'جوائز غربتلي أرسوز للصحافة النسائية تكريم للنضال وتخليد للإرث'
تواصل الشهيدة غربتلي أرسوز إنارة درب الصحفيات، حيث ستقام هذا العام لأول مرة جوائز "غربتلي أرسوز للصحافة النسائية"، وهي أكثر من مجرد مسابقة، إذ تمنح الصحفيات آمالاً جديدة وتبعث فيهن روح الإصرار وحب البحث عن الحقيقة.

أرجين ديليك أونجل
آمد ـ تتواصل حالياً طلبات التقديم على جوائز "غربتلي أرسوز للصحافة النسائية"، التي تنظمها هذا العام ولأول مرة جمعية صحفيات مزوبوتاميا "MKG"، تكريماً للصحفية الشهيدة غربتلي أرسوز، أول امرأة تتولى منصب رئيسة تحرير في تاريخ الصحافة التركية، ولإحياء ذكرى الصحفيات اللواتي قدمن أرواحهن في سبيل الحقيقة والسلام.
غربتلي أرسوز وُلدت عام 1965 في قرية آكبولوت التابعة لمدينة آل عزيز بشمال كردستان، درست الكيمياء وبدأت الماجستير في البيئة والطاقة، لكن الهجوم الكيماوي على حلبجة غيّر مسار حياتها، عملت باحثة جامعية ثم اعتُقلت عام 1990 بتهمة الانتماء لحركة التحرر الكردستانية وتعرضت للتعذيب. شكلت لاحقاً رمزاً للنضال النسوي والصحافة الحرة في كردستان.
بدأت طلبات التقديم على جوائز "غربتلي أرسوز للصحافة النسائية"، في 17 حزيران/يونيو الماضي، وستستمر حتى 28 أيلول/سبتمبر الحالي، حيث سيتم منح الجوائز في أربع فئات "الخبر بالكردية"، "الخبر بالتركية"، "الصورة"، و"الخبر المصوّر أو الفيديو"، وسيتم الإعلان عن الأعمال الفائزة في 6 تشرين الأول/أكتوبر القادم، بينما ستُمنح الجوائز خلال حفل يُقام في 8 تشرين الأول/أكتوبر من الشهر ذاته، تخليداً لذكرى استهشهاد الصحفية غربتلي أرسوز.
تحدثت رئيسة جمعية صحفيات مزوبوتاميا (MKG) روزا متينا، ومسؤولة التحرير في وكالة ولات، ميديا بال، عن أهمية هذه المسابقة، ووجّهتا دعوة إلى الصحفيات العاملات في مجال الإعلام، مؤكدتان أن الهدف من المسابقة هو تعزيز التضامن بين الصحفيات وجعل جهودهن أكثر وضوحاً.
أشارت روزا متينا إلى أن تأسيس جمعية صحفيات مزوبوتاميا (MKG) يصادف اليوم الذي استشهدت فيه أول رئيسة تحرير امرأة، غربتلي أرسوز، وأن الجمعية انطلقت لتكون صوت جميع الصحفيات المضطهدات، مضيفةً أنهن يناضلن من أجل جعل جهود الصحفيات مرئية في قطاع الإعلام.
لإحياء ذكرى غربتلي أرسوز ولتخليد اسمها
وأوضحت روزا متينا أن "جمعية صحفيات مزوبوتاميا التي تأسست في عام 2023 ستنظم هذا العام ولأول مرة مسابقةً تخليداً لذكرى غربتلي أرسوز التي ناضلت في مجال الصحافة، ولمنع نسيانها، وللحفاظ على إرثها".
وأضافت "جوائز غربتلي أرسوز للصحافة النسائية مهمة جداً من أجل تشجيع الصحفيات والدفاع عن جهودهن، نحن ننظم النسخة الأولى من هذه المسابقة، والصحفيات يحاولن ممارسة مهنتهم في ظل موجة من الهجمات، ولهذا السبب، نريد أن تصبح جهود الصحفيات العاملات في هذه الظروف الصعبة أكثر وضوحاً، نعم، هذه المسابقة هي الأولى من نوعها، لكنها ستكتسب معناها الحقيقي بمشاركة الصحفيات".
وفي دعوة منها للصحفيات العاملات في مجال الإعلام، قالت روزا متينا "نداؤنا موجه إلى جميع النساء؛ أينما كنّ، يمكنهن إرسال أعمالهن للمشاركة في المسابقة، وبهذا الشكل، سنقوّي وحدتنا، وسندافع جميعاً عن جهودنا".
"الجوائز تمنح الصحفيات الأمل"
من جانبها، قالت الصحفية ميديا بال إن جوائز غربتلي أرسوز للصحافة النسائية تُظهر أن الصحفيات أصبحن ذوات "إرادة"، مضيفةً "نتيجة نضال طويل، أصبحت الصحفيات ذوات قوة وإرادة، وعلى الرغم من كل الضغوط، وصلنا اليوم إلى نقطة تمنح فيها الصحفيات جوائز لزميلاتهن تقديراً لجهودهن، ومن هذه الزاوية، تُعد هذه المسابقة مهمة للغاية، كما أنها تمنح الأمل للصحفيات في الأيام القادمة".
وأوضحت أن حقوق المرأة تم تجاهلها لقرون في المجتمعات التي يهيمن عليها الذكور، ولم تُعتبر ذات قوة وإرادة، إلا أن النساء قاومن لتغيير هذا التاريخ ونجحن في ذلك، مشيرةً بشكل خاص إلى جغرافية كردستان "لقد تم تجاهل واقع الشعب الكردي وكردستان لقرون، وفي ظل هذا التهميش، تعرضت النساء في المجتمع للاضطهاد مرتين، لقد كنّ أكثر عرضة للهجمات، وتعرضن للضغوط لكونهن كرديات ونساء في آنٍ واحد، لكنهن قدّمن مقاومة فريدة من نوعها لتحقيق مكاسب في مواجهة هذه الضغوط، وبالطبع، فإن دور الصحافة الحرة في هذا النضال يحتل مكانة مهمة، لأن الصحفيين والصحفيات يعملون داخل المجتمع من أجل المجتمع".
"المسابقة تُظهر كيف نما النضال من الأمس إلى اليوم"
وقالت ميديا بال إن العاملين والعاملات في الصحافة الحرة يسعون لإيصال صوت المجتمع والمظلومين إلى العالم، وأن غربتلي أرسوز تُعد من الأسماء البارزة في هذا المجال "كانت كيميائية، وصحفية، ومناضلة، وقد أصبحت مثالاً يُحتذى به للنساء ولم تكن فقط رائدة فكرية فحسب، بل في تحويل تلك الأفكار إلى أفعال أيضاً، هذه المسابقة تُظهر كيف نما النضال من الأمس إلى اليوم، لم تتراجع أبداً، بل تقدمت دائماً إلى الأمام".
وأشارت إلى أن "هذه المسابقة تُعد رداً من الصحفيات على كل أشكال القمع، والموت، والتهديدات، والتعذيب، حيث تقول الصحفيات (ما زلنا هنا، رغم كل شيء العالم بأسره بات يعرف بوجودنا) لأن نضال الشعب الكردي كان نضال لحماية وجوده، لكن النساء ناضلن من أجل هويتهن ككرديات وكنساء في آنٍ واحد، الصحفيات اللواتي يسيرن على خطى غربتلي إرسوز يقدمن بذلك رداً على الضغوطات التي تواجهنه".
"تمنح الأمل والشجاعة للأجيال القادمة"
وأكدت ميديا بال إن "المسابقة تمنح الأمل والشجاعة للأجيال القادمة"، وأن نضال الصحفيين الكرد في كردستان له تأثيرات على المستوى الدولي "يمكننا رؤية تأثيرات نضال بدأ في كردستان، أفغانستان، الهند، وعندما تبدأ حركة في أفريقيا، يمكن رؤية تأثيراتها في كردستان، ولهذا فإن تضامن نساء العالم، وتضامن الصحفيات حول العالم، يحتل مكانة مهمة للغاية، يمكن أن يُحدث تأثيرات كبيرة".
واختتمت ميديا بال حديثها بتوجيه دعوة إلى الشابات اللواتي بدأن مسيرتهن في مهنة الصحافة "انضموا إلينا لتوسيع هذا النضال؛ وكونوا جزءاً من الصحافة الحرة لجعل النضال القائم أكثر وضوحاً".