ليلى كوفن: نأمل أن يحمل جميع الصحفيين الأمل في السلام إلى المجتمع

انتقدت السياسية الكردية ليلى كوفن، المحتجزة في سجن سينجان، لغة وسائل الإعلام في مقالها عن عملية السلام، مؤكدةً أن "الأخبار التي ينشرونها، واللغة والصور التي يستخدمونها، تغذي غضب ملايين الكرد كل يوم".

مركز الأخبار ـ أكدت السياسية الكردية ليلى كوفن، على أن العديد من الصحفيين والمعلقين الذين التزموا الصمت خلال عقود من المعاناة الكردية، يصفون أنفسهم اليوم بالحياد، بينما يستمرون في تجاهل المطالب المشروعة وتصويرها كأنشطة "إرهابية".

من داخل سجن سينجان المغلق للنساء، حيث تُحتجز منذ 22 كانون الأول/ديسمبر 2020، كتبت الرئيسة المشاركة لمؤتمر المجتمع الديمقراطي ليلى كوفن، مقالاً ضمن زاوية "من قلم امرأة" في صحيفة JINNEWS، تناولت فيه دور الإعلام في عملية السلام وبناء المجتمع الديمقراطي.

في تقييمها للغة الخطاب الإعلامي، وانتقدت فيه بعض القنوات التي بحسب وصفها "تنتظر بفارغ الصبر تعطيل العملية"، مؤكدة على أهمية أن يتحلى الصحفيون بالمسؤولية وأن يكونوا حاملي أمل السلام إلى المجتمع، لا أدوات لإشاعة الإحباط أو الانقسام.

وجاء في نص المقال الذي كتبه ليلى كوفن:

كما تعلمون انخرطنا في عملية سلام على مدار العام الماضي، وهي عمليةٌ دؤوبةٌ بذلت فيها أطرافٌ عديدة جهوداً حثيثة بندائه في السابع والعشرين من شباط الماضي إلى بناء مجتمع ديمقراطي من أجل السلام، طوّر السيد عبد الله أوجلان منظوراً تاريخياً لحل القضية الكردية، التي لم تشمل بلادنا فقط  بل والشرق الأوسط بأكمله على مدى قرنٍ من الزمان، وقد حظي هذا النداء بدعمٍ من جميع شرائح المجتمع، ربما أكثر من أي وقتٍ مضى، وعززت الأمل.

في هذه المرحلة، يُعبّر شعوب العالم بصوت عالٍ عن رغبتهم في العيش، ويطالبون بأكثر نماذج الحكم ديمقراطية لأنفسهم وللآخرين، هذا ما نُسمّيه "حكمة الشعب" ترى هذه "الحكمة" أن سلامنا المبارك مُرضٍ والحرب مُضرّة، لكن لسببٍ ما تتغير هذه الحقيقة بين من يزدهرون في الحرب، ويدافعون عنها للحفاظ على وجودهم في السوق من خلال روايات "إرهابية" مدفوعة بمصالحهم الخاصة، الشعب الكردي أحد أقدم شعوب الشرق الأوسط، يُرهَب فوراً من قِبل تجار السوق هؤلاء، بغض النظر عن آرائهم.

في هذه الأيام التاريخية التي تسعى فيها تركيا إلى السلام، نرى حشوداً تعمل من جديد لردع وإضعاف من يعتقدون أنهم المالكون الوحيدون للبلاد ويدعون إلى السلام، إنهم حفنة من الناس يجهلون التاريخ ولا يقدرونه، ومنعزلون عن المجتمع معتقدين أنهم ينخرطون في السياسة بحجج مبتذلة يروجون لها منذ سنوات.

في الواقع، نواجه صعوبة في فهم بعض وسائل الإعلام التي أُجبرت لسنوات على تغطية أخبار الموت والدمار والمعاناة والدموع، نعتقد أن هذه العملية ستوضح كاختبار حاسم من يريد السلام ومن يريد الصراع، إن تقاريرهم، ولغتهم، وصورهم، وتعليقاتهم، تُؤجج غضب ملايين الكرد يومياً، في الماضي لجأ آلاف الشباب الكرد، مدفوعين بهذه اللغة وهذا النهج إلى الجبال متسائلين "كيف لنا أن نتعايش مع هذا؟".

نسعى اليوم إلى استخلاص الدروس الصحيحة من التاريخ، وإحياء نداء تاريخي، حيث نعيش معاً بالتساوي، وبكل حرية وفي بقاع جغرافية مشتركة، إلا أن بعض القنوات الإعلامية تنتظر بفارغ الصبر عرقلة العملية، فتلعب دوراً سلبياً بدلاً من تحمّل المسؤولية التاريخية، وتستهدف فوراً حتى أبسط المطالب الكردية المشروعة بخطابات تلاعبية مثل "إذن لم تكن هناك مفاوضات؟"

نعلم أيضاً أن هذه الجماعات مُلِمّة بعمليات الصراع وحلّها الجارية في العديد من الدول، في الواقع إذا أعادوا مشاهدة أخبارهم وبرامجهم، أو على الأقل استمعوا إليها بموضوعية، سيُدركون أنهم يُناقضون أنفسهم بشدة، على سبيل المثال الفرق بين اللغة التي يستخدمونها في تقاريرهم عن حركة حماس التي تدّعي النضال من أجل الشعب الفلسطيني، وجهاديي هيئة تحرير الشام التي تدّعي النضال من أجل الشعب السوري، والكلمات التي يستخدمونها لوصف مؤسسات وممثلي الحركة الكردية، يكشف بوضوح عن استيائهم وكراهيتهم وتحاملهم وازدرائهم ونظرتهم "للآخر" تجاه شعبنا، كان من المستحيل التنبؤ بأن الدعوة التاريخية للسلام والمجتمع الديمقراطي، القائمة على ألف عام من الأخوة، ستُسفر عن مثل هذه النتيجة المُحبطة لدى أولئك الذين لديهم حساسية تجاه الكرد، ففي النهاية هذه هي حقيقة شعبين قاوما معاً في أرض عريقة وهلكا على نفس الحدود، ورغم هذا الواقع، فإن تصورهم لأنفسهم على أنهم أصحاب البلاد والشعب الكردي على أنهم لاجئون هو منظور استشراقي بحت.

بصفتنا سجناء سياسيين، لا يسعنا إلا أن نتساءل ونحن نشاهد ونقرأ بعض وسائل الإعلام التي نتابعها بموارد محدودة، ما الذي كان بإمكاننا فعله لنكسب كراهية إجا أونر، وسراب بيلوفاجيكلي، وإبراهيم قهوجي، ودنيز زيرك، وسلجوق تيبلي، وغوركان حاجر، وأمثالهم من الصحفيين؟ جميع الصحفيين ومنتجي البرامج التلفزيونية والمعلقين الذين التزموا الصمت حتى في أصعب الأوقات التي مر بها شعبنا خلال الخمسين عاماً الماضية، والذين امتنعوا عن إظهار أدنى قدر من التضامن، والذين تلاعبوا بجميع التحركات الكردية المطالبة بالحقوق ووصفوها بأنها أنشطة "إرهابية"، يصفون أنفسهم الآن بالحياد والاستقلال، ومع ذلك لو خرجوا إلى شوارع آمد اليوم لشرح شعبنا بحكمة من هم المتحدثون باسمه باللغة الأنسب لهم، إن الصحفيين الديمقراطيين الحقيقيين، الذين تضامنوا مع الصحفيين المقتولين والمسجونين على نهج الصحافة الكردية الحرة منذ زمن العم موسى إلى اليوم، يواصلون صداقتهم وتضامنهم اليوم، ومن المهم جداً بالنسبة لنا أن هؤلاء الأشخاص الشجعان على استعداد لتحمل أي ثمن باسم الموضوعية.

في الختام، بصفتنا سجينات سياسيات، نود أن نوجه نداءً للمؤسسات الإعلامية، ما الضرر الذي قد تُسببه العديد من التحسينات مثل حل القضية الكردية بطرق ديمقراطية وسلمية قائمة على التوافق الاجتماعي، وتخصيص الموارد الاقتصادية للرعاية الصحية والتعليم والاحتياجات الأساسية للمجتمع كدولة اجتماعية، والسعي لمنع قتل النساء ومنع وفيات الأطفال في حوادث العمل؟ أليس من الأفضل تغطية آمال السلام، حتى وإن كانت بطيئة بدلاً من تغطية الحروب والصراعات وانتهاكات حقوق الإنسان؟ نريد أن تصل أصواتنا بشكل خاص إلى الصحفيات نعلم جميعاً أنه في نظام يهيمن عليه الرجال تتحمل النساء والأطفال وطأة الحروب والدمار الذي يسببه "الرجال".

لذلك كنساء، نقول فلنكن أولاً وقبل كل شيء أننا سنقود الطريق حتى يصبح أمل السلام في هذا البلد واقعاً، ويجد لون السلام مكاناً في حياتنا جميعاً، لا بد أن الماء قد وجد مجراه، ولا بد أن البذرة قد نبتت، حتى بعد كل هذا الخراب والانهيار والتحلل الفاسد، ظهر قوس قزح فجأة في ظلمة الليل الحالك، وكما هو مذكور في المثل القائل "سبعة ألوان، أمل واحد"، نتوقع منكم أيها الصحفيون الأعزاء أن تحملوا إلى المجتمع كل الألوان التي يحملها الأبيض في أعماقه أمل السلام.