في غزة الحصول على رغيف خبز معركة قد تنتهي بالموت

في غزة المنكوبة، لم يعد الجوع مجرد معاناة يومية بل تحوّل إلى مأساة مميتة، حيث دفعت امرأة وطفلتين حياتهن ثمناً للحصول على رغيف خبز، في مشهد يتكرر وسط غياب الحلول والإدارة.

غزة ـ لاتزال غزة محاصرة بين الموت والجوع، ويواصل سكانها دفع الثمن للبقاء على قيد الحياة بوسائل تُدمّر أرواحهم وأجسادهم يوماً بعد يوم كل ذلك أمام مرأى ومسمع العالم أجمع دون التحرك ساكناً.

وسط الأزمات المتلاحقة التي تضرب قطاع غزة، لقيت امرأة وطفلتين حتفهن فجر اليوم الجمعة 29 تشرين الثاني/نوفمبر، نتيجة التدافع المأساوي أمام أحد المخابز في المنطقة الوسطى من القطاع، هذه الحادثة تأتي بعد أيام فقط من مصرع ثلاثة نساء أخريات في ظروف مشابهة، لتؤكد مجدداً أن الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر تتجه نحو مزيد من التدهور، حيث بات الحصول على رغيف خبز معركة قد تنتهي بالموت.

 

معاناة تمتد لليالي الطويلة

يبدأ طابور النساء أمام المخابز منذ منتصف الليل، في انتظار فرصة للحصول على بعض الأرغفة التي قد تسد رمق أطفالهن، ويستمر هذا الانتظار حتى ساعات الصباح الأولى، حيث تقف الأمهات والنساء في العراء، تحت وطأة البرد القارس، دون حماية من الأمطار أو أي تنظيم يضمن سلامتهن، هذه المعاناة تبرز الجانب الأكثر إيلاماً للأزمة؛ فالنساء تتحملن العبء الأكبر في تأمين الغذاء لأسرهن، وتدفعن حياتهن ثمناً لذلك. 

 

شح الطحين وتأثيراته

تعاني المخابز في غزة من نقص حاد في الطحين بسبب الحصار المشدد واستهداف المطاحن من قبل الاحتلال، الكميات التي تصل إلى القطاع شحيحة للغاية، ما يؤدي إلى تقليص الإنتاج اليومي من الخبز وارتفاع حدة المنافسة بين السكان للحصول على الحد الأدنى من احتياجاتهم، ومع ارتفاع الطلب مقابل العرض المحدود، يتحول انتظار الخبز إلى خطر حقيقي على الحياة.

 

الموت المجاني في غزة

تسلط تلك الحادثة القاسية الضوء على التدهور المستمر في قيمة الحياة البشرية في القطاع حيث بات الإنسان في غزة يدفع أثماناً باهظة للبقاء على قيد الحياة وسط انعدام الخيارات أمامه، هذه الوفيات سواء كانت بسبب التدافع على الخبز أو تحت القصف، تعكس حالة الانهيار الإنساني الذي يعاني منه السكان المحاصرون منذ بدء الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣.

وفي ظل هذه الحوادث المروعة، تعالت الأصوات المطالبة بإيجاد حلول عاجلة لتوزيع الخبز بطرق أكثر أماناً، خاصة ان الكثيرون يرون أن تخصيص نقاط توزيع صغيرة موزعة في الأحياء، أو اعتماد نظام توزيع منظم يشمل العائلات بشكل مباشر، والذي قد يحد من وقوع مثل هذه الكوارث، كما دعت مؤسسات حقوقية إلى توفير الحماية للنساء والأطفال الذين يتحملون العبء الأكبر في هذه الأزمة.

 

أزمة نساء غزة بين الجوع والتهميش

كما تسلط هذه الحوادث الضوء أيضاَ على الخصوصية المؤلمة لمعاناة النساء في غزة اللواتي أصبحن أكثر الفئات تضرراً في الأزمات الإنسانية حيث تقف المرأة الفلسطينية في وجه الجوع والخوف والحرمان مُحاولةً توفير الحد الأدنى من احتياجات أسرتها، وفي الوقت الذي تواجه فيه مخاطر التدافع للحصول على الخبز، وتتحمل عبئاً نفسياً وجسدياً هائلاً يضاف إلى تحدياتها اليومية في رعاية أطفالها في ظل الحصار والدمار.

ومع تفاقم أزمة الطحين وشح المواد الغذائية، يزداد الخطر المحدق بالسكان، خصوصاً النساء والأطفال، والحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة تحد من هذه الخسائر، سواء من خلال إدخال كميات كافية من الطحين إلى القطاع أو تحسين طرق التوزيع لتجنب التجمعات الكبيرة التي تؤدي إلى الكوارث الإنسانية.