مصر... دراسة حول واقع المهاجرين السودانيين من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث
أطلق مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، دراسة حملت عنوان "تشويه الأعضاء التناسلية للإناث لدى المهاجرين السودانيين في القاهرة الكبرى.. الاتجاهات والتصورات" بمشاركة ممثلين عن قطاعات عديدة من المعنيين بالقضية.

أسماء فتحي
القاهرة ـ تعتبر قضية ختان الإناث من القضايا الجدلية التي تؤثر على حياة النساء والفتيات في العديد من المجتمعات، حيث ترتبط هذه الممارسة بعوامل ثقافية واجتماعية معقدة تتجاوز الحدود، خاصة مع تزايد الهجرة نتيجة الحروب والصراعات.
أصدر مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي أمس الثلاثاء 13أيار/مايو، دراسة حملت عنوان "تشويه الأعضاء التناسلية للإناث لدى المهاجرين السودانيين في القاهرة الكبرى.. الاتجاهات والتصورات" بمشاركة ممثلين من قطاعات عديدة من المعنيين بالقضية.
وسلط المركز الضوء على واقع المهاجرين السودانيين من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، حيث أنها تعتبر مسألة ملحة وجديدة وتفرد فيه المركز بشكل خاص، وركزت الدراسة على الأثر المترتب على الهجرة بين بلدين لديهما معدلات مرتفعة من ممارسة ختان الإناث على عكس ما يحدث في مختلف أنحاء العالم.
وتعد الدراسة بداية استكشافية لتفردها في هذا المسار ووسط حضور من منظمات مهتمة بالقضية وكذلك الممثلين عن عدد من الجهات الدولية التي تدعم هذه القضية والنشطاء المعنيين تم طرح الدراسة ونتائجها والاستماع للتوصيات والأفكار والمساهمات الخاصة بـ آفاق العمل المستقبلي على هذا الملف.
وتعد الهجرة السودانية للداخل المصري عقب الحرب الأخيرة أحد الملفات التي اهتم بها المجتمع المدني لما لها من تأثير على الواقع المحلي، إلا أن الدراسة خلصت إلى أن الواقع في قضية الختان مختلف فالسودانيين يمارسونه على طريقتهم ولا يشاركون الحديث حوله مع العائلات المصرية، وهو الأمر الذي يحتاج لدراسة لاحقة بعد مرور وقت أطول من الإقامة في مصر.
وبحسب الدراسة أكد الكثيرون، أن علاقتهم بالشعب المصري المضيف هشة بسبب التصورات التي يحملونها عنهم، وهو ما سيدفع العديد من العائلات السودانية إلى عدم الحصول على معلومات حول الختان من نظرائهم المصريين وبالتالي سيتوجهون لأطباء مصريين أو مرافق صحية مصرية.
تأثير الهجرة بين دولتين ترتفع فيهما معدلات الختان
وقالت المديرة التنفيذية لمركز "تدوين" لدراسات النوع الاجتماعي أمل فهمى، هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، فختان الإناث موجود في نحو 35 دولة حول العالم، إلا أن المهاجرين عادة ما يتحركون من دول يمارس بها الختان بدرجة أعلى إلى أخرى أقل، مؤكدة أن الموقف هذه المرة مختلف فالمهاجرين انتقلوا من السودان التي تشهد معدلات مرتفعة من الختان إلى مصر التي تشهد حالات ختان متزايدة.
ولفتت إلى أن الدراسة تستكشف ما يحدث بين عائلات المهاجرين في مصر وما إن كانوا سيواصلون ممارستهم للختان، وكذلك أي نوع سيقومون به ومن الذي سينفذه، لأن مصر بها معالجة للختان بينما السودان وضعها مختلف.
وأكدت أن أهم التوصيات التي خلصت إليها الدراسة تكمن في طريقة العمل مع السودانيات لاحقاً، والتي تستوجب التركيز على الختان وتزويج الطفلات فكل منهما مرتبط بالآخر، مشددةً على ضرورة توعيتهم بالقانون والعقوبات المحلية للمخالفين وربط الخدمات المقدمة بالناجيات من الختان.
واعتبرت أن للتوعية دور محوري، فضلاً عن ضرورة المواصلة في عمل الأبحاث لاحقاً لكون السودانيين حديثي التواجد في مصر وبعد مرور وقت كافي يجب بحث ما سيقومون به من ممارسات تتعلق بهذا الملف.
ومن اللافت أن غالبية المشاركين في الدراسة اعتقدوا أن العائلات السودانية تدعم التخلي عن "النوع الفرعوني"، كما ذكر جميع المشاركين أنهم توقفوا عن ممارسة ختان الإناث داخل أسرهم، وأكد معظمهم أنهم يعارضونه بشدة.
كما أن الكثيرين مازالوا ينظرون إلى ختان "السنة" أنه الأقل ضرراً مع مضاعفات محدودة أو معدومة، ويعتقدون أن معظم السودانيين لا ينظرون له كعنف ضد المرأة، أو أنه يتحكم في حياة المرأة الجنسية ولكنهم يرونه من منظور طبي والتركيز على آثاره الصحية خاصة المرتبطة بالنوع الثالث منه "الفرعوني".
"الدراسة فريدة من نوعها واستكشافية سيتم البناء عليها لاحقاً"
وأكدت مستشارة النوع الاجتماعي عن منظمة Equality Now نجلاء سرحان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنهم تعاونوا في الدراسة مع مركز "تدوين" لدراسات النوع الاجتماعي الذي تعاون مع بعض المنظمات السودانية الموجودة في مصر واستهدف التركيز بصفة خاصة على تأثير الهجرة على الاستمرار في ممارسة الختان خاصة أن مصر والسودان دولتان ترتفع بهما معدلات تلك الممارسة.
ونوهت إلى أن هذه الدراسة كونها تعد الأولى من نوعها فتم الاعتماد على عمل لقاءات مع المهاجرين السودانيين المقيمين في مصر لاستطلاع رأيهم في عدد من الاسئلة التي بنيت عليها نتائج وتوصيات الدراسة، مع الوقوف على العوامل التي تساهم في استمرار تلك الممارسة أو الوقوف عليها مع الوقوف على آثار الهجرة ذاتها من دولة ترتفع بها معدلات الختان لأخرى شبيهة لها في نفس التزايد.
وأضافت أن الهدف من إطلاق الدراسة يتمثل في تجميع الأطراف المعنية وذات الصلة والمهتمين بهذه القضية سواء كانوا منظمات أو كوادر طبية أو منظمات دولية والتي قد تدعم استمرار تلك الدراسة الاستكشافية وبناء على ما سيتم الحصول عليه من آراء ستكون الصورة أوضح بشأن المسارات التي يجب سلكها لاحقاً.
وبحسب الدراسة كانت معرفة المشاركين بممارسة ختان الإناث في مصر محدودة ومليئة بالتناقضات والكثير منهم أعتقد أن المصريين يمارسون النوع الثالث "الفرعوني" لأنه سمي باسمهم، وذكر المشاركون أن العائلات السودانية التي تمارس الختان في السودان من المرجح أن تستمر في ممارسته بمصر.
وأشاروا بحسب الدراسة إلى وجود "سودان مصغرة" في الأحياء ذات الكثافة العالية بالمهاجرين السودانيين والذي يسمح بوصول العائلات للقابلات السودانيات للمساعدة في إجراء الختان بمصر وإيجاد عائلات أخرى راغبة وجمع الدعم المالي المطلوب لذلك بشكل جماعي.
"السودانيين المقيمين في مصر يمارسون الختان على طريقتهم"
بدورها أوضحت الدكتورة يسرا محمود، ومسؤولة البرامج في مركز "تدوين" لدراسات النوع الاجتماعي، أن نتائج تلك الدراسة قد لا تجيب على جميع الاسئلة، إلا أنها تضع جميع الأكاديميين والجهات المعنية على الطريق الصحيح لمواجهة تلك الممارسة.
ولفتت إلى أن الدراسة خرجت بالعديد من النتائج ومن أهمها الاختلافات التي تحدث في الممارسة بين كلا الدولتين سواء في العمر أو القائم على الختان وكذلك الطريقة ذاتها، كاشفة أن السودانيين المتواجدين في مصر يقومون بنفس ممارساتهم في دولتهم ولم يتأثروا بالواقع المحلي المصري.
وأشارت إلى أنه من الواضح في نتائج الدراسة عدم وجود اختلاط بين المجتمع السوداني والمصري في ممارسة الختان فالعائلات السودانية لا يتحدثون أو يتأثرون على الاطلاق بالمصريين أو يشاركونهم أفكارهم عن تلك الممارسة كما هو واضح في نتائج الدراسة.
والجدير بالذكر، أن الدراسة احتوت على عدد من التوصيات منها، ضرورة زيادة الوعي بالقوانين المصرية التي تجرم ختان الإناث بين مجتمعات المهاجرين السودانيين، وضمان دمج حقوق الإنسان ومنظور النوع الاجتماعي وتسليط الضوء على انتهاك الاستقلال الجسدي والآثار المجتمعية لختان الإناث في جهود المناصرة وكسب التأييد.
فضلا عن ضرورة تزويد الآباء والأمهات بالمعرفة اللازمة لمقاومة الضغوطات المجتمعية والأسرية، وإجراء أبحاث واسعة النطاق حول ختان الإناث بين المجتمعات السودانية بعد الهجرة، ودراسة ديناميكيات القوة بين الأجيال داخل "السودان المصغر" والمجتمعات المماثلة لفهم تأثيرها على صنع القرار بشأن الختان.