كسرة خبز حلم طفل... أطفال سوريا بين الحرب والحرمان

في مؤشر يبرز استمرار استهداف الأطفال كوقود صراع وسلاح، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 472طفلاً وطفلة في مختلف المناطق منذ مطلع العام الجاري.

مركز الأخبار ـ بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف عن الواقع المأساوي لأطفال سوريا، مؤكدين أن 7،5مليون طفل سوري بحاجة إلى المساعدة الإنسانية.

وناشد المرصد السوري لحقوق الإنسان المجتمع الدولي لعودة تقديم المساعدات للأطفال في سوريا، ودعم عودتهم إلى مقاعد الدراسة بعد سنوات الانقطاع، والعودة إلى الديار والمناطق التي هُجّروا منها، مشيراً إلى أن 7،5مليون طفل يعيشون في نزاع مستمر دون تلقي أي دعم إنساني.


كسرة خبز قد تكون حلم طفل في سوريا

حيث وصف التقرير واقع أطفال سوريا بأنه "كسرة خبز قد تكون حلم طفل رغم نهاية الحرب في سوريا، في ظل عدم الاستقرار والعنف، حيث تتواصل معاناة الأطفال في بلد لا يصنف مستقبلهم أولوية، وليسوا مهددين بالجوع فحسب، بل بالجهل والامية بعد سنوات من الحرمان من التعليم والانقطاع طيلة فترة الصراع"، معتبراً أن أخطر عدو للإنسان هو الجهل.

وأشار المرصد إلى أن الأطفال هم من أكثر الفئات هشاشة في المجتمع السوري في ظل التهميش، حيث يُعاملون على أنهم من الدرجة الثانية دون إعطائهم الأولوية. وأضاف أن الأطفال يعانون من واقع صعب ينطبق على جميع المكونات والطوائف، بما في ذلك من طالتهم يد الغدر والقتل وانتهكت حقوقهم في الحياة والغذاء والتعليم، وهي حقوق تُعد أحد أعمدة اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1989، وتنص المادة 24 على أن لكل طفل الحق في غذاء كافٍ ومغذٍ ومياه نظيفة تحفظ له الصحة والنمو والحياة، إلا أن الواقع في سوريا يظهر صورة مغايرة، حيث تتفاوت هذه الأساسيات من منطقة إلى أخرى حسب درجة الاستقرار والأمن وانتماء السلطة، ولا يزال الأطفال يقبعون في المخيمات، يصارعون حرارة الصيف وبرد الشتاء، وينتظرون فرجاً وسط غياب أي بوادر على تحسن الأوضاع، رغم مرور ما يقارب العام على سقوط نظام البعث.

ولفت المرصد إلى أن معاناة الأطفال مستمرة في المناطق المحاصرة بالعنف والفقر والخوف، حيث تحاصر براءتهم بين برد المخيمات ومشافي تفتقر إلى أبسط الأدوية والكادر الطبي، بما في ذلك الحاضنات والأطباء للرضع الذين يموتون بسبب الإهمال ونقص الطواقم الطبية. وقد وثق المرصد مقتل 472 طفلاً وطفلة في مختلف المناطق منذ مطلع العام الحالي، وهو ما يبرز استمرار استهداف الأطفال كوقود صراع وسلاح.

 

7.5 مليون طفل سوري بحاجة إلى المساعدات الإنسانية

ومن جانب آخر، تفيد إحصاءات اليونيسيف بأن 7.5 مليون طفل سوري بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، مع استمرار التحديات التي فاقمت الاستغلال والانتهاكات، بما في ذلك التجنيد القسري والزج بالقُصر في النزاعات الطائفية والسياسية والدينية. كما حُرم حوالي 3 ملايين طفل من التعليم أو العودة إلى مقاعد الدراسة بعد سنوات من الانقطاع الإجباري بسبب الحرب وتدمير المدارس والروضات. هذا الواقع السوداوي بحاجة إلى دعم إنساني ودولي عاجل، إلا أن جهود المنظمات الإنسانية لتوفير الخدمات ودعم الأطفال تصطدم بواقع صعب، بما في ذلك سلطة أمر واقع ومليشيات تحرم هذه الفئة من حقها في الحياة والغذاء والدواء، دون أن تلقى مآسيهم الاهتمام الكافي لضمان حصولهم على الحقوق الأساسية والحماية التي يحتاجونها.

وأضاف المرصد السوري أن "معاناة الأطفال المُهجّرين من عفرين وتدمر ورأس العين، ومأساة أطفال إدلب التي تحاصرها الجماعات المتطرفة وتتحكم في مصير أهلها باسم الدين والطائفة، لا تزال مستمرة، ولا يوجد من ينقل معاناتهم أو يفضح الانتهاكات بحق اليافعين، حيث تتواصل عمليات تجنيدهم والزج بهم في معارك أكبر من أجسادهم وعقولهم، إضافة إلى استغلال الفتيات القاصرات باسم الدين وإجبارهن على ارتداء الحجاب والنقاب، وغيرها من التجاوزات التي تتنافى مع الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الطفل".

ويرى مراقبون أن الفوضى الأمنية، واستمرار الحواجز بين المدن والمناطق، والتقسيم الطائفي يزيد من معاناة الأطفال ويمنع المنظمات المدافعة عن حقوق الطفولة من الوصول إليهم، سواء في المخيمات أو خارجها. كما تقف الحواجز الأمنية والقيود الحكومية أمام عمل المنظمات الإنسانية، مما يحد من قدرتها على تقديم المساعدات، إلى جانب ضعف التمويل نتيجة الاعتداءات والتهديدات الأمنية، الأمر الذي يصعّب عمل الطواقم في سوريا.