غوناي ياقوت: نواجه العنف بالتنظيم والتضامن والعمل المشترك

أكدت غوناي ياقوت، منسقة مديرية سياسات المرأة، أن البلديات تعد من أقوى المؤسسات التنظيمية القادرة على ترسيخ قيم التكافل داخل المجتمع، حيث تعزز بلدية بياس في مدينة آمد بشمال كردستان، التضامن بهدف بناء حياة خالية من العنف.

أرجين ديليك أونجل

آمد ـ تسعى مديرية سياسات المرأة في بلدية بياس بشمال كردستان، إلى توسيع نطاق الدعم والتضامن النسائي، وتمكين النساء عبر توفير فرص عمل ومجموعات إنتاج ومكتبة توثق تجاربهن.

في أعقاب فوز حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM) بإدارة بلدية بياس في آمد بنسبة 68.85% من الأصوات في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 آذار/مارس 2024، أعادت البلدية تفعيل مديرية سياسات المرأة، لتصبح مركزاً حيوياً لدعم النساء اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً وقانونياً.

"116 امرأة تقدمن بشكاوى عنف جسدي إلى البلدية خلال عام واحد"

وأوضحت منسقة مديرية سياسات المرأة في بلدية بياس، غوناي ياقوت، أن مراكز حياة المرأة التي افتُتحت داخل البلدية لم تعد مجرد مساحات للتنظيم والتضامن واستعادة تجارب النساء، بل أصبحت أيضاً مكاناً للذكرى "تركز مراكز حياة المرأة بشكل أساسي على العنف ضد المرأة، كما يمكن للنساء الحصول على خدمات استشارية قانونية ونفسية وفردية في هذه المراكز".

ولفتت إلى أنه "بصفتنا بلدية بياس، تلقينا طلبات من 116 امرأة على مدار عام، حيث لجأت العديد منهن إلينا بسبب العنف المنزلي الذي تعرضن له، إلا أن هذا العنف كان جسدياً بشكل عام، كما لاحظنا أنهن تعرضن أيضاً لعنف نفسي واقتصادي شديد".

وأكدت أن "مراكز حياة المرأة تعد مساحات تُمكّن النساء من تطوير مساراتهن المهنية، وأحياناً قضاء بعض الوقت، أو المشاركة في الأنشطة الرياضية، وبعد الانتهاء من ورش العمل، غالباً ما ترغب النساء في إعادة دراسة دورات أخرى، هذا لأنهن يُفرغن أعباءهن هناك، ويُشاركن ويُبدعن، ولهذا السبب تُعدّ هذه المراكز بالغة الأهمية بالنسبة لنا".

"من أجل حياة خالية من العنف"

وقالت غوناي ياقوت إنهم يعملون بالتعاون مع المؤسسات والجهات الأخرى في المدينة من أجل تمكين النساء من بناء حياة خالية من العنف "لا نعتمد فقط على إمكانيات البلدية لحل هذه المشكلة، هناك تعاون بين البلديات، وكذلك بين رجال الأعمال والمؤسسات والمنظمات المدنية في المدينة، لدعم النساء في رحلتهن نحو حياة خالية من العنف".

وأضافت "خلال هذه العملية، تم توفير فرص عمل للنساء اللواتي يمررن بمرحلة الطلاق ويرغبن في بناء حياة خالية من العنف مع أطفالهن، وبموجب بروتوكولات أُبرمت مع رجال أعمال في مجالات مختلفة، تم توفير فرص عمل للنساء".

توفير فرص عمل من خلال مجموعات الإنتاج التابعة للبلدية

وأوضحت غوناي ياقوت أن بلدية بياس أنشأت مجموعتي إنتاج للنساء اللواتي يرغبن في تحقيق الاستقلال الاقتصادي وبناء حياة خالية من العنف "في سوق عمل المرأة توجد أكشاك تديرها النساء، حيث تقمن ببيع المنتجات التي يصنعنها بأيديهن، وبعد أن تكتسبن القوة الكافية، تؤسسن عملاً في مجال آخر، ثم تبدأ امرأة أخرى في إدارة الكشك، حيث أن تمكينهن اقتصادياً يمكن أن يساهم في الحد من العنف"، مشيرةً إلى أنهم يتعاملون  مع تمكين المرأة كعملية شاملة.

وتابعت "لقد قمنا بإنشاء مكتبة أعمال المرأة في بياس بهدف إبراز تاريخ النساء وتجاربهن وإنتاجهن، وتوفير بيئة يمكن للنساء أن تجتمعن فيها وتتبادلن المعلومات، وتعزيز ذاكرتهن المجتمعية"، لافتةً إلى أن "المكتبة تحولت إلى مركز يحتوي على أعمال الكاتبات، وأبحاث ودراسات تتعلق بتاريخ المرأة، وكتيبات وتقارير المؤسسات والمنظمات النسائية، حيث أصبحت المكتبة مساحة حياة تقام فيها ورش عمل فريدة، وتناقش فيها بشكل مكثف تجارب النساء اليومية وتقاليد المقاومة".

تصاعد وتيرة العنف ضد النساء

وأشارت غوناي ياقوت إلى تصاعد وتيرة العنف، وأن السياسات المتبعة باتت غير كافية في مواجهة هذا التصاعد، لافتةً إلى مقتل خمس نساء في آمد خلال شهر ونصف، وأن امرأة واحدة توفيت في ظروف مشبوهة "عند النظر إلى النصف الأول من العام الحالي، نجد أنه قد تم تسجيل مقتل 136 امرأة، من بين هؤلاء النساء، 90 امرأة قُتلن على يد شخص من العائلة، العديد منهن قُتلن لأنهن أردن الطلاق".

حملات مناهضة العنف

وقالت غوناي ياقوت إنهم أطلقوا حملات متعددة لمناهضة العنف بعد توليهم الإدارة "بصفتنا بلديات تابعة لحزب DEM، أطلقنا في 13 شباط من العام الماضي حملة تحت شعار "كلمتنا لم تنتهِ، وسنوقف العنف معاً"، أردنا من خلالها الوصول إلى جميع النساء في المدينة أو المنطقة، وفتح مجالات يمكن لهن التوجه إليها، والنضال المشترك، والحد من هذه المشكلة المجتمعية".

وتابعت "مرّ ثمانية أشهر على هذه الحملة، وفي نهاية الشهر الثامن، وسّعنا نطاقها حيث بدأت جميع بلديات حزب DEM بتنظيم منتديات في الحدائق خلال فصل الصيف ضد جرائم قتل النساء والعنف الموجّه ضدهن، كما كنا نذهب إلى الحدائق كمجموعات، ونتحدث مع النساء ونقدم لهن معلومات حول المراكز التي يمكنهن التوجه إليها في حال تعرضهن للعنف".

وأوضحت أنه "من خلال هذه الحملة، نرى بوضوح أن النساء لم يُمنحن حق التعبير في المجال العام خلال السنوات العشر الأخيرة، والنساء اللواتي مُنحن هذا الحق يعبرن عنه بسهولة، وهذا يمنح شعوراً بالقوة، نعم، هذه الأنشطة ليست كافية لوحدها لمنع العنف ضد النساء أو جرائم قتلهن".

 

من الحدائق إلى البلدية... صوت النساء يُسمع

وأفادت غوناي ياقوت "حتى الآن أجرينا أنشطة في أربع حدائق فقط، وسيستمر هذا العمل حتى نهاية الشهر القادم، في هذه الحدائق، التقينا بما يقارب 800 امرأة، وبعد هذه اللقاءات، تقدمت حوالي 10 منهن بشكاوى عن العنف إلى البلدية، هناك طلبات وصلت بعد اللقاءات مباشرة".

وأكدت أن هناك ضغوط اجتماعية على النساء من داخل الأسرة، وهناك أعراف اجتماعية تقول إن العنف الذي يحدث يجب أن يبقى داخل الأسرة، وعندما تلجأ المرأة إلى آلية ما، هناك العديد من الجهات التي تقول لها "اذهبي أولاً وحلي الأمر داخل الأسرة"، ولهذا السبب، لا تستطيع النساء التوجه إلى مؤسسة ما عندما تتعرضن للعنف.

وأضافت "في الفترة الجديدة، وبناءً على لقاءاتنا مع النساء، وزياراتنا المنزلية، ولقاءاتنا في الحدائق، سنصدر تقريراً، ففي الواقع، هذا العمل يُظهر لنا كيف يجب أن نواصل عملنا في الفترة القادمة، لأننا عندما نقوم بعمل ما، نتخذ القرار مع النساء أنفسهن".

 

"لدينا أهداف لزيادة مجموعات الإنتاج"

وأكدت غوناي ياقوت أنهم يتبعون سياسة تنقل المرأة إلى المجال العام، على عكس السياسات التي تحبسها داخل المنازل "نجتمع مع النساء وننظم ورشات عمل حول النوع الاجتماعي، وحقوقنا القانونية".

وعن زيادة مجموعات الإنتاج قالت "أحد هذه الأهداف هو أن بلدية بياس تمتلك حديقة نباتات طبية وعطرية، سنُنشئ فيها مساحة يمكن للنساء أن يجتمعن فيها ويقمن بالإنتاج من تلك النباتات، لا نهدف إلى ذلك فقط للنساء في المركز، بل نهدف إلى إنشاء مجموعات إنتاج تجمع النساء من القرى والمدن لإحياء عمل الأمهات والجدات في الطب البديل".

وأوضحت أن للإدارات المحلية طموحاً في تحويل المدن إلى أماكن تعيش فيها النساء بحرية، وأنهم يعملون وفق هذا الطموح "بصفتنا مديريات سياسات المرأة، لدينا هدف يتمثل في لقاء أكبر عدد من النساء في المدينة أو المنطقة، والتضامن معهن، فنحن نؤمن بقوة النضال المشترك والدفاع الذاتي ضد العنف الذي نتعرض له".

وفي ختام حدثيها، دعت غوناي ياقوت جميع النساء يجتمعنا حول مراكز التضامن النسائي من أجل النضال ضد العنف قائلة "نعلم أن هناك عناوين يمكننا الوصول إليها عندما تتعرض جارتنا، أو نحن أنفسنا، أو إحدى معارفنا، للعنف، كما ندعو جميع النساء اللواتي يحتجن إلى الدعم اللجوء إلى مراكز التضامن النسائي لدينا".