جلسة حوارية مع مدافعات يمنيات... التحديات وسبل الحماية
شددت المشاركات على ضرورة تمكين النساء اقتصادياً، اجتماعياً، وثقافياً، خاصةً أن العديد من المدافعات تعملن بشكلٍ طوعي، كما تم اقتراح إعداد خطة تعاف حقيقية تشارك النساء في صياغتها من مختلف المدن.

رانيا عبد الله
اليمن ـ نظّم التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان مساء أمس الأربعاء 16 نيسان/أبريل، جلسةً حوارية عبر الاتصال المرئي (زووم) لمناقشة التصاعد في العنف والكراهية التي تواجهها النساء اليمنيات المدافعات عن حقوق الإنسان، بهدف إسكات الأصوات النسائية.
ركزت الجلسة الحوارية على الحديث عن التحديات اليومية، التضامن، وسبل الحماية في مواجهة القمع المتزايد ضد النساء اليمنيات، بالإضافة إلى تسليط الضوء على وضع المدافعات في اليمن والحملات التي تتعرضن لها، وشاركت في الجلسة عدد من المدافعات عن حقوق الإنسان.
في بداية الجلسة، شددت ميسّرة الحوار، الأكاديمية والناشطة الحقوقية الدكتورة إلهام مانع، على أهمية تناول التحديات التي تواجه المدافعات وضرورة التصدي لها.
وتحدثت الناشطة هند الإرياني عن الحملات المكثفة التي تهدف إلى تشويه عمل المدافعات والتضييق عليهن وعلى أسرهن، وصولاً إلى اختطاف المدافعات.
كما تناولت المحامية والناشطة هدى الصراري موضوع الانتهاكات التي تحدث في اليمن، سواء في المناطق المحررة أو التي تخضع لسيطرة الحوثيين، مشيرةً إلى تزايد الانتهاكات التي يمارسها الحوثيين ضد النساء، بما في ذلك الاستهداف المباشر للناشطات والاعتقالات التي طالت عاملات في المنظمات والحقوقيات، فضلاً عن تعرض بعض النساء في سجون الحوثيين لأحكام الإعدام، كما ناقشت التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العاملات في المجال الحقوقي.
أما الناشطة ليلى الشبيبي، عضوة في ائتلاف مدافعي حقوق الإنسان للمرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد أشارت إلى تقلص مساحات المجتمع المدني في اليمن منذ اندلاع الحرب، وما تبعه من تصعيد للهجمات ضد النساء الحقوقيات والعاملات في منظمات المجتمع المدني.
وفي محور الممارسات ضد النساء المدافعات، وأهمية التضامن ومرحلة التعافي، تحدثت ليزا بدوي، منسقة شبكة التضامن النسوي، عن الممارسات الضارة التي تواجهها النساء المدافعات، سواء على المستوى التشريعي، الاجتماعي، الأسري، أو الخارجي، مؤكدة على أهمية تعزيز التشبيك بين المكونات النسائية المختلفة وتحديد الأولويات.
وحول واقع المدافعات اليمنيات في المهجر، تناولت قبول العبسي، رئيسة مؤسسة قرار للإعلام والتنمية، واقع المدافعات اليمنيات في المهجر، مشيرةً إلى أنه واقع يمتزج فيه النضال بالألم، وأبرزت التحديات التي تواجههن، والتي تشمل: الاقتلاع والانقطاع عن السياق المحلي، تأثير البعد الجغرافي على العمل الحقوقي، الصعوبات القانونية والإدارية في بلدان المهجر، الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التهميش في الفضاءات الدولية، الضغط النفسي والهوية المنقسمة، التهديدات المحتملة من جهات معادية لعملهن.
وفيما يخص الاحتياجات الملحّة للمدافعات داخل البلاد، أكدت الناشطة داليا محمد على ضرورة بناء تحالفات قوية على المستوى المحلي والوطني، توفير الدعم الفني والتدريب وبناء القدرات، تعزيز دور الجهات الدولية في تكثيف جهودها لإنهاء الحرب وإحلال السلام، معالجة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء المدافعات، خصوصاً المعتقلات في سجون الحوثيين، ومن بينهن موظفات في منظمات دولية، رصد وتوثيق كافة الانتهاكات ضد النساء.
وأكدت داليا محمد على أهمية تكرار مثل هذه اللقاءات بشكل متقارب لتسليط الضوء على وضع النساء المدافعات، وتعزيز الحماية والأمان من الاعتداءات والانتهاكات.
وأوضحت الأكاديمية والناشطة الحقوقية الدكتورة إلهام مانع "أن تنظيم مثل هذه الجلسات الحوارية ليس ترفاً فكرياً أو نشاطاً جانبياً، بل ضرورة استراتيجية وإنسانية في سياق نزاع مثل اليمن، وهذه اللقاءات تسهم في تسليط الضوء على الانتهاكات المعمّمة والممنهجة التي تتعرض لها المدافعات عن حقوق الإنسان، من عنف رقمي، إلى اعتقالات تعسفية، وحتى حملات تشويه علنية في الإعلام والمجتمع".
وأكدت أن "جعل القضايا شخصية وإنسانية بدلاً من أن تبقى مجرّد إحصائيات وتقارير، تعيد هذه الجلسات "الوجه الإنساني" للواجهة، حيث نسمع قصصاً حقيقية لنساء يمنيات يصنعن التغيير رغم العنف الموجه ضدهن".
وأشارت إلى ما أكدته مداخلات المشارِكات في الورشة، أن النساء اليمنيات لسن ضحايا سلبيات، بل فاعلات مؤثرات في عمليات الوساطة المجتمعية، وبناء الثقة، وحتى التأثير في سرديات السلام الوطني.
أما فيما يتعلق بأبرز الانتهاكات التي تتعرض لها النساء المدافعات عن حقوق الإنسان تقول الدكتورة إلهام مانع "استناداً إلى الورشة والبحوث المصاحبة، تواجه المدافعات اليمنيات سلسلة من الانتهاكات، أبرزها العنف الممنهج متعدد الأشكال كـ العنف الرقمي: تهديدات، تشويه السمعة، وسرقة البيانات، العنف الجسدي: استهداف بالاعتداء أو التهديد بالاغتصاب، العنف النفسي والاقتصادي الضغط الأسري والمجتمعي وفقدان مصادر الدخل".
إضافة الى الاستهداف السياسي والأمني من قبل سلطات أمر الواقع، حيث يتم اختطاف أو اعتقال بعض الناشطات بسبب عملهن الحقوقي أو مواقفهن العلنية، والملاحقة الإعلامية تعرّضهن لحملات تشويه من وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، وغالباً ما يُتهمن بـ"العمالة"، أو "تهديد القيم الدينية"، والحرمان من الحماية القانونية والمؤسسية، حيث تنعدم آليات الدعم القضائي، أو الحماية الأمنية الفعلية داخل البلاد وخارجها، والإقصاء الرمزي والفعلي من مسارات السلام، فيُكتفى غالباً بوجود رمزي للنساء دون أي تأثير حقيقي في قرارات السلام أو إعادة الإعمار.
وأكدت أن عقد هذه الجلسات لا يهدف فقط إلى التشخيص، بل إلى إعادة تعريف مَن يصنع السلام وكيف هو فعل مقاومة، ومساحة تضامن، ووسيلة لتذكيرنا أن السلام لا يكون عادلاً ما لم تُؤخذ أصوات النساء على محمل الجد، وأن المدافعات لسن محتاجات لتمثيل رمزي، بل لشراكة حقيقية، ولفضاء آمن يضمن استمرار نضالهن.
وخرجت الجلسة بعدد من التوصيات التي تهدف إلى تحسين أوضاع المدافعات وتقليل المخاطر عليهن، وتعزيز العمل الحقوقي في المجتمع اليمني، بما يتماشى مع ثقافة المجتمع، لضمان قبول العمل النسائي والمناصرة الفعالة للقضايا التي تهم النساء.