الطريقة أستطيع إعالة أطفالي حتى لو كلّفني ذلك حياتي".

وأشارت إلى أن وسائل الإعلام التابعة للسلطات الإيرانية تتحدث دائماً عن الأمان على الرغم من أن أجزاء من طهران لا تزال تحت نيران القصف، مضيفةً أن العديد من العاملين خاصة من يعانون من أوضاع صعبة يجبرون على العودة إلى عملهم رغم القصف لكسب قوت يومهم "تُنشئ السلطات درعاً بشرياً لنفسها بإجبار الموظفين وحتى المجندين على العودة، ويُقال إنه مع انقطاع الإنترنت وغياب الوعي بتحذيرات الإخلاء، تُهدد  السلطات سكان طهران بمخاطر أكبر".