حركة حرية المرأة الإيزيدية تطالب الاعتراف بالإبادة الجماعية بحق الإيزيديين
قامت اللجنة الدبلوماسية في حركة حرية المرأة الإيزيدية TAJÊ، بإرسال رسالة إلى 19 دولة لم تعترف بعد بمجزرة الثالث من آب/آغسطس 2014 على أنها إبادة جماعية.

شنكال ـ بمناسبة اقتراب الذكرى السنوية الـ 11 لمجزرة 3 آب، أرسلت اللجنة الدبلوماسية في حركة حرية المرأة الإيزيدية رسالة إلى 19 دولة لم تعترف رسمياً بفظائع 3 آب كإبادة جماعية.
أشارت اللجنة في رسالتها إلى أن 11 عاماً مرت منذ المجزرة الـ74 بحق الإيزيديين، لكن حتى الآن، لم تُعالج آلام ومعاناة الضحايا، ولم تُجبر هذه المأساة بعد "مرت 11 عام على هجوم 3 آب 2014 الذي شنه داعش على الإيزيديين في شنكال. قُتل آلاف الإيزيديين، وخُطفوا وهُجّروا من أراضيهم كما كانت النساء والأطفال الضحايا الأكثر عدداً حيث خُطفت النساء وتم بيعهن وتعرضن للاغتصاب والتعذيب والقتل، كما فقد المئات من الأطفال وكبار السن حياتهم بسبب الجوع والعطش. حتى الآن، هناك 2900 شخص من الإيزيديين ما زالوا محتجزين لدى داعش، ومصيرهم مجهول، بالإضافة إلى عشرات المقابر الجماعية التي لم تُفتح بعد".
اعتراف بالمجزرة كإبادة جماعية
ذكرت اللجنة أن 14 دولة اعترفت رسمياً بمجزرة 3 آب 2014 وأفعال داعش بحق الإيزيديين كإبادة جماعية، وقدمت الحركة ملفاً موثقاً يُثبت ذلك، مطالبة من الدول الأخرى أداء واجبها الإنساني والاعتراف الرسمي بهذه المجزرة كإبادة جماعية.
رداً على الإبادة التي استهدفت النساء والمجتمع الإيزيدي، بادرت الإيزيديات في عام 2015 بتأسيس "مجلس النساء الإيزيديات"، بهدف حماية أنفسهن ومجتمعهن، ولتعزيز القوة النسائية، وُسعت النشاطات حتى تأسست حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ) رسمياً عام 2016، وما تزال الإيزيديات يواصلن جهودهن في شنكال حتى اليوم.
الثقافة والمعتقدات في المجتمع الإيزيدي
بلاد مزوبوتاميا هي مهد الحضارة الإنسانية، وعلى هذه الأرض تطورت المجتمعات والثقافات والأديان والمعتقدات والحضارات، ويُعتبر المجتمع الإيزيدي من أقدم المجتمعات التي عاشت على هذه الأرض لآلاف السنين بثقافتها ومعتقداتها.
في ثقافة الإيزيدية، لا تُجيز الفلسفة والمعتقدات الإيزيدية الهجوم على ديانات أو شعوب أخرى، ولا تقبل فرض الإبادة أو الاحتلال بحقهم. يحملون ثقافة ديمقراطية، ويؤمنون دوماً بالحياة المشتركة ويحافظون عليها.
كما أن للنساء دور قيادي وأساسي في الثقافة والمعتقدات الإيزيدية، وقد شغلت المرأة مكانة مركزية في حماية الثقافة التاريخية واستمراريتها.
تعرض الإيزيديون لـ74 مجزرة على مدار حياتهم. في كل مرة كانت ثقافتهم، معتقداتهم، تاريخهم ووجودهم على الأرض هدفاً لهذه الإبادة. حاولت تلك المجازر القضاء على الإيزيدية من جذورها وتدميرها.
وتشير الوثائق الرسمية إلى أن الإيزيديين عانوا من 74 مجزرة، لكن المجازر التي لا يُعرف عنها شيء تُعدّ بالمئات. ونتيجة لهذه المجازر الكبيرة والمأساوية، انخفض عدد الإيزيديين من 40 مليوناً إلى قرابة مليون فقط، وتشتتوا حول العالم.
كانت النساء الهدف الأكبر في جميع المجازر، فقد تعرضن للاختطاف، والقتل، والاغتصاب، وتم اقتلاعهن بالقوة من ثقافتهن ومعتقداتهن وذلك لأن المرأة، في جوهرها، تمثل روح الإيزيدية وتحميها.
مجزرة 3 آب 2014
في الثالث من آب/أغسطس عام 2014، نفذ داعش المجزرة الـ74 بحق المجتمع الإيزيدي في شنكال، وذلك بالتواطؤ مع الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) وتعاون الدولة التركية. تم التخطيط لهذه الإبادة منذ سنوات، حيث تلقى داعش الدعم والتسليح وتم توجيهه نحو الإيزيديين.
منذ عام 2003 وحتى قبل وقوع المجزرة، كانت القوات التابعة لـPDK مسؤولة عن حماية شنكال، لكن في لحظة هجوم داعش، فر 12 ألف مقاتل دون مقاومة، وفتحوا الطريق للمجزرة وهناك وثائق تثبت هذا الادعاء.
وفقاً للقوانين الدولية التابعة للأمم المتحدة، فإن من يشارك أو يتواطأ في الإبادة الجماعية يُعد شريكاً في الجريمة، وقد اتُّهم PDK بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق المجتمع الإيزيدي.
في 6 آب 2014، دخل مقاتلو حركة التحرر الكردستانية إلى شنكال بهدف إيقاف المجزرة، وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 تم تحرير شنكال من قبضة داعش.
الإيزيديات
في مجزرة 3 آب، وقع 3504 من النساء الإيزيديات و2869 رجلاً في أسر داعش. تم بيع آلاف الفتيات والنساء الإيزيديات في أسواق مثل الرقة والموصل، وتعرضن للاغتصاب والتعذيب والقتل.
حتى الآن، تم تحرير حوالي 1184 من النساء، بينما لا يزال 2900 من الإيزيديين، معظمهم نساء وأطفال، محتجزين لدى داعش، ومصيرهم لا يزال مجهولاً.
فرض داعش عليهم تغيير دينهم ومعتقداتهم بالقوة، وفي حزيران/يونيو 2016، أقدم داعش في الموصل على إحراق 19 امرأة إيزيدية وهن على قيد الحياة داخل أقفاص، لأنهن رفضن اعتناق الإسلام ولم يتخلين عن إيمانهن.
الأطفال الإيزيديون
خلال مجزرة 3 آب، مات المئات من الأطفال الإيزيديين نتيجة الجوع والعطش، وقُتل المئات منهم بطريقة مباشرة، كما اختطف داعش العديد منهم، وأجبرهم على اعتناق الإسلام وتغيير ديانتهم تحت التعذيب والضغط.
تم تلقينهم الفكر المتطرف وتدريبهم وفقاً لأيديولوجية داعش. أُجبر بعضهم على الانضمام إلى القتال كجنود، بينما تم تلقين آخرين بتنفيذ عمليات انتحارية.
على سبيل المثال، شقيقين من قرية "تل قاصب" التابعة لشنكال، أطلق عليهما داعش اسمي "أبو سيف السنجاري" و"أسد أبو الخطاب"، ونفذا تفجيراً انتحارياً في الموصل يوم 14 شباط/فبراير 2017.
وفي المجزرة، بلغ عدد الأطفال الذين فقدوا والديهم 2745 طفلاً، ليكبروا في غياب أبسط أمانٍ عائلي أو مجتمعي.
المقابر الجماعية
في مأساة مروعة لا تزال تفاصيلها تتكشف، واجه آلاف الإيزيديين حملة إبادة جماعية على يد داعش، الذي أجبرهم على خيار الموت أو التخلي عن عقيدتهم الإيزيدية واعتناق الإسلام. أولئك الذين تمسكوا بدينهم قُتلوا بدم بارد ودفنوا في مقابر جماعية، في مشهد يختزل قسوة الإرهاب ووحشية الفكر المتطرف.
حتى اليوم، تم اكتشاف 93 مقبرة جماعية في منطقة شنكال ومحيطها، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع وشؤون المقابر الجماعية. منذ عام 2019، جرى فتح 62 مقبرة جماعية، فيما لا تزال 31 مقبرة تنتظر الفتح والتحقيق، وقد تم استخراج ما مجموعه 798 جثة حتى الآن، من بينها 80 امرأة وطفلان تم دفنهم في مقبرة جماعية بقرية "سولاكس"، ما يعكس حجم الألم الذي حملته هذه الأرض.
وفي 18 آب/أغسطس 2024، تم فتح واحدة من أفظع المقابر قرب "تلعفر"، تُعرف باسم مقبرة إيلو إنتر، حيث عُثر على ما بين 1500 و2000 جثة، معظمهم من الضحايا الإيزيديين، وهو رقم يصدم الضمير الإنساني ويجسد فظاعة الجرائم المرتكبة بحق هذه الأقلية.
الهجرة القسرية
أجبر حوالي 350 إلى 400 ألف من الإيزيديين على مغادرة مناطقهم الأصلية بسبب الإبادة الجماعية. الآلاف هاجروا من العراق إلى دول أجنبية، و2000 شخص انتقلوا إلى إقليم كردستان.
ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، على مدى 11 عاماً عاد حوالي 120 إلى 130 ألف نازح إيزيدي إلى مناطقهم الأصلية في شنكال. ومع ذلك، تقدر المنظمة أن هناك ما بين 70 إلى 80 ألف نازح ما زالوا يعيشون في مخيمات في إقليم كردستان، وغالبيتهم لم يتمكنوا من العودة.
الهجمات على المواقع المقدسة
شنت داعش، خلال حملتها، هجمات على عدد كبير من المواقع والمزارات الدينية الخاصة بالمجتمع الإيزيدي، وقامت بتفجير العديد منها، من بين تلك المزارات التي دمرتها داعش هو مزار الشيخ مند الواقع في قرية "سينكي" التابعة لناحية تل عزير في شنكال حيث قامت داعش بجمع مجموعة من النساء والرجال كبار السن داخل المزار ثم فجرته.
النتائج والاستنتاجات
وفقاً لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية الصادرة عن الأمم المتحدة في 9 كانون الأول/ديسمبر 1948، وبموجب المادة الثانية من الاتفاقية، فإن الجرائم المرتكبة ضد الإيزيديين مثل: القتل الجماعي، التهجير القسري، فرض الدين الإسلامي قسراً على الإيزيديين، التعذيب الجسدي والنفسي، الاعتداءات والانتهاكات بحق النساء والفتيات، بيع النساء والفتيات الإيزيديات، تدمير الأماكن الدينية المقدسة للمجتمع الإيزيدي، تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة.
كل هذه الجرائم التي ارتكبها داعش تعتبر إبادة جماعية وتخالف القانون الدولي والاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان.
في الذكرى السنوية الحادية عشرة للإبادة التي وقعت في 3 آب 2014 على المجتمع الإيزيدي، شددت حركة حرية المرأة الإيزيدية على ضرورة إرسال هذا الملف من أجل البحث فيه "نؤكد أن تلك الإبادة تتجاوز حدود الأخلاق والضمير الإنساني، وتنتهك كافة القوانين الدولية وحقوق الإنسان".
وطالبت الحركة بأن "تتحلوا بالمسؤولية والضمير الإنساني، وأن تعترفوا رسمياً بأن ما حدث للإيزيديين في 3 آب 2014 في شنكال هو إبادة جماعية".
أسماء الدول والمؤسسات التي تم إرسال رسائل إليها:
رئاسة جمهورية جنوب أفريقيا
دائرة المراسم التابعة للحكومة الإيطالية
مكتب الرئيس والعلاقات الدبلوماسية العامة في بلغاريا
مكتب رئيس جمهورية سلوفاكيا
رئيس جمهورية سلوفينيا
وزارة الخارجية الفرنسية
رئيس جمهورية فنلندا
رئيس جمهورية قبرص
رئيس جمهورية كرواتيا
وزارة الخارجية المالطية
وزارة الخارجية والتجارة الهنغارية
رئيس جمهورية النمسا
موجه إلى رئيس جمهورية اليونان
رئيس الحكومة الإسبانية
وزارة الخارجية الصينية
مكتب رئاسة الهند
رئاسة جمهورية مصر العربية
السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة
رئيس جمهورية ليتوانيا