'فلسفة القائد آبو منح الحياة للمجتمع الإيزيدي، الذي واجه خطر الإبادة'

أكدت نعام بدل إحدى النساء اللواتي كن شاهدات على مجازر الإبادة الـ74 التي ارتكبت بحق الشعب الأيزيدي في شنكال، أن مقاتلي حركة التحرر الكردستانية حاربت وناضلت من أجل جميع الشعوب المضطهدة مبينة "نحن مدينون لما قدموه من تضحيات من أجلنا".

روجين حبابي

شنكال ـ شكلت الإبادة الجماعية الـ74 التي مارست بحق الشعب الإيزيدي في شنكال، نقطة تحول في تنظيم المجتمع الإيزيدي، حيث دفعته إلى تشكيل قوات دفاعية مثل وحدات مقاومة شنكال (YPŞ) ووحدات المرأة في شنكال بفضل مقاتلي حركة التحرر الكردستانية التي ناضلت وقاومت من أجل حماية شنكال.

استجابةً للنداء التاريخي التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان من أجل "السلام والمجتمع الديمقراطي"، عقدت حركة التحرر الكردستانية مؤتمرها الثاني عشر في الفترة ما بين الخامس والسابع من أيار/مايو الجاري، وأعلن في الثاني عشر من الشهر ذاته حل هيكله التنظيمي ووقف الكفاح المسلح بعد نضال دام 50 عاماً، أحدث من خلاله تغييرات ثورية في جميع أنحاء كردستان وحول العالم، وأصبح هذا الإرث بمثابة القلب والعقل لأمة وشعب تم إنكارهما وتعرضا للتهديدات، حيث كانت ثقافتهما وإيمانهما تحت وطأة الإبادة الجماعية من خلال نضاله وتضحياته، منح الحياة للمجتمع الإيزيدي، الذي واجه خطر الإبادة.

 

" 12ألف مقاتل من البيشمركة و7 آلاف جندي عراقي فروا من مواجهة داعش"

وتعرض المجتمع الإيزيدي لهجمات داعش الإرهابية في آب/أغسطس 2014، في وقت كان يتواجد فيه 12 ألف مقاتل من البيشمركة التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني و7 آلاف جندي عراقي في شنكال، دفعت النساء الأيزيديات الثمن الأكبر في مواجهة تلك الإبادة، فالقوات التي كان من المفترض أن تنتشر في المنطقة لحماية شنكال، أرادت إعادة إحياء الإبادة الجماعية ضد المجتمع الإيزيدي، لكن هذه المرة كان الهدف هو تدمير الديانة الأيزيدية ذات الأصول الكردية والمجتمع الأيزيدي بشكل كامل.

وفي خضم التخطيط لمثل هذه المجازر، توجه مقاتلي حركة التحرر الكردستانية، إلى جبل سنجار وقفوا بكل قوتهم ضد الإبادة الجماعية التي سعت إلى إبادة المجتمع الأيزيدي، أطلق عليهم المجتمع الإيزيدي اسم "فرسان الدراويش الإثني عشر" وكانوا يؤمنون بروح نضال حركة التحرر الكردستانية، لقد أدى اللقاء التاريخي الكبير إلى تحرير شنكال من داعش وتأسيس نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية في شنكال.

وبعد تحرير شنكال بالكامل من داعش، انسحب مقاتلو حركة التحرر الكردستانية من شنكال إلى جبال كردستان في عام 2018، وعاد المجتمع الإيزيدي الذي بنى قوة دفاعية ذاتية خاصة به من خلال الاعتراف بمقاتلي حركة التحرر الكردستانية.

ومن بين ما كان شاهداً على المجازر التي ارتكبها داعش خلال إبادة الـ74 نعام بدل، التي فرت إلى الجبال مع عائلتها لتجنب الوقوع في قبضة داعش وبقيت هناك لمدة 7 أيام، وعن التضحيات التي قدمها مقاتلي حركة التحرر الكردستانية في سبيل حماية شنكال قالت "اتخذت أنا وعائلتي قراراً بالانضمام إلى قوات الدفاع الشعبي، كما أنضم أبني فداكار شنكالي إلى وحدات مقاومة شنكال (YBŞ) أثناء صدور الأمر بالدفاع عن الأرض، وبعد تحرير شنكال توجه أبني إلى جبال كردستان لتحقيق أحلامه، واستشهد في عام 2019 نتيجة هجوم الاحتلال التركي في مناطق الدفاع المشروع".

وأوضحت أنه "التقينا بمقاتلي حركة التحرر الكردستانية في عام ٢٠١٤ كانت هناك قوات عديدة هنا باسم القوات العسكرية، تقول إننا سندعمكم ونحميكم، في ذلك الوقت لم تكن حمايتنا من القوات الإيزيدية، حتى الإيزيديين الذين كانوا هناك كانوا تحت قيادة الدولة يفعلون ما يحلو لهم، وفي العاشر من حزيران من نفس العام فتحت القوات الحكومية العراقية جميع الحدود واحتلت داعش معظم العراق، وبحلول الثالث من آب، حاصروا سنجار بأكملها، لم يكونوا قد دخلوا سنجار حتى، بل كانوا يستعدون ويتمركزون ويدربون مؤيديهم من المنطقة المحيطة لمهاجمة سنجار".

 

"لم يطلقوا رصاصة واحدة"

وأشارت نعام بدل إلى أن القوات التي كان من المفترض أن تكون موجودة في المنطقة للحماية قبل صدور المرسوم قد فرت "عندما هاجمت مرتزقة داعش الإرهابية شنكال في الثالث من آب 2014، كان 12 ألف من البيشمركة هنا، هربوا جميعاً لم يفعلوا شيء في شنكال ولم يطلقوا حتى رصاصة واحدة، سلموا شنكال لداعش، كان ذلك اليوم علامة فارقة ولحظة إدراك حين برزت حركة التحرر الكردستانية وسط الفوضى وتقدم في أكثر الأوقات ظلمة، وفي أيام الإبادة الجماعية حين لم يبقَ أمام الإيزيديين إلا المجهول، ولم يكن أمامهم سوى الموت، كانت خطة العدو واضحة ألا يبقى أحد ممن يُدعون الإيزيديين على قيد الحياة، أن تُمحى هويتهم من شنكال، لكن القدر لم يكن في صفهم فقد فشلت خطتهم حين جاءت قوى المقاومة، ومقاتلو الحرية، ليكسروا قيود الإبادة، وليحولوا مسار التاريخ نحو نجاة غير متوقعة".

 

"تم بناء شنكال بنضال حركة التحرر الكردستانية"

ولفتت أنه في خضم هذه المقاومة، يبقى اسم عكيد جفيان، دلشير هركول، وميديا عكيد محفوراً في ذاكرة المجتمع الإيزيدي، كنماذج للتضحية والدفاع "هؤلاء الشهداء كانوا أول من وقف في وجه الإبادة الجماعية حيث لم يكتفوا بالقتال، بل سعوا إلى بناء قوة جديدة عبر تدريب الشباب والشابات الإيزيديين، وزرعوا فيهم روح المقاومة، قائلين لهم "قاتلوا من أجل أنفسكم، نحن هنا لدعمكم".

وأكدت أنه منذ ذلك اليوم يواصل الشباب والشابات الإيزيديات القتال وإحباط أي هجوم وخطط ضد شنكال، بفضل الأفكار التي أعطاها لهم هؤلاء الأبطال "نحن مدينون لهم حتى النهاية نتذكرهم كل يوم وننحني رؤوسنا لذكراهم، لقد تحدى المقاتلون الذين قدموا من الجبال إلى شنكال الأمر، وحرروا شنكال وأعادوا بنائها لقد تم بناء هذه المؤسسات في شنكال بفضل عملهم وجهدهم العظيم".

 

"شنكال اليوم قادرة على إدارة شؤونها بنفسها"

قالت نعام بدل "لقد استلهموا هذه الفكرة من القيادة، ونحن بدورنا استلهمناها منهم، فبفضل جهودهم وتضحياتهم، أصبحت شنكال اليوم قادرة على إدارة شؤونها بنفسها، متجاوزةً المحن التي عصفت بها، لذلك يجب على الجميع أن يتأملوا هذا الواقع ويتساءلوا، من هم الذين واجهوا الصعوبات في شنكال؟ كانوا مقاتلين رجالاً ونساءً حملوا السلاح دفاعاً عن أرضهم"، مبينة أنه "انضم أبناؤنا إلى صفوف وحدات مقاومة شنكال وصعدوا إلى قمة الجبل وقاتلوا في جبال الحرية، عاد بعضهم إلى شنكال وبعضهم الآخر قالوا إنه لا فرق بين أرض شنكال وكردستان وبقي هناك، نقول إن كردستان هي شنكال، وشنكال هي كردستان، هكذا ارتقى أبناؤنا في جبال كردستان واستشهدوا، نحن فخورون باستشهادهم، ونقول إنه لا ينبغي لأي أم أن تحزن على استشهادهم، إنهم ليسوا أفضل من اللذين ضحوا بحياتهم".

 

"ناضلوا من أجل جميع الشعوب المضطهدة"

ولفتت نعام بدل الانتباه إلى قرار حركة التحرر الكردستانية بحل هيكله التنظيمي وإيقاف الكفاح المسلح "لا بد من تسوية ووحدة وتحالف وبهذا التحالف سينال الشعب حريته، فعلى مدى خمسين عاماً ناضلت الحركة، في كل مكان، ليس فقط في كردستان، ومن أجل حقوق الشعب المضطهد نريد أن ينال الجميع حقوقهم بدعوة القائد عبد الله أوجلان ومؤتمر حركة التحرر الكردستانية، وأن لا يذهب نضال المقاتلين والشهداء سدىً"، لافتة إلى أنه على الرغم من نداء القائد أوجلان وقرار حركة التحرر الكردستانية، نرى أن الدولة التركية لم تتخذ أي خطوات من أجل السلام، لم تفعل ما تريده الحركة والشعب، إذا فعلت تركيا ما يلزم فلن تكون هناك حاجة للسلاح، كل مجتمع سيدافع عن نفسه بيديه لا يوجد مجتمع بدون حماية".

 

"لن ننسى ما قدموه من تضحيات من أجلنا"

وأكدت أن المجتمع الإيزيدي واجه ممارسات الإبادة المتكررة على مدار سنوات لكنه قاوم بشجاعة، واليوم يؤكد أنه أصبح قادراً على حماية نفسه "كشعب إيزيدي، تعلمنا درساً من تلك المحنة، خاصة مع وصول مقاتلي حركة التحرر الكردستانية وقوات الدفاع الشعبي، ووحدات المرأة الحرة، تعلّم أبنائنا ونظموا أنفسهم، الآن لدينا قوات وحدات مقاومة شنكال (YBŞ)، وحدات نساء شنكال (YJŞ) جميع قواتنا مكونة من أبنائنا، لا نريد أي قوة تحمينا سواهم لأنه كانت هناك قوة يُفترض أنها تحمينا سابقاً"، مشيرةً إلى أنه يوم مواجهة شنكال الإبادة الجماعية "تُركنا في أيدي داعش لا تزال المقابر الجماعية ظاهرة، ولا يزال آلاف الفتيات والأطفال في قبضة داعش ومصيرهم مجهول، أخذت داعش النساء والأطفال الإيزيديين معها وانتشرت في جميع أنحاء العالم لماذا؟ القوى التي من المفترض حماية شنكال لم يهتمون بالنساء والأطفال الإيزيديين؟ باستثناء حركة التحرر الكردستانية الذي قامت بتحرير مئات الأطفال والنساء الإيزيديين وتسليمهم إلى عائلاتهم، لذلك لن ننسى هذه الأشياء أبداً".

 

مام زكي ونضاله من أجل الوحدة الأيزيدية

أشارت نعام بدل إلى الأوامر التي فُرضت على المجتمع الإيزيدي، واستذكرت محاولة مام زكي إنشاء تحالف إيزيدي "لم نعد الإيزيديين الذين كانوا قبل عشر سنوات، الآن نستطيع مقاومة أي هجوم ضدنا، بفضل فكر وفلسفة القائد أوجلان، وتدريب مقاتلي حركة التحرر الكردستانية، لأبنائنا والوحدة الذي أنشأه مام زكي في شنكال بين الشعب، وذلك في سبيل الدفاع معاً ضد كافة الهجمات التي تهدف وجودنا وهويتنا".

وأكدت نعام بدل في ختام حديثها أن مام زكي كان ركيزة الإيزيديين خاصة في شنكال، تقدّم من الجبال الحرة عام 2014، وعلّم المجتمع فكرياً قاد الطريق في بناء مؤسساتنا ومنظماتنا والإدارة الذاتية بفضل أفكار القائد أوجلان، وشهداء حركة التحرر الكردستانية، وجميع الشهداء وبفضل جهود مام زكي لا يزال شعب شنكال يدير نفسه بإرادته الذاتية".