فتاة أفغانية تروي قصة جيل انفصل عن أحلامه بقدوم طالبان

تتذكر فيروزا شريفي الفتاة ذات الـ 18عاماً من ولاية تخار، ذلك اليوم الذي اجتاحت فيه حركة طالبان مدينتها اليوم الذي قلب حياتها وحياة جيلها رأساً على عقب، حين أُغلقت المدارس في وجوههم وتلاشت أحلام النساء في الحرية والتعليم.

بهاران لهيب

تخار ـ في لحظةٍ غيّرت ملامح الحياة في أفغانستان، اجتاحت حركة طالبان مدن البلاد واحدة تلو الأخرى، حاملةً معها قرارات أعادت عقارب الزمن إلى الوراء، كان أبرزها إغلاق أبواب المدارس أمام الفتيات لتطفأ بذلك شموع الأمل في عيون جيل كان يحلم بمستقبل مختلف.

في يومٍ غير مجرى حياتها، تستعيد فيروزا شريفي، فتاة أفغانية تبلغ من العمر 18 عاماً من ولاية تخار، ذكريات اللحظة التي اجتاحت فيها حركة طالبان مدينتها، لتطوي معها صفحة من الأمل، وتفتح أخرى من الخوف والضياع لجيلٍ بأكمله تروي قصتها قائلة "كنت طالبة في الصف العاشر الابنة الثالثة في أسرتي، أساعد والدتي في أعمال المنزل خلال النهار، وأكرّس الليل للدراسة حتى ساعات متأخرة، كنت أظن أن المستقبل بين أيدينا، وأن كل شيء ممكن".

قبل دخول طالبان إلى مدينة تخار، كانت حياة فيروزا شريفي مفعمة بالأمل وتسير بخطى ثابتة نحو حلمها الكبير بأن تصبح طبيبة، كانت طالبة متفوقة تعيش حياة بسيطة يغمرها الأمل وتؤمن بأن المستقبل ملك لجيلها، لكن كل شيء تبدّل في لحظة واحدة وتتابع فيروزا شريفي حديثها "كنت في السوق مع والدتي وفجأة دخلت حركة طالبان المدينة بسياراتهم ومعداتهم، انتابني الخوف وقلت لأمي 'هيا بنا نعود إلى المنزل بسرعة' نظرت إليّ والدتي بابتسامة حزينة ووجهٍ مشوب بالحيرة وقالت، 'انظري هؤلاء هم طالبان الذين كنتِ تخافين منهم والآن ترينهم بأمّ عينيك".

ولفتت إلى أن ذلك اليوم لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان بداية لانهيار الأحلام، وانطفاء الأمل في عيون جيلٍ كان يظن أن الغد سيكون أفضل، فقد أُغلقت أبواب المدرسة أمام جميع الفتيات، وفي بعض القرى أمر طالبان بوضع الأعلام على أبواب منازل الأرامل أو الفتيات غير المتزوجات كعلامة على سيطرتها على حياة النساء، أُجبرت عائلات كثيرة على مغادرة منازلها والهجرة إلى كابول لم تكن ولاية تخار قد سقطت بشكل كامل بعد، حين اجتاحت حركة طالبان العاصمة كابول، لتشتد بعدها وتيرة الحرب وتعمّ الفوضى في أنحاء البلاد.

وعن الحرب والعنف الذي شهدتها البلاد في تلك الفترة، أوضحت أنه "خلال العشرين عاماً الماضية شهدت العديد من المدن حرباً وهجمات انتحارية، قُتل العديد من الشباب فتياناً وفتيات، ولا تزال الأمهات تذرفن الدموع على فقدان أطفالهن الصغار، عندما جاءت طالبان، بدا الأمر كما لو أن جميع أحلامنا قد ضاعت فجأة".

تنتمي فيروزة شريفي إلى جيلٍ حظي بفرصة التعليم والانخراط في الحياة المجتمعية داخل المدن الأفغانية، قبل أن تفرض حركة طالبان سيطرتها فجأة وتقيّد دور المرأة في المجتمع وتقول "ربما يكون ألمي امتداداً لمعاناة من سبقوني، لكنني أتمسك بإيمان راسخ بنضال نساء وطني، أؤمن أن أبواب المدارس والأحلام ستُفتح لنا من جديد، وأن لا قوة في العالم قادرة على إغلاق نوافذ طموحاتنا".

حُرمت فيروزا شريفي وزميلاتها من حقوقهن الأساسية، كالتعليم والحرية الاجتماعية، مع عودة حركة طالبان، وهي تجربة ستبقى تلقي بظلالها على الأجيال القادمة، فقد حرمت الحياة في ظل الخوف والقيود والعنف النساء من فرص التعليم والنمو، مما أدى إلى نشوء مجتمع من الفتيات اللواتي توقفت أحلامهن فجأة، وتقول "ما زلنا نرغب في الغناء لأنفسنا، ولعائلاتنا، ولوطننا، لن ندع الخوف والعنف يسيطران على حياتنا، سيأتي اليوم الذي تسمع فيه أصواتنا ولن تضطر أي فتاة للتضحية بأحلامها مرة أخرى".