نساء بيساران رواد القرية الصامدون
تعتبر النساء في بيساران بشرق كردستان الركيزة الأساسية لقريتهن بجهودها المتواصلة، وتعشن رغم عدم المساواة.
اسراء عزيزي
بيساران ـ لم تتح الفرصة والظروف المناسبة لنساء الشرق الأوسط للتعبير عن أنفسهن كونهن تواجهن دائماً الحروب والفوضى والقتل والقمع.
على الرغم من التحديات الكبيرة، إلا أن نساء الشرق الأوسط لم تخسرن أنفسهن وخرجن أقوى، فقد بات ذلك واضحاً في الصراعات المختلفة التي عاشتها المنطقة، حيث كانت لنساء قرية بيساران حياة مختلفة سواء في ظروفهن وجغرافيتهن المحددة، فكون المرأة مزارعة أو مربية فإن ذلك يتطلب الكثير من القوة والقدرة.
ومع أنه لم يتم ذكر الجنس في أماكن العمل في القرية إلا أنه يتم ذكره في القرارات، وتتحمل المرأة مسؤوليات أكبر، وتساهم بشكل أقل في الاقتصاد، وفي أفضل الأحوال تساهم بدون أجر.
قرية بلا نساء كحديقة بلا زهور، خالية من الروح والحياة، ربما في بعض العائلات، يمكن للمرأة أن تتمتع بالمزيد من الصلاحيات، لكن غالبية النساء في القرية يتم معاملتهن بإهمال كبير وحرمان من التعليم الأكاديمي والمرافق الحديثة.
كما يذهب الدخل الناتج عن الزراعة وتربية الحيوانات إلى الرجل، الذي يحدد مقدار النفقات اللازمة لتلبية احتياجات المرأة، لكن هذا التفاوت لا يجعل النساء سلبيات ولا تستخدمن قوتهن الكبيرة لإدارة القرية، فعلى الرغم من أنه يتعين عليهن استخدام أجسادهن لإنجاب الأطفال، إلا أن الرجال يرفضون تعطيل أعمالهم في حال حدث أي طارئ للنساء وأحيانا يتجاهلون آلامهن النفسية والجسدية، ويمكن ملاحظة ذلك في الولادات الصعبة دون مرافق، والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى وفاة الأم.
في المجتمع الريفي، تقوم النساء بإعداد الخبز ومنتجات الألبان بأنفسهن، وهو الجزء الأكثر أهمية في التغذية، حيث يتم إجراؤه بواسطة النساء ويستغرق ساعات طويلة في اليوم، لذلك، فإن إطعام الحيوانات والبشر في القرية غالباً ما يكون مسؤولية النساء.
بالإضافة إلى كل هذا، يعد التكاتف النسائي والعمل الجماعي من أكثر التقاليد المفيدة التي بقيت منذ زمن النسب الأمومي في قرية بيساران، فالعمل الجماعي يشفي جراح النساء النفسية ويساعدهن على التعامل مع الاضطهاد، فالقوة التي تكمن في المجموعة التي تنتقل إلى الفرد، كما أن التواصل والحضور في الطبيعة هو أيضاً دواء لأرواح النساء.
ولهذا السبب، عندما نرى نساء القرية، رغم كل القيود، تتدفق فيهن الطاقة والشغف بالحياة، فإنهن تتقدمن بقوة ونضال، في مكافحة عدم المساواة والتمييز بين الجنسين، ففي مدينة جوانرود نساء مجتهدات تقفن مثل جبالها تخضن الحياة بكل ثبات، فعلى سبيل المثال عند غياب الرجال في مواسم معينة تبقى القرية بدون مشاكل كون النساء تدرنها، لكن هل يمكن تصور القرية بدون نساء؟
قالت إحدى نساء قرية بيساران، تدعى أمينة كريمي "أعمل بجد مقابل ثلاثة رجال وأستطيع التعامل مع أي شيء من الحصاد وإزالة الأعشاب الضارة إلى قطف التوت والعديد من المهام الأخرى. وفي هذه الأثناء، أعددت الطعام لعشرين شخصاً. ماذا يمكنني أن أفعل أكثر من ذلك؟".
وأضافت "زوجي لا يعطيني ما يكفي من المال مقابل هذه الجهود كما أنه غير مبال، لا أستطيع التحدث نيابة عن النساء الأخريات، لكن بالنسبة لي، فإن الأمر يشبه الحصول على أجر مقابل عملي الشاق، عندما يتم بيع المنتوجات، علينا أن نحصل على حقنا، وهم لا يفعلون ذلك"، مضيفةً "لا أحب الجلوس والخمول، أحب أن أحاول، لا أفضّل أبداً حياة المدينة المزدحمة على حياة الريف".
وعن معاناة نساء بيساران قالت أمينة كريمي "نحن نساء القرية مشغولات دائماً بالعمل؛ كنسج السجاد والخبز وتربية الحيوانات والبستنة والعديد من الأعمال الأخرى، شخصياً، ليس لدي دقيقة واحدة للراحة، وهنا جميع النساء مثلي".
وخلال حديثها أشارت إلى امرأة كانت تخبز، قائلةً "هذه المرأة لديها ابن وتحاول دائماً أن توفر له الراحة، حيث أنها في الربيع، تبدأ بإزالة الأعشاب الضارة ويستمر العمل مع نضج المحاصيل مثل الكرز والتوت وغيرها من الفواكه، وفي الخريف تقوم بهز وحصاد الجوز والتفاح وغيرها من المنتجات، كما تقوم أيضاً بإعداد الحيوانات للبيع، الآن لدي عشرة إلى خمسة عشر رأس من الماعز للبيع".
أمينة كريمي مثال واضح لنساء قرية بيساران، وحجم العمل الذي ذكرته لا يستطيع رجال القرية القيام به، لكن هذه الحقيقة لا يفهمها الرجال أبداً ويصعب عليهم قبولها، وواجباتهم لا تصل أبداً إلى ثلث مسؤوليات المرأة، إن نساء القرية، بالإضافة إلى تحملهن العمل الشاق، هن الركيزة الأساسية والسبب في حياة القرية واستدامتها.