نساء مخمور ترفعن صوت السلام من قلب المعاناة

عبرت نساء مخمور عن رؤيتهن العميقة تجاه عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، مؤكدات أن الحل الحقيقي يبدأ بتحقيق الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان، ومشددات على أن أي تقدم لا يمكن أن يتم من طرف واحد، بل يتطلب خطوات متبادلة.

آسيا دنيز

مخمور ـ تحول مخيم مخمور من مجرد ملاذ للنازحين إلى مركز فعّال للمقاومة، حيث بادر إلى تأسيس آليات للإدارة الذاتية، وسعى لتجسيد مفهوم المجتمع الديمقراطي على أرض الواقع، لذلك يواجه تحديدات منها هجوم داعش وسياسات الحصار والتضييق وهجمات الاحتلال التركي.

في مخيم الشهيد رستم جودي للاجئين في مخمور، عبّرت النساء عن رؤيتهن العميقة تجاه عملية السلام وبناء المجتمع الديمقراطي، من خلال تقييمهن للإرث المؤلم للنزوح والمعاناة التي رافقته، إلى جانب الفرص التي تتيحها هذه العملية التاريخية.

 

 

بالنسبة لهن، لم تكن المبادرة التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان مجرد دعوة سياسية، بل شكلت نقطة تحول حقيقية، فخلال لقاءاتنا في أحياء المخيم، استمعنا إلى مطالب النساء وتطلعاتهن بشأن هذه العملية، حيث أكدن أن السلام الحقيقي لا يتحقق إلا من خلال مشاركة متكافئة، واعتراف فعلي بدور المرأة في صياغة مستقبل أكثر حرية وإنصافاً.

 

"نطالب بخطوات متبادلة لإنجاح عملية السلام"

قالت كوليزار شريشي، من سكان مخيم مخمور الذي لجأت إليه قبل أكثر من ثلاثين عاماً، إن مبادرة حزب العمال الكردستاني تركت أثراً بالغاً في نفوسهم منذ البداية "بعد أن استمعنا إلى كلمات القائد عبد الله أوجلان بعناية، أدركنا أن الحرب لن تنتهي مهما طال أمدها، وأن السبيل الوحيد لإنهائها هو السلام والمصالحة".

 

 

وأعربت عن قلقها من غياب أي خطوات جدية من جانب الدولة التركية، مؤكدةً أن نجاح العملية لا يمكن أن يتحقق من طرف واحد فقط، بل يتطلب التزاماً متبادلاً "كما اتخذ القائد أوجلان خطوات مهمة، فإن على تركيا أيضاً أن تبادر بخطوات ملموسة، فعلى سبيل المثال، عندما أتلف مقاتلو ومقاتلات حزب العمال الكردستاني أسلحتهم، كان من المفترض نقلهم إلى تركيا لدمجهم في الحياة السياسية".

وأشارت إلى أن تلك المرحلة شهدت دعوة من دولت بهجلي لحضور القائد عبد الله أوجلان إلى البرلمان، إلا أن العزلة المفروضة عليه لا تزال مستمرة حتى اليوم "يجب فتح الطريق أمامه للتواصل مع شعوب العالم، لأن استمرار العملية مرهون بكسر العزلة والسير نحو حل شامل وعادل".

ولفتت إلى التناقض بين تصريحات مسؤولي الدولة التركية والواقع العملي "دولت بهجلي ورجب طيب أردوغان يكرران دائماً أنهم سينجحون في هذه العملية ولن يسمحوا لأحد بإفشالها، لكن على أرض الواقع لم تُتخذ أي خطوات ملموسة، فالسلطات التركية لم تُفرج حتى عن السجناء الذين أمضوا ثلاثين عاماً في المعتقلات وأنهوا مدة عقوبتهم، ما يعكس غياب الإرادة الحقيقية في دفع العملية إلى الأمام".

وأضافت "عندما شاركت أمهات السلام آرائهن في لجنة البرلمان، أرادت أن تعبّر إحداهن عن ذاتها باللغة الكردية، لكنهم رفضوا ذلك، ولم يتفاعلوا معها، بل قالوا إن هذه اللغة محظورة، فإذا كان البرلمان لا يتقبل أمّاً تتحدث بلغتها الأم، فكيف يمكن أن تمضي العملية نحو النجاح؟"، مؤكدةً على الأمل والإيمان "نؤمن، كما يؤمن قائدنا، بأن سفك الدماء يجب أن يتوقف، وأننا قادرون على العيش معاً كإخوة وأخوات في ظل سلام حقيقي".

وعبرت كوليزار شريشي عن شوقها للعودة إلى أرضها "قضيت ثلاثة عقود بعيداً عن أرضي، وكل ما أريده هو أن أعود إليها، عائلتي بأكملها تقيم في شمال كردستان، ولا أستطيع رؤيتهم، وإذا أصابهم مكروه، لا يمكنني الذهاب إليهم، كما أنهم لا يستطيعون القدوم إليّ إذا حدث لي شيء، في عالم بهذا الاتساع، من المفترض أن يكون لكل إنسان مكان، لكن السياسات التي تنتهجها الدولة التركية تحرمنا من هذا الحق، وهي سياسات تفتقر إلى الأخلاق والإنسانية".

وأشارت إلى أن الدولة التركية خدعت الشعب الكردي مراراً وتكراراً إلا أن الكرد اليوم ليسوا كما كانوا في الماضي، "باتوا أكثر وعياً، نحن نعيش على أرض واحدة، وإذا ما اتخذت الدولة التركية خطوات عملية وجادة، فإننا نمتلك الثقة والأمل في أن تنجح عملية السلام وتُفتح أبواب المستقبل أمام الجميع".

 

"نضالنا من أجل مستقبل مشترك"

من جانبها، عبّرت تركان أفياني، أيضاً من مخيم مخمور، عن تطلعها إلى بناء مجتمع يسوده السلام والعدالة، وترى أن الهدف من العملية يجب أن يكون تحقيق السلام الاجتماعي ووقف إزهاق الأرواح "نريد أن يُعترف بلغتنا، وأن تسود المساواة بين الجميع، الدولة التركية تدّعي أنها تسعى للسلام، لكنها في الواقع تهددنا يومياً، حتى أن الأم لا تستطيع التحدث بالكردية مع طفلها، لا نريد المزيد من القتل من أي طرف، كيلا تبكي الأمهات، نريد العودة إلى أرضنا، لنرى عائلاتنا ونعيش بحرية".

 

 

وأشارت إلى الهجمات المستمرة التي يتعرض لها المخيم من قبل الاحتلال التركي "نواجه هنا قصفاً جوياً يؤثر بشكل مباشر على أطفالنا، نريد لهم أن يدرسوا ويعيشوا بحرية، تركيا تكرر أنها تريد السلام، لكن رغم كل الخطوات التي اتخذناها، لم تبادر بأي خطوة فعلية، لم يُفرج عن سجنائنا، ولا يزال القائد أوجلان معتقلاً، نريد أن نعيش بحرية إلى جانبه".

كما دافعت عن حق شعب إقليم شمال وشرق سوريا في الدفاع عن أرضه، مؤكدةً أن من يقاتل هناك هم أبناء وبنات المنطقة "هم يدافعون عن أرضهم، ولا يوجد أي مبرر للاحتلال التركي لمهاجمتها أو تهديدها".

وانتقدت تركان أفياني أداء لجنة السلام، مشيرةً إلى أن اللجنة التي أُنشئت لحل القضايا لم تسمح حتى لأم بالتحدث بكلمتين بالكردية "يجب أولاً حل مشكلة اللغة، شخصياً لا أجيد التركية، لغتي هي الكردية، وسأتحدث بها مهما حدث".

واختتمت تركان أفياني حديثها بالتأكيد على أن "سنظل نؤمن بقائدنا ونتبعه، ونريد أن نعيش بحرية معه، يجب أن تُحل المشكلات أولاً في هذه العملية، ويجب ألا تتوقف أو تُعرقل".