أمينة عمر: المرأة السورية بين نضال الحقوق وتهديدات الفكر المتطرف

أكدت أمينة عمر، عضوة منسيقية مجلس المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، أن سقوط نظام البعث وتولي الحكومة السورية المؤقتة السلطة لم يساهم في تحقيق أي تقدم إيجابي لقضايا النساء، بل ازدادت معاناتهن في ظل غياب أي حماية أو إصلاح حقيقي.

رونيدا حاجي

الحسكة ـ تشترك سياسة الحكومة السورية المؤقتة مع داعش في تهميش النساء وانتهاك حقوقهن، حيث يُفرض عليهن قيود صارمة ويُحرمن من المشاركة الفاعلة في الحياة العامة، مع استمرار مظاهر العنف والاضطهاد.

 

"مستقبل سوريا وقضية المرأة رهن وعي وذهنية هيئة تحرير الشام"

أكدت أمينة عمر، عضوة تنسيقية مجلس المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، أن المرأة السورية بحاجة ماسّة إلى حماية مكتسباتها التي نالتها بعد سنوات من النضال، قائلة إن الحكومة السورية المؤقتة بقيادة هيئة تحرير الشام، بعقليتها المتطرفة، تُشكّل تهديداً حقيقياً لمستقبل سوريا ولقضية المرأة فيها.

وأعربت عن قلقها من احتمال فقدان النساء لحقوقهن الأساسية، وعلى رأسها حق المشاركة في صنع القرار، نتيجة لهذا الفكر الإقصائي، مضيفةً أن المؤتمرات الأخيرة كشفت عن تراجع واضح في حضور المرأة وإنكار لدورها الحيوي، وهو ما يتناقض تماماً مع مساهمتها الجوهرية في الأزمة السورية منذ عام 2011، فقد بنت المرأة السورية نضالها ومقاومتها وتنظيمها بنفسها، ورغم معاناة التهجير والفقد، استطاعت أن تصل إلى مرحلة إسقاط نظام البعث الذي همّش المرأة وجميع المكونات الأخرى بسياساته القمعية.

 

"الانتهاكات كارثة على الإنسانية"

وأوضحت أمينة عمر، أن ممارسات هيئة تحرير الشام لا تنذر بأي خير لمستقبل سوريا، بل تعكس واقعاً مأساوياً تعيشه النساء السوريات "وصول جهاديي هيئة تحرير الشام إلى السلطة أدى إلى تصاعد الانتهاكات بحق النساء، من إبادة جماعية واغتصاب وخطف واعتداء وقتل، لا سيما في الساحل السوري، حيث تعرضت النساء العلويات والدرزيات في السويداء لانتهاكات مروعة".

واعتبرت أن الجرائم المرتكبة في السويداء امتداد لسياسات الإبادة الجماعية التي نُفذت سابقاً في الساحل، مؤكدةً أن هذه الأفعال تمثل كارثة إنسانية تهدد المجتمع السوري بأكمله، مضيفةً أن استمرار هذه الانتهاكات في ظل حكم الحكومة السورية المؤقتة، التي تمارس سياسات قمعية بحق النساء، يعني أن المرأة السورية ستظل في حالة نضال دائم.

وشددت على أن غياب المرأة عن مواقع صنع القرار في هذه الإدارة هو إنكار لدورها وجهودها، وهو أمر غير مقبول، خاصة في ظل السعي لبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية تضمن مشاركة المرأة الفاعلة في مستقبل البلاد.

 

"ذهنية داعش لا تزال حية بشكل واضح"

وأكدت أمينة عمر أن تنظيم النساء ودفاعهن الذاتي يمثلان أهم أدوات المواجهة في المرحلة الراهنة، مشيرةً إلى أن الجرائم المرتكبة بحق النساء في السويداء تعكس ذات العقلية المتطرفة التي تبناها داعش عام 2014 ضد النساء الإيزيديات، حيث تعرضن للقتل والاغتصاب والخطف والاستعباد.

وأضافت أن هذا النهج الوحشي لم يقتصر على السويداء، بل سبق أن طُبق في الساحل السوري أيضاً، مما يستدعي من النساء التركيز على مواجهة هذه العقلية وتعزيز قدراتهن الدفاعية والتنظيمية، محذرةً من أن غياب التنظيم النسوي والوحدة بين النساء سيجعل من السهل إعادة إنتاج هذه السياسات القمعية ضدهن في المستقبل.

وشددت على أن الدفاع الذاتي والتنظيم هما السلاح الحقيقي لبناء جدار منيع في وجه تهديدات التطرف، مستشهدةً بتجربة نساء إقليم شمال وشرق سوريا، حيث أسّسن وحدات حماية المرأة (YPJ) وخضن معارك شرسة وناجحة ضد الإرهاب، لتصبح هذه التجربة نموذجاً يُحتذى في مقاومة العنف والتطرف.

 

"بناء جبهة نسائية قوية لمواجهة الفكر الجهادي"

ووجهت عضوة تنسيقية مجلس المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا أمينة عمر دعوة إلى النساء السوريات، تحثّهن فيها على المطالبة بحقوقهن وبناء جبهة نسائية موحدة وفاعلة، تضمن حضورهن في جميع مجالات الحياة، خاصة في صياغة دستور دائم لسوريا المستقبل "غياب المرأة عن المؤسسات والمنظمات المعنية ببناء الدولة سيؤدي إلى ضياع حقوقها بالكامل"، مشيرةً إلى أن العقلية الذكورية السائدة في دمشق لا تزال تقف عائقاً أمام تمكين المرأة، مشددةً على ضرورة خوض نضال واسع وتوحيد جهود النساء السوريات على امتداد الجغرافيا السورية، من أجل تشكيل جبهة قوية تُرسّخ حقوق المرأة على المستوى الدستوري، وتضمن مشاركتها الفاعلة والمؤثرة في رسم ملامح سوريا الجديدة.