ندوة في بغداد تسلط الضوء على واقع المرأة الفيلية

ألقت الندوة التي نظمت في العاصمة بغداد، الضوء على دور المرأة الفيلية والتحديات التي تواجهها وقدرتها على الصمود والمقاومة وتحمل المسؤوليات في بناء الأسرة والمجتمع رغم المعاناة التي عاشتها.

رجاء حميد رشيد

بغداد ـ تحت شعار "إشراقة أمل وأيقونة الصبر والصمود"، نظمت الجبهة الفيلية، أمس السبت 10 أيار/مايو، ندوة تكريمية للمرأة الفيلية تحت عنوان "تحديات المرأة الفيلية وأصالة المشاركة في بناء الأسرة والمجتمع"، في مقرها بالعاصمة بغداد، بحضور عدد كبير من الأكاديميات والناشطات في مختلف المجالات.

سلطت الندوة الضوء على دور المرأة الفيلية في مواجهة التحديات التي تعرضت لها على مر العصور، من اضطهاد وتهجير وظروف قاسية، فقد أثبتت قدرتها على الصمود والمقاومة، وتحملت المسؤولية في بناء الأسرة والمجتمع رغم المعاناة، واستعرضت الحاضرات تجارب نساء فيليات متميزات قدمّن نماذج ملهمة من النضال والصبر، وأكدن على ضرورة إعلاء صوت المرأة الفيلية في جميع المجالات السياسية والاجتماعية.

قالت جميلة ناصر قنبر الفيلي، وهي من السجينات السياسيات، إن المرأة الفيلية تمثّل أيقونة للنجاح، والصبر، والمثابرة، مشيرة إلى ما تعرضت له المرأة الكردية من ظلم، وربطت معاناة المرأة الفيلية بما واجهته المرأة العراقية عموماً، باعتبارها الزوجة والأم والأخت، وهي التي ضحّت بأبنائها في فترات التهجير القسري.

وسردت تجربتها الشخصية قائلة "تم اعتقالي من قبل النظام البائد لمدة تقارب السبعة أشهر، وبعدها جرى تسفير عائلتي، وقد خضعت لقانون المرأة الأجنبية المتزوجة من عراقي، حيث أُطلق سراحي بكفالة زوجي، الذي أُجبر بدوره على ترك عمله".

 وأضافت "في حين تم تسفير عائلتي إلى إيران، عانت شقيقتي أيضاً حيث اعتُقلت مع زوجها وابنها ذي التسعة شهور في سجني أبو غريب ونقرة السلمان لمدة تسعة أشهر، ثم طُردوا إلى الحدود حتى وصلوا إلى إيران، التي احتضنتهم مع والدتي وأخواتي الأربع".

وتابعت بحزن "والدتي حاولت زيارتنا، لكنها وقعت في قبضة القوات العراقية التي اعتقلتها وعذّبتها، وظلّ مصيرها مجهولاً حتى بعد سقوط النظام، حيث تم تسليمنا شهادة وفاتها ضمن قوائم المقابر الجماعية"، مؤكدة أن "المرأة العراقية ستبقى صلبة، أما المرأة الفيلية فستبقى شامخة رمز الصبر والثبات".

فيما استعرضت ممثلة المرأة الكردية الفيلية صباح نور الدين، مسيرة المرأة الفيلية التي اعتبرتها أيقونة للصبر والثبات، مشيرةً إلى التحديات التي واجهتها عبر التاريخ.

وأضافت "نحن اليوم، كمجموعة من المرشحات، نستذكر الماضي المؤلم الذي مرت به المرأة الفيلية، ونسعى إلى بناء حاضر ومستقبل أفضل، مستندين إلى تجارب جيلنا والجيل السابق، لنعمل معاً على تجاوز الصعوبات والعثرات التي اعترضت طريقنا"، مؤكدة أن المرأة العراقية عامة، والفيلية بشكل خاص، لا تزال تبذل الجهد لتخطي آثار المعاناة التي عاشتها في الماضي.

وشددت على أن الجبهة الفيلية هي فضاء مستقل لا يخضع لأي جهة أو تنظيم سياسي "لسنا منحازين لأي حزب أو شخصية سياسية، ونعمل بكل حرص على إيصال صوت المرأة الكردية الفيلية ومطالبها، كما أن أبواب الجبهة مفتوحة أمام الجميع دون استثناء".

من جانبها أشارت نسرين عبد العالي، وهي مدافعة عن حقوق الإنسان، إلى أثر ودور المرأة العراقية في بناء الأسرة والمجتمع، مؤكدة أن المرأة، رغم ما واجهته من حروب وحصار وظروف صعبة، بقيت تواصل مسيرتها بإرادة قوية، لتثبت جدارتها وتكون شريكة في اتخاذ القرار، نظراً لدورها الحيوي في تربية الأجيال وصناعة المستقبل.

كما أكدت على أهمية المشاركة الاقتصادية والتمكين الاجتماعي، إلى جانب المشاركة السياسية، مشددة على ضرورة أن يحظى دور المرأة بدعم المجتمع لتتولى المناصب القيادية والإدارية، مضيفةً "يجب إعداد المرأة بشكل سليم وتأهيلها جيداً لتكون قادرة على تحمّل المسؤوليات وتسنّم أي مهام مهمة توكل إليها".

بدورها قالت رئيس مهندسين أقدم، نجوى يصل الله، إن المرأة الفيلية تُعد جزءاً أصيلاً من المجتمع العراقي، ولها دور بالغ الأهمية، رغم ما تعرضت له من تهميش وظلم، شمل السجون والتهجير وفقدان أفراد من عائلتها، موضحةً أن تلك الظروف القاسية منحت المرأة الفيلية صلابة وصبراً، جعلتها قادرة على التحدي والنضال من أجل خدمة القضية الفيلية العادلة.

وأضافت "بعد سقوط النظام، وبصفتي امرأة فيلية، سعيت للحصول على جزء من استحقاقاتنا وباعتباري مهندسة وعضوة في لجنة ضمن مجلس مدينة بغداد، عملنا على استحصال الموافقات اللازمة لإقامة نصب تذكاري لشهداء الكرد الفيلية، ليكون رمزاً لدماء شهدائنا، وموقعاً جامعاً لأبناء الفيلية في جميع أنحاء العالم".

من جانبها أثنت مريم علاء الفيلي، عضو في حزب الجبهة الفيليّة، على دور وجهود المرأة الفيليّة، رمز الصمود والعزة، التي لم تنحنِ أمام الظلم، ولم تتراجع أمام الألم، رغم ما تعرّضت له من تهجير واضطهاد في حقبة النظام البعثي، بقيت المرأة الفيليّة متمسكة بهويتها، ربت الأجيال.

في سنوات التهجير القسري بين 1979 و1981، فقدت الأسر أبناءها، وسُحبت الجنسيات، وصودرت الممتلكات، وتحمّلت النساء وحدهن عبء الفقد والشتات، ومع ذلك، لم تنهزم المرأة الفيليّة، بل واصلت الكفاح.

واستذكرت جدتها خيرية سلمان، التي واجهت فقد ابنها وزوجها وظروف القهر بعزيمة لا تلين، والمناضلتين سارة الفيلي وزهراء علي، وغيرهن كثيرات ممّن قدمن دروساً في الثبات، في القرى الحدودية كبدرة ومندلي وجصّان، كانت المرأة فيليّة هي السند، تحرث الأرض وتواجه عسف السلطة بكل شجاعة.

قالت المعلمة إيناس يد الله نجف الفيلي "أنا سجينة سياسية سابقة، عانيت مع عائلتي من قسوة النظام البائد، حيث تعرضنا للتهجير، والتسفير، وإسقاط الجنسية"، مشيرةً إلى أن الكرد الفيليين واجهوا تمييزاً ممنهجاً، خاصة في المدارس والجامعات، على مدى سنوات طويلة.

وأضافت "بعد سقوط النظام، تمكّنا من استعادة جزء من حقوقنا، كفرص الدراسات العليا والتعيينات الوظيفية"، مؤكدة أن المرأة الفيلية، رغم ما مرّت به من ظلم، ظلت صلبة ومناضلة، وأسهمت في تربية أجيال قوية.

هذا وشهدت الندوة حضوراً مميزاً وتفاعلاً قوياً مع قضايا المرأة الفيلية، حيث تم التأكيد على أن معاناتها ليست فقط جزءاً من الماضي، بل هي قصة صمود وعزة، ويجب أن تبقى حية في ضمير الوطن وتدرج معاناتها في كتب التاريخ كحقيقة يجب أن تُدرس للأجيال القادمة.