في يومهن العالمي… مغربيات ترفعن سقف المطالب الحقوقية
دعت ناشطات حقوقيات إلى الرفع من سقف المطالب الحقوقية، كما اعتبرن في يومهن العالمي أن المقترحات التي تضمنتها تعديلات مدونة الأسرة جاءت "مخيبة للآمال" ولا ترقى لما بلغه المغرب من مكانة في المجالين التشريعي والحقوقي.

رجاء خيرات
المغرب ـ نظمت جمعية "انطلاقة"، أمس السبت 8 آذار/مارس، ندوة بعنوان "المرأة المغربية بين المدونة والفقه"، حيث سلطت الضوء على أهم المكتسبات التي جاءت بها مقترحات تعديلات مدونة الأسرة للمجلس العلمي الأعلى، كما بينت الاختلالات التي كرستها المقترحات، فضلاً عن مكانة المرأة في الفقه الإسلامي.
اعتبرت عضوة الجمعية الديمقراطية لنساء المغربي نزهة بلقشلة، أن الثامن من آذار هو محطة أساسية لتقييم السياسات لكل البلدان في مجال الحقوق الإنسانية للنساء، والذي يصادف مرور ثلاثة عقود على منهاج خطة "بيجين" التي كان إعلانها عام 1995، وكذلك مرور عشرة أعوام على الإعلان عن أهداف التنمية المستدامة.
وأضافت أن ما يميز هذه المحطة، خلال هذه السنة بالمغرب هو انطلاق ورش مدونة الأسرة، مشيرةً إلى أن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب سبق وأن أعطت موقفها من مقترحات تعديل المدونة، والتي اعتبرتها مجرد اقتراحات بسيطة لا ترقى لتطلعات الحركة النسائية المغربية.
ولفتت إلى أن الأمر يتطلب معالجة لجوهر العلاقة التراتبية داخل الأسرة المغربية المبنية على النمط التقليدي الذي يحكمه منطق القوامة، حتى تكون هذه المحطة قفزة نوعية في الحقوق الإنسانية للنساء، فإن المقترحات جاءت "مخيبة للآمال".
وأوضحت أن هذه الخيبة يمكن تفسيرها على أن كل مطالب الحركة النسائية لم تتم تلبيتها بالشكل الذي كانت الحركة تطمح له، سواء تعلق الأمر بمسألة الزواج أو الطلاق أو المصلحة الفضلى للطفل أو حتى منظومة المواريث.
وبشأن الحواجز التي تقف ضد تحقيق النساء لمطالبهن وبلوغ المواطنة الكاملة والولوج إلى العدالة بشكل متساو، بينت من خلال بعض الأمثلة كيف أن المقترحات جاءت مخيبة للآمال، حيث أشارت إلى مسألة الحفاظ على تعدد الزوجات، بالرغم من كون الحركة النسائية بينت أن التعدد هو انتهاك صارخ للحقوق الإنسانية للنساء ولكرامتهن، ومع ذلك فقد تم الاحتفاظ به بشروط معينة، كأن تكون الزوجة مريضة أو تعاني من "العقم"، في حين أن الرجل نفسه قد يعاني من عدم القدرة على الإنجاب.
ولفتت نزهة بلقشلة إلى مسألة التعصيب في الإرث، حيث أرجعت هذا الأمر إلى وجود مصالح اقتصادية بالنسبة للرجال، موضحة أن المقترحات التي لم تتم فيها التعديلات الجوهرية، كانت إما ترجع إلى الجنس أو المال، حيث تعتبر امتيازات بالنسبة للرجال، مشيرة إلى أن المطالبة بالحقوق تشمل كل أفراد الأسرة، وليس النساء فقط.
وأشارت إلى غياب أي توضيح أو فكرة حول المسؤولية المشتركة بين الزوجين، ناهيك عن الإبقاء على تزويج القاصرات، مع تحديد سن 17 عام بدلاً من 18 عاماً، بحجة أن الفتيات في العالم القروي ينقطعن عن الدراسة ويتم تزويجهن.
ودعت إلى إعادة النظر في السياسات العمومية التي ينبغي أن تحارب الفقر والهشاشة في أوساط الأسر التي تزوج بناتها في سن مبكر، حيث أن الزواج ليس حلاً للفقر، لأن الطفلات ينجبن أطفالاً ويعدن من جديد لحضن الأسرة بعد أن يطلقن.
وفي ختام حديثها، أكدت نزهة بلقشلة أن الاجتهاد الفقهي من يرفع من سقف المطالب "من غير المعقول أن نعيش باجتهادات فقهية تعود للقرن الثاني الهجري أو الثامن الميلادي، في حين أننا في القرن الواحد والعشرين، هؤلاء الفقهاء استطاعوا أن يجدوا حلولاً للمشاكل التي كانت مطروحة في عصرهم، والآن المشاكل تغيرت والشروط الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية تغيرت، وبقيت هذه الاقتراحات التي لا تساير العصر".
فيما يخص مكانة المرأة في الفقه، انتقد مشاركين في الندوة، المفهوم التقليدي للقوامة إذ بحسب النص القرآني فمفهوم القوامة يقوم على الإنفاق، باعتبار أن الرجل قيم على المرأة، وبالتالي فهو ملزم بأن ينفق عليها، وهو ما لم يعد موجوداً بحكم أن المرأة اليوم تعمل وتنفق على الأسرة شأنها شأن الرجل، كما أنها تساهم في تكوين الثورة.
وطالبوا بأن يشارك الزوج شأنه شأن الزوجة في القيام بالأعمال المنزلية، إن هو أراد أن تشاركه الزوجة في الإنفاق، لأنه لا يعقل أن تعمل المرأة داخل وخارج البيت، معتبرين أن هذا فقه ذكوري عقيم لا يحترم المرأة التي تكون فريسة لذكورية الفقيه، كما وصفوه بكونه حق "فيتو" يتم رفعه كلما طالبت النساء بحقوقهن كاملة، داعين إلى الاجتهاد وقراءة معاصرة للفقه بما يتماشى وتطور العصر ومكانة المرأة التي أصبحت تحتلها في المجتمع.
وعن ورش تعديل مدونة الأسرة، أشار متدخلون إلى المكتسبات التي شملها التعديل، بغض النظر عن الإشكاليات أو خيبات الأمل لعدم التجاوب في بعض الجوانب منها، مؤكدين أن هذه المكتسبات تحتاج إلى التثمين من أجل تأسيس محطة نضالية أخرى في القضايا التي لم يتم التجاوب بشأنها، مشيرين إلى بعض المغالطات التي ركزت على 19 توصية جاءت بها مقترحات التعديل، حيث قبلت 16 منها ورفضت ثلاث توصيات فقط، في حين أن الصحيح هو أن اللجنة قبلت 139 توصية.
ولفتوا إلى أن المقترحات التي ترتبط بما هو ديني هي فقط ما تمت إحالتها على المجلس العلمي الأعلى، مؤكدين على إيجابية هذه النقطة، باعتبار أنه تم الانتقال من مدونة سابقة كتبت من طرف فقهاء، في جميع موادها سنة 1958، إلى مدونة أشرفت عليها لجنة في 95 في المائة منها من الفقهاء، ثم إلى تعديلات (139 تعديل)، تم رفع 19 تعديل منها إلى المجلس الأعلى، كما أنها لازالت ستحال إلى المجلس الحكومي ثم الأمانة العامة للحكومة ثم البرلمان وستناقش داخل اللجان.
وأشادوا بكون مدونة الأسرة انتقلت من القدسية التي كانت غير قابلة للمس إلى قانون مدني سوف يأخذ مساره القانوني العادي.