"لن نتراجع وستبقى كلمتنا ثابتة" وقفة سلمية في دمشق تحولت إلى اعتداء
أكدت شابة سورية شاركت في الوقفة الاحتجاجية التي نظمت أمام مجلس الشعب "سنعود لننظم وقفات أخرى، وستظل عبارتنا هي نفسها دم السوري على السوري حرام".

ولاء محمد
دمشق ـ القمع هو سيد الموقف في العاصمة دمشق وجميع المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الجهادية تحت اسم الأمن العام بإدارة أحمد الشرع "الجولاني" وحكومته المؤقتة.
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يوثق لحظة فض وقفة احتجاجية سلمية من أمام مجلس الشعب والإهانة التي تعرضت لها الصحفية زينة شهلا ووصفها بكلمات نابية من قبل مجموعات مسلحة تابعة لجهاديي هيئة تحرير الشام اللذين يمارسون أبشع الجرائم بهدف خلق حرب أهلية في سوريا.
(ر. ل) شاركت في الوقفة وتحدثت عما جرى خلالها وفضلت عدم ذكر اسمها لأن الوضع الأمني والحقوقي أصبح معروفاً فأي صوت معارض يتم قمعه وربما تصفيته.
أصوات تندد بالانتهاكات التي تطال بحق الطوائف السورية
تقول (ر. ل) أنه "في ظل ما يعيشه الشعب السوري من معاناة متواصلة، وفي وقتٍ تتزايد فيه الانتهاكات بحق المدنيين، كان لا بد من رفع الصوت عالياً للمطالبة بالحق، ورفض الظلم، والدعوة إلى السلام ومن هذا المنطلق، شاركتُ في وقفة احتجاجية سلمية أمام مجلس الشعب بالعاصمة دمشق، إلى جانب مجموعة من الناشطين والناشطات السوريين. لم تكن وقفتنا سياسية أو طائفية، بل إنسانية بامتياز، تهدف إلى إيصال صوت السوريين جميعاً، والمطالبة بوقف إراقة الدماء".
وبينت "كنتُ أحد المشاركين المتضامنين في الوقفة الاحتجاجية التي أُقيمت أمام مجلس الشعب. كانت الوقفة صامتة، سلمية، ولم تُشكّل أي تهديد لأحد. خرجنا باسم الشعب السوري، وباسم جميع السوريين المتضررين، ولم نكن نمثل طائفة بعينها أو جماعة محددة. لم نخرج لإيذاء أحد، بل خرجنا لإيصال صوت السوريين جميعاً، والمطالبة بوقف إطلاق النار على المدنيين الأبرياء".
الاعتداءات التي مارسها الجهاديين بحق المشاركات في الاعتصام
وأضافت "كنا جالسين بهدوء، حين جاء شخص وبدأ يهددنا من أجل فضّ الاعتصام. رفضنا الانصياع لتهديداته، وعندما رأى أننا متمسكون بموقفنا، مدّ يده إلى جيبه وأخرج سلاحاً. في تلك اللحظة، شعرنا بالخوف. تقدّمت إحدى الفتيات المشاركات في الاعتصام، وذهبت لاستدعاء عنصر من الأمن العام. جاء شرطي واصطحب ذلك الشخص بعيداً. بعد ذلك، استمرينا في وقفتنا الاحتجاجية، لكن ما لبث أن عاد ذلك الشخص، وقد اصطحب معه مجموعة كبيرة من الأشخاص، كانوا أشبه بعصابة. مظهرهم ولهجتهم أوحت بأنهم ليسوا من دمشق، بل من مدن أخرى. كانوا يحملون العصي، وبدأوا بمهاجمة المشاركين في الوقفة. كنا من الشباب والفتيات، فانهالوا ضرباً على الشباب، فيما خافت الفتيات وفررن فوراً".
وأشارت إلى ما حدث مع الصحفية زينة شهلا "من بين الحضور كانت الصحفية زينة شهلا، وكانت تمشي بالقرب. وعلى مسافة بعيدة قليلاً، راقبت المشهد. رأيت شخصاً يقترب منها، ولم أسمع ما قاله لها بسبب بعد المسافة، لكن أسلوبه بدا واضحاً أنه كان يهددها. فجأة أشار بيده إلى شخص آخر وطلب منه العصا، ثم أخذها منه وضرب الصحفية زينة على ساقها".
وترى أن "ما أزعجهم كان العبارة التي رفعناها وهي "دم السوري على السوري حرام" ولا أفهم لماذا أغضبتهم، فهي عبارة جامعة تشمل جميع السوريين، وليست موجهة ضد طائفة أو جماعة بعينها. خرجنا في وقفة سلمية، وسنعود لننظم وقفات أخرى، وستظل عبارتنا هي نفسها دم السوري على السوري حرام".
"يقابل الصوت الحر بالعنف"
وما تزال (ر. ل) تأمل بمحاسبة الذين هاجموا الوقفة، وأن يُقدَّم كل من اعتدى عليهم وعلى الصحفية زينة شهلا إلى العدالة باعتبار أن زينة هي إحدى رموز الثورة السورية، وكانت من المعتقلين سابقاً لدى النظام، متسائلةً "بأي حق يتم الاعتداء عليها؟".
وقالت إن سوريا اليوم ليست دولة قانون بل عصابات ترتكب الجرائم بحق مختلف المكونات وتستهدف النساء، مؤكدةً أن "ما حدث أمام مجلس الشعب هو انعكاس مؤلم للواقع الذي نعيشه، حيث يُقابل الصوت الحر بالعنف، وتُجابه الدعوة إلى السلم بالتهديد والضرب. ورغم ذلك، لن نتراجع. سيبقى صوتنا مرتفعاً، وستبقى كلمتنا ثابتة".