القمع سلاح طالبان ضد الأفغانيات المناضلات

لقد أصبحت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أنشأتها طالبان بدلاً من وزارة شؤون المرأة بعد استيلائها على الحكم، إحدى الأدوات الرئيسية لقمع المرأة في أفغانستان، فعناصر هذه المؤسسة يحاولون حرمان النساء من أي حرية شخصية.

بهاران لهيب

سربل ـ تعاني النساء كثيراً في ظل سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان، حيث يعمل على تضييق الخناق عليهن يوماً بعد آخر من خلال الأجهزة والمؤسسات التي أنشأها كوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

مهمة وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أفغانستان قمع الشعب وخاصة النساء، تم إنشاء هذه الوزارة لأول مرة عام 1992، خلال حكم المنظمات الثورية الثمانية المعروفة بالجهاديين، وفي الوقت نفسه تم إعلان الحجاب إلزامياً.

بسبب الحروب الأهلية بين الأنظمة وصراعات السلطة في أفغانستان، كانت كل منطقة تحت سيطرة مجموعة مختلفة، ارتكبت هذه المجموعات جرائم القتل والمجازر والاغتصاب وآلاف الجرائم الأخرى، وبعد تدمير معظم المحافظات، خاصة كابول، وصلت طالبان إلى السلطة في عام 1997 وحافظت على قيادتها لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

في ذلك الوقت، كان أي عضو من طالبان يحمل سلاحاً قادراً على إصدار الأوامر والمحظورات فيما يتعلق باللباس والتعليم وعمل المرأة خارج المنزل ولحى الرجال وشعرهم، وحتى ملابسهم، ورغم أن الناس احتجوا قليلاً، إلا أنهم اختاروا الصمت في الغالب، لأن الجهاديين لم يكتفوا في السنوات الخمس التي سبقت ذلك بقمع وقتل الناس فحسب، بل كانوا يعتدون على نساء المتظاهرين حيث حولوا كابول إلى أنقاض.

خلال الفترة الثانية من حكم طالبان، احتج الناس، خاصة النساء، على نطاق واسع، ولهذا السبب، تصرفت طالبان في البداية بحذر أكبر، مدركةً أن زيادة الضغوط على أفغانستان، إلى جانب الفقر والبطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية، من شأنها أن تهز أسس حكمها، ولذلك، تم هذه المرة تحديد الأفراد التابعين لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقط باعتبارهم مسؤولين عن قمع النساء، ولم يتدخل أعضاء طالبان الآخرون بشكل مباشر في هذا الصدد.

يرتدي عناصر هذه الوزارة الملابس المحلية "القمصان والسترات" بالإضافة لعباءات بيضاء طويلة، ملابسهم تحمل شعارهم واسمهم، يقومون بدوريات على الطرق كل يوم من الساعة 8 صباحاً حتى الساعة 4 مساءً، في مجموعات تتكون من 4 إلى 5 أشخاص، وبالإضافة إلى إذلال النساء وإهانتهن، يقوم هؤلاء الضباط بضربهن وسبهن وإجبارهن على العودة إلى منازلهن لتغيير ملابسهن بحجة أنها "غير لائقة"، وحتى ملاحقة بعضهن إلى منازلهن، كما تم الإبلاغ عن حالات اعتقال وتعذيب واختفاء للنساء.

القانون الذي أقره زعيم طالبان هيبة الله آخند زاده لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منتصف عام 2024 يفرض ظاهرياً قيوداً على النساء، لكن في الواقع، ترك القانون أيدي مسؤولي الوزارة حرة في ارتكاب أي نوع من القمع والجريمة.

وكانت مداهمة المنازل لجمع مستحضرات التجميل أحد أحدث الأمثلة على قمع النساء من قبل النخبة في ولاية سربل، وكان هؤلاء العناصر بحجة جمع مستحضرات التجميل يدخلون المنازل ويصادرون أو يدمرون الممتلكات الشخصية للنساء.

وقالت شاهغول وصل، من سكان سربل "كانت الساعة العاشرة صباحاً عندما هاجم أشخاص من الوزارة منازلنا فجأة، في البداية ظننا أنهم جاؤوا لإلقاء القبض على مجرمين، ولكن عندما دخلوا المنزل بدأوا بتفتيش أغراض النساء، حيث أن كل ما وجدوه أمامهم كسروه أو سرقوه".

وأضافت "لا أعلم لماذا يخاف طالبان الذين يملكون كل السلطة، من النساء اللواتي لا يشكلن قوة موحدة؟ ولكنني سعيدة أننا نجحنا في إثارة الرعب في قلوبهم بمقاومتنا، بعد سيطرة طالبان على السلطة، أصبح ارتداء الملابس الملونة رمزاً للمقاومة، لهذا السبب يخشوننا وينفذون مثل هذه الممارسات في المحافظات التي يكون فيها الوصول الإعلامي محدوداً، لأنهم لا يريدون أن ينعكس قمعهم، ولكنهم نسوا أن كل شخص الآن أصبح صحفياً ويستطيع أن يكشف جرائمهم، وسيأتي يوم نتولى فيه نحن النساء إدارة البلاد ونقضي على الأفكار الأبوية والأصولية لأي مجموعة جهادية، من أي طيف أو أيديولوجية".