عندما يصبح السلام مطلباً ملحاً... صراع البقاء وسط الفوضى في جوانرو

خلقت حرب الصواريخ بين إسرائيل وإيران مدينة جوانرو حالة من انعدام الأمن، فالناس هناك تركوا منازلهم خوفاً على حياتهم، داعين منظمات المجتمع المدني إلى الاتحاد وبناء هيكل شعبي من أجل إحلال السلام في المنطقة.

سوما كرمي

جوانرو ـ مع انطلاق موجة جديدة من حرب الصواريخ بين إسرائيل وإيران، شهد أهالي مدينة جوانرو أيضاً سقوط هذه الصواريخ في مناطق مختلفة من شرق كردستان، وبات أهالي المدينة يعيشون وضعاً حرجاً وفوضوياً؛ إذ انتشر الرعب في كل مكان وتلاشى الشعور بالأمن.

اصطفت طوابير طويلة أمام المخابز ومحطات الوقود منذ الساعة السادسة صباح الجمعة 13 حزيران/يونيو الجاري، وكان الناس يحاولون الاستعداد للأيام المقبلة بشراء كميات كبيرة من الخبز والتوجه إلى المتاجر لتخزين سلع مثل الأرز والزيت. في غضون ذلك، استغل بعض البائعين الوضع ورفعوا الأسعار، وقد أدى غياب الرقابة الحكومية إلى تفاقم الوضع، حيث فاقمت بعض المتاجر من مخاوفها بإخفاء السلع الأساسية أو إغلاق متاجرها.

الإنترنت مُفلتَر (أي الوصول إلى بعض المواقع محضور) في جوانرو، وحتى برامج مكافحة التصفية المدفوعة (تطبيقات أمان توفر حماية متقدمة ضد الفيروسات) لا تعمل، كما دُمِّرت بعض الطرق خلال الهجمات الصاروخية الجديدة على مدينة كرماشان. وفي الهجوم على مدينة ماهيدشت استُهدفت شركة "كايكو" التابعة للحرس الثوري التي تنتج المعدات العسكرية، كما أُبلغ عن انفجارات في كنجاور ودالاهو.

 

"نحن معرضون لخطر أن يتم استخدامنا كدروع بشرية"

تقول زينات كوهي إحدى مواطنات جوانرو "نعيش بخطر أكبر من المناطق الأخرى من إيران نظراً لأن الحكومة لا تهتم بجوانرو. في السنوات الأخيرة، أُطلقت الحكومة النار على أهالي المدينة عدة مرات خلال المظاهرات، والآن لا أمل لنا في أن تدافع الحكومة عنا، بل نخشى أن نُستخدم كدروع بشرية".

وأضافت "منذ مساء أمس، غادر عدد كبير من المواطنين منازلهم ولجأوا إلى القرى خاصة القاطنين بالقرب من القواعد العسكرية".

 

"علينا أن نتحد ونبني هيكل شعبي"

رغم لجوء العديد من العائلات إلى القرى المجاورة، سُمع دوي الصواريخ المُطلقة من كرماشان إلى قلب جبال جوانرو الليلة الماضية، وتحاول تلك العائلات إبعاد أطفالها عن التوتر والقلق، لكن القلق على مستقبل أبنائها ألقى بظلاله الثقيلة على قلوبهم.

بدورها تقول المواطنة سهيلة ويسي "على عكس سوق السبت المعتاد في جوانرو، تشهد المدينة هدوءاً غير معتاد، وأصبح الناس قلقون على وظائفهم ودخلهم، فالوضع الاقتصادي هش للغاية، وإذا لم نعمل لبضعة أيام فقط، فلن نتمكن من تحمل نفقات المعيشة. لقد وضع ارتفاع سعر الدولار والتضخم ضغوطاً كبيرة على الأسر ذات الدخل المحدود".

في هذه الأوقات الصعبة، يتوحد صوت أهالي جوانرو مع جميع سكان إيران وشرق كردستان "لا نريد حرباً. يريد الشعب إنهاء الصراعات المدمرة بين القوتين المهيمنتين (إيران وإسرائيل)، حربٌ لا يدفع ثمنها السياسيون، بل المواطنون  والنساء والأطفال والمستضعفون".

ودعت سهيلة ويسي منظمات المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة وحقوق الإنسان إلى "وضع خلافاتهم جانباً في هذه الظروف الحرجة، والاتحاد لتشكيل نظام شعبي مستقل؛ نظام ينبع من إرادة الشعب، لا يعتمد على هياكل الحرب بل يمثل صوت السلام والعدالة والحياة بدلاً من الصواريخ والموت".

 

مساحة أمنية وتحذير الإخلاء

تُقيم قوات الأمن نقاط لتُفتّش الشاحنات الثقيلة وشبه الثقيلة والصغيرة، الأمر الذي يُعيق حركة الناس خارج المدينة، وقد سادت أجواء أمنية في المدينة مما زاد من قلق الناس.

سُمع صباح اليوم الاثنين 16 حزيران/يونيو، عدة انفجارات في سماء جوانرو، ونُشرت مقاطع فيديو تُظهر منظومة الدفاع الجوي التابعة لفيلق "أنصار المهدي" المتمركزة بالقرب من المدينة وهي تتصدى للصواريخ القادمة، وعقب هذه التحركات، حُذّر المواطنون من مغادرة المدينة، إذ من المرجح أن تستهدف إسرائيل مراكز الحرس الثوري الإيراني داخل جوانرو أيضاً.

ووفقاً لمصادر رسمية في الحرس الثوري الإيراني حفاظاً على سلامة المواطنين مُنعت حركة المرور من مخرج طريق سبيدبرغ والطرق القريبة من القواعد العسكرية، كما تم تحذير سكان منطقة آيشول على الفور بإخلائها، لأنها تُخزن ذخيرة حربية في القاعدة العسكرية فيها، وهناك احتمال كبير لوقوع هجوم.

ومنذ أمس، تم حظر حركة سيارات النقل الخاصة أيضاً على الطرق المؤدية إلى شاهو والمسارات الجبلية حيث توجد الثكنات العسكرية.

من المخاوف الجسيمة التي تُقلق أهالي جوانرو إنشاء مراكز عسكرية داخل المدينة أو على أطرافها، ويعتقد الكثيرون أن هذه القواعد تُهدد أمن السكان بدلاً من توفير الحماية لهم، وبينما يُفترض في زمن الحرب أن تُقام المراكز العسكرية بعيداً عن المناطق السكنية، لم يُلاحظ ذلك في جوانرو وغيرها من المدن، مما أدى إلى انتشار الخوف وانعدام الأمن بين المواطنين.