لمناهضة العنف... مؤتمر ستار يعلن تضامنه مع كافة الحركات النسائية والثورية

أكد مؤتمر ستار أن المقاومة التي تبديها النساء رغم الظلم والعنف في كل بقاع العالم هي فصل جديد في تاريخ النضال وكتابة مستقبل تكون فيه حرية المرأة وكرامتها حقاً غير قابل للمساومة.

مركز الأخبار ـ تضامن مؤتمر ستار من خلال الرسالة التي وجهها مع كافة الحركات النسائية والثورية حول العالم، مشدداً أن حماية أي ثورة تتطلب تعزيز التنظيم المستقل وآليات حماية ذاتية "هذه فرصة تاريخية لتشكيل تحالف عالمي يصد جميع محاولات السيطرة والتقييد، ويُبرز أن صوت المرأة أقوى من قوى الظلام".

بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وجه مؤتمر ستار رسالة تضامنية إلى كافة الحركات النسائية والثورية حول العالم جاء فيها "في هذا اليوم المميز، الذي تتضافر فيه أصوات النساء دفاعاً عن كرامتهن وحقهن في حياة آمنة وحرة، نكتب إليكنّ بصوت مشبع بالصمود والنضال، في الخامس والعشرين من نوفمبر، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، لنتوجه بتحيةٍ نضالية عميقة لكل امرأة تقف بوجه الظلم، سواء كانت في بيتها أو في الشارع، خلف قضبان السجون، أو في ميادين النضال.

تحيةً مملؤة بالاعتزاز والإكبار لكل النساء اللواتي تدافعن عن الحرية والكرامة الإنسانية في كل أصقاع الأرض؛ من فلسطين التي تصمد نساؤها أمام جبروت القوات الإسرائيلية، إلى الهند حيث تكافح النساء لأجل المساواة، ومن السودان المكلوم حيث تدفع النساء ثمن النزاع والظلم، إلى إيران وشرق كردستان حيث ترفع النساء راية المقاومة رغم القمع، ومن كل امرأة ثائرة تنبض بالحياة، تناضل من أجل عالم أفضل.

إن العنف الممنهج ضد المرأة هو ثمرة العقلية الأبوية التي تنبع منها جميع أشكال العنف الأخرى، من الاستغلال والاحتلال القسري إلى العبودية والمذابح. وبالتالي، لا بد أن يستهدف النضال ضد هذا العنف العقلية الأبوية نفسها، التي تستمر الدولة في تعزيزها على كافة الأصعدة، مما يجعلها الأداة الأكثر قسوة لإعادة إنتاج العنف ضد المرأة بشكل مستمر ومنظم.

اليوم، في ظل توسع نفوذ هذه العقلية عالمياً، يشن النظام الأبوي، بأيديولوجيته التمييزية، حرباً من نوع خاص ضد المرأة، مستهدفاً كل إنجازاتها وحقوقها التي حققتها عبر نضالات مستمرة. تتضافر هذه الجهود بهدف دمج حركة المرأة ضمن النظام القائم، لتصبح مقاومتها بلا قيادة، ولتسلب منها فرص التحرر الحقيقي.

نعيش اليوم في ظل حرب عالمية ثالثة غير معلنة، حيث تشكل المرأة الهدف الأول في صراع متعدد الأبعاد يهدد وجودها ويسعى لإسكات صوتها. هذه الحرب، التي تندلع من منظومة ذكورية أبوية، تسعى إلى سلب النساء مكتسباتهن وتجريدهن من حقوقهن، لتتحول المرأة إلى ضحية إبادة ممنهجة، في محاولات دائمة لإخماد روح المقاومة التي ناضلت من أجلها لعقود.

فالحرب العالمية الثالثة ليست مجرد صراع عسكري، بل هي حرب ممنهجة تستهدف الحياة بكل معانيها. فهي تُدمّر الثقافة، والطبيعة، والقيم الإنسانية الأساسية. ترى قيم الحرية، والسلام، والديمقراطية، ونضال النساء، والبيئة كأعداء يجب القضاء عليها. تضرب هذه الحرب بجذورها في تدمير مفهوم العيش المشترك، وتقضي على التراث التاريخي والقيم التي بنيت عليها المجتمعات. أمام هذا الخطر العالمي الذي يهدد وجودنا كأفراد وشعوب، يصبح من واجبنا، نحن النساء، الوقوف في وجه هذا العنف المنظم الذي يستهدف الحياة والهوية والأمل.

تحت شعار "بفلسفة المرأة الحياة الحرية أحمي ذاتكِ" في إقليم شمال وشرق سوريا، نؤكد أن اللحظة الراهنة تستوجب توحيد الجهود وتعزيز التضامن النسائي. وبات من الضروري أن تتكاتف الحركات النسائية حول العالم لتبني آليات حماية ذاتية تقف حاجزاً أمام محاولات قوى الظلام التي تسعى لإحباط هذه الثورة النسائية العظيمة التي نشهدها في شتى البقاع.

الثورة ليست حدثاً  طارئاً، بل هي مسيرة طويلة من النضال والمقاومة التي لا يمكن إيقافها. ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، التي لم تكتمل بعد، تستمر في التطور والنمو رغم التحديات العديدة التي تواجهها. هذه الثورة، التي تبرز المرأة فيها كقوة حيوية ومحورية، تتعرض لهجمات مستمرة، ولا سيما من قبل الدولة التركية، التي تضع نفسها في صف العداء للمرأة وتسعى جاهدة لتدمير هذه الثورة الساعية إلى الحرية والمساواة.

الاحتلال التركي يشن هجمات وحشية بالدرجة التي لم تصل إليها أي حروب، محاولاً بذلك فرض حرب شاملة على شعبنا وثورتنا. في المناطق المحتلة، يستمر القتل ضد النساء والتنكيل بهن، خاصة في الهجمات الوحشية التي تستهدف القيادات النسائية بشكل ممنهج. هذا الهجوم المروع ليس صدفة، بل هو استهداف مدروس، لأن الدولة التركية تعلم جيداً أن الدور القيادي للمرأة هو أحد أعمدة هذه الثورة. إنهم يهدفون إلى تقويض إرادة شعبنا في سعيه للحرية والمساواة، عبر تدمير القيادة النسائية التي تمثل رمزاً للقوة والصلابة في هذه المعركة من أجل التحرر.

إنهم يحاولون تدمير كل ما بنيناه، ولكننا نعلم جيداً أن الثورة التي قادتها المرأة هي ثورة لا تُقهر، وستستمر حتى تحقق أهدافها.

هذا النداء هو دعوة لتجديد العزم والتزامٌ بدرب النضال؛ فلنعمل يداً بيد لتأسيس شبكات دعم وتضامن تتحدى القمع وتضمن أن يبقى صوت النساء عالياً. إننا نتعهد بالوقوف إلى جانب كل امرأة تقاوم الظلم وتناضل من أجل الحرية، وكل امرأة تتحدى القيود وتطالب بحقوقها في مجتمع عادل وحياة كريمة.

نحن في مؤتمر ستار ندرك أن حماية ثورة المرأة تتطلب تعزيز التنظيم المستقل وآليات الحماية الذاتية، ونعتبر أن هذه اللحظة هي فرصة تاريخية لتشكيل تحالف عالمي يصد جميع محاولات السيطرة والتقييد، ويُبرز أن صوت المرأة أقوى من قوى الظلام.

إلى كل النساء الثائرات، إلى كل النساء اللواتي ما زلن متمسكاتٍ بأحلامهن رغم الظلم، وإلى كل اللواتي تقفن في مواجهة العنف في كل مكان من هذا العالم، نؤكد أنكن لستن وحدكن. إننا نكتب معاً فصلاً جديداً في تاريخ النضال، ونعمل من أجل بناء مستقبلٍ تكون فيه حرية المرأة وكرامتها حقاً غير قابل للمساومة، فلنواصل النضال، ولنعزز وحدتنا، ولنجعل من هذا القرن قرناً لحرية المرأة وشموخها".