جراح خديجة إبراهيمي الخفية من قلب المدارس الدينية الأفغانية
في بلد يُحظر فيه تعليم الفتيات، أصبحت المدارس الدينية السبيل الوحيد المتبقي؛ طريقٌ انتهى بخديجة إبراهيمي إلى طريق مسدود بالعنف والزواج القسري.

بهاران لهيب
كابول ـ أصبحت المدارس الدينية إحدى الظواهر المثيرة للجدل في البنية الاجتماعية والتعليمية في أفغانستان، وفي ظل سيطرة طالبان أجبرت النساء على الالتحاق بها، على الرغم من أن محتواها مثير للجدل مع قصص عن العنف والزواج القسري والخداع.
تأسست المدارس الدينية في أفغانستان منذ عهد الأمير عبد الرحمن خان (1880 ـ 1901)، وخلال المقاومة ضد الاتحاد السوفييتي في باكستان، عندما تشكلت الأحزاب الأصولية، أرسلت أعضاءها إلى المدارس الدينية في باكستان لتلقي التعليم، ومنذ ذلك الحين، دخلت هذه الأحزاب أفغانستان تدريجياً، حيث أنه في مقاطعات مختلفة، أُحرقت المدارس والكتب المدرسية، وأُنشئت مدارس دينية مكانها.
في البداية، كان الشعب الأفغاني يرسل أطفاله إلى مساجد المسلمين لتعلم القرآن الكريم ومحو الأمية قبل التحاقهم بالمدرسة، التي لم تكن إلزامية، إلا أن العديد من العائلات توقفت عن إرسال أطفالها بعد سماع قصص مؤلمة داخل المساجد، وعلى مدار العشرين عام الماضية، بُذلت جهود ممنهجة لإبقاء الناس في فقر لإتاحة الفرصة لتوسيع المدارس الدينية.
كما أنشأ الحزبان الفاعلان آنذاك، حزب التحرير وجمعية الإصلاح، مدارس دينية ودار علوم في المحافظات والمناطق النائية بتمويل من (الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومؤسسات عربية أخرى)، وجذبا العائلات الفقيرة من خلال تقديم امتيازات مثل السكن الداخلي والنقل والدروس المجانية.
ووفقاً للتقارير، بلغ عدد المدارس الدينية 20 مدرسة خلال حكم سردار داود خان (1973-1978)، ومع ذلك، ارتفع هذا الرقم إلى 275 مدرسة تضم 57 ألف و528 طالباً وطالبة خلال رئاسة حامد كرزاي (1980-2014)، وفي عهد أشرف غني، زاد هذا العدد، ووفقاً لوزارة التعليم في حكومة طالبان، تم إنشاء 21 ألف مدرسة دينية في جميع أنحاء أفغانستان خلال السنوات الثلاث الماضية، ولا يزال العديد من هذه المدارس غير مسجل لدى وزارة التعليم.
ورغم أن الناس لا يزالون مترددين في إرسال أطفالهم إلى المدارس الدينية، إلا أن طالبان أجبرت النساء على الالتحاق بها بإغلاق أبواب المراكز التعليمية أمامهن.
ومع ذلك، فإن محتوى هذه المدارس مثيرة للجدل، مع قصص عن العنف والزواج القسري والخداع الذي يقع ضحاياه من الشابات، ومن بين هذه القصص قصة خديجة إبراهيمي، فتاة من عائلة فقيرة، وقعت ضحية خداع معلم مدرستها الدينية ومؤسسها، الذي كان له زوجتان أخريان قبلها وكان شخصية دينية مشهورة في وسائل الإعلام.
والدها رجل صارم وغير مسؤول، يقضي ساعات في المسجد للتهرب من المسؤولية، وعندما وصلت خديجة إبراهيمي وأختها إلى الصف السادس، منعهما من مواصلة تعليمهما، واستخدم المعلم، الذي أصبح زوجها الآن، شهرته وموارده لإغرائها ووعدها بحياة أفضل، ثم حولها من طالبة إلى معلمة في مدرسته واستخدم وسائل الرفاهية مثل السيارات الفاخرة لأخذها في رحلات، وبعد ثلاث سنوات، عندما بلغت 18 عاماً، تزوجها.
لكن منذ الأيام الأولى لزواجهما، تعرضت خديجة إبراهيمي للضرب والإذلال والإهانة يومياً، أخيراً، قررت بمساعدة والدتها العودة إلى منزل أهلها، لكن زوجها عارض طلاقها.
قالت خديجة إبراهيمي وعيناها تدمعان "حتى لو قتلوني، لن أعيش معه، منذ اليوم الأول لزواجنا وحتى الآن، لم أتعرض إلا للإذلال، في كل مرة يرفع فيها صوته، يمتلئ كياني بالخوف، لقد هددني بأنه لن يطلقني، لكنني أفضل البقاء في منزلي أهلي مع والدتي".
وأضافت والدة خديجة إبراهيمي "كان خطأي أن أترك والدها ينجح في إرسالها إلى المدارس الدينية، الآن عليّ إنقاذها، الفقر الذي نعيشه أفضل من عيشها مع ذلك الرجل الكاره للنساء، لذلك أحث جميع الأمهات على عدم إرسال بناتهن إلى المدارس الدينية تحت أي ظرف من الظروف، لأنهن يصبحن ضحايا لجرائم فظيعة".
كان الألم واضحاً في عيني خديجة إبراهيمي، بالكاد استطاعت الكلام، فجميع نساء عائلتها كنّ معارضات لهذا الزواج وحذرنها من مستقبله، وتعلم أن الطلاق ليس سهلاً في ظل نظام طالبان، حيث قالت "الآن كل أملي مع نساء عائلتي، رغم معارضتهن لزواجي، إلا أنهن يقفن إلى جانبي بثبات، لقد مرّت ثلاثة أشهر منذ عودتي إلى المنزل، ولم يتمكن من إعادتي، أعلم أنني سأنجح في النهاية، بفضل جهود هؤلاء النساء".