بمشاركة نسائية واسعة... انطلاق الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان
تأمل المرشحات المشاركات في الانتخابات البلدية والاختيارية التي انطلقت أمس في مدينة جبل لبنان بأحداث خرق وتغيير في المجالس البلدية والاختيارية، والوصول إلى مواقع صنع القرار على المستوى المحلي.

سوزان أبو سعيد
بيروت ـ شاركت النساء في الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان بنسبة أكبر من السابق، إلا أن التحديات العائلية والدينية والحزبية قد تحول دون وصول الكثير منهن إلى مواقع صنع القرار على المستوى المحلي.
انطلقت الانتخابات البلدية والاختيارية في يومها الأول أمس الأحد الرابع من أيار/مايو، في مدينة جبل لبنان وسط أجواء حماسية وديمقراطية، ومع إقفال باب الترشّح للانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان وصل عدد المرشحين إلى 7.252مرشح ومرشحة في 333 مجلساً بلدياً، مقابل 6.767مرشحاً ومرشحة في انتخابات عام 2016 مع ارتفاع في نسبة النساء إلى 783 امرأة أي 10.8 بالمئة مقابل نسبة 7.8 بالمئة من 528 مرشحة في عام 2016، حيث تأمل المرشحات في إحداث خرق وتغيير في المجالس البلدية والاختيارية، والوصول إلى مواقع صنع القرار على المستوى المحلي.
هذا ويبلغ عدد البلدات في جبل لبنان 479 بلدة وتوجد بلديات في 333 منها، والعدد الأكبر هو بلديات صغيرة من 9 و12 عضواً ويصل عددها الى 253 بلدية أي نسبة 76 بالمئة من البلديات، حيث توزع المرشحون على 325 مجلساً بلدياً بزيادة مقدارها 455 مرشحاً ومرشحة ونسبتها 4.6 بالمئة، وتُجرى فيها الانتخابات على أساس النظام الأكثري، بخلاف الانتخابات النيابية التي تعتمد النظام النسبي.
ووفقاً لإحصاءات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يضم لبنان 1059 بلدية (ارتفعت هذا العام إلى 1065 بلدية) تحتوي على 12 ألفاً و741 عضواً، وبعد الانتخابات البلدية الأخيرة في عام 2016 تم حل 108 بلديات بسبب فقدان نصف أعضائها جراء الوفاة أو الاستقالة، إذ تُدار من قبل القائم مقام أو المحافظ، وتمثل هذه البلديات نحو 10 بالمئة من إجمالي البلديات في البلاد.
وفي هذا المجال، من المتوقع أن تستكمل العملية الانتخابية في باقي المحافظات خلال الأسابيع المقبلة، ومع غياب لجنة الإشراف على الانتخابات، تسجل تساؤلات حول الرقابة والشفافية في هذا الاستحقاق. هذا وقد ارتفعت نسبة المشاركة في نهاية اليوم الانتخابي إلى 44.59 بالمئة.
آمال جديدة لتحسين أوضاع القرى في ظل الانتخابات
وفي هذا السياق وخلال جولة في عدد من القرى في محافظة جبل لبنان، قالت فاتن طربيه "جئنا اليوم لننتخب في بلدة القريِّة لأننا ندعم المرشحات لأنهن ستعملن على تحسين أوضاع البلدة من كافة النواحي، ونحن نؤيدهن"، لافتةً إلى أن هناك لائحتان متنافستان.
وأوضحت دعد الزعر وهي مندوبة في قلم قرية بلدة القرية أن "الانتخابات حق للمرأة والرجل، وهدفنا هذه العام توعية النساء على حقهن في الانتخابات وإبراز كفاءاتهن وقدراتهن في مجال الإنماء الاجتماعي لذلك سندعم النساء ونتمنى أن تكون هناك بداية تغيير على مستوى المجتمع لإظهار قدرات المرأة في العمل الاجتماعي والإنمائي".
العسي لإشراك المرأة في الأعمال العامة
وبدورها أشارت غنوة أبو الحسن إلى أنها مرشحة لعضوية مجلس بلدية القريِّة ضمن إحدى اللائحتين "هدفنا منذ البداية العمل من أجل إشراك المرأة في العمل العام كي تخوض هذه التجربة، ما دفعني إلى الترشح هو أن ثمة ثقة في مجال خبرتي كمربية منذ سنوات، فضلاً عن أن هناك ثقة على مستوى البلدة بأن المرأة ستحدث فرقاً على المستوى التنموي العام، ومن هذا المنطلق تشجعت لخوض هذه التجربة، وهناك مسألة أيضاً، لجهة أن هناك انتقادات لجهة عدم العمل، لذلك قررنا أن نكون حاضرين في المجلس البلدي وفي المجال العام بدلاً من الانتقاد، ومن هناك كان هدفنا خوض هذه التجربة، سنخوض هذه التجربة ونتطلع إلى النجاح في تحسين وتطوير البلدة".
إقبال نسائي كبير تشهده انتخابات البلديات
وفي مدينة عاليه، والتي تعتبر عاصمة قضاء عاليه، قالت المرشحة لمجلس بلدية القرية ماريا أبو رافع "نحن متواجدون هنا منذ الصباح الباكر والإقبال على مراكز الاقتراع كبير، والعملية الانتخابية تتم في أجواء ديمقراطية هناك إقبال نسائي كبير، نتمنى أن يكون الاقتراع لصالح من هو أجدر ومن هو قادر على تحقيق التنمية والازدهار".
أما المقترعة رولا أبو مجاهد فقالت "هذه المرة الأولى التي أقترع فيها في لبنان وفي مدينتي عاليه وقد جئت من كندا لأمارس حقي للمشاركة في هذا الاستحقاق، ولا سيما لدعم المرأة وتشجيعها على الدخول إلى ميدان العمل العام في لبنان، سنعمل على دعم المرأة ليكون دورها فعالاً في المجتمع، ولتتمكن من تحقيق التغيير بدءاً من الآن، وهذا ما نتمناه وما نعمل لأجله".
أهمية وجود النساء في أماكن صنع القرار
وقالت العضوة السابقة في المجلس البلدي لمدينة عاليه والمرشحة الحالية منى عقل "نحن في مدينة عاليه نحترم العملية الديمقراطية، وأنا مرشحة مستقلة عن المقعد البلدي أي كعضو مجلس بلدي، سبق وكنت في المجلس البلدي لمدة تسعة سنوات، وعملي هو ما دفعني للترشح وبكل ثقة كامرأة منفردة، وهذا ما يمكن أن تتلمسوه من خلال ردة فعل الأهالي، واليوم لدي مندوبات متطوعات غالبيتهن نساء، لذلك على كل امرأة أن تقرر ماذا تريد وأن تشارك في صنع القرار، وبغض النظر عن النتائج سواءً ربحت أم لا، نؤكد أننا كنساء في مقدورنا إحداث الفرق وهذا ما يتأكد من خلال عملنا على الأرض".
وقالت مهندسة الديكور نجوى بو حبيب غرزوزي وهي ضمن لائحة فازت بالتزكية في بلدية عاريا إن العنصر النسائي في هذه العام غالب مع وصول ثلاث مرشحات بدلاً من واحدة "سأحاول خدمة قريتي عنوان حملتنا هذه العام هو "مكملين لتبقى عارياً أحلى وأحلى" وباختصاصي في مجال هندسة الديكور لدي أفكار كثيرة، وبالتعاون مع الرئيس وبقية الأعضاء ستكون قريتنا بالفعل أحلى، وكون النساء نصف المجتمع وبوجودنا في المجلس خلال السنوات الست التالية سنحاول أن نلبي ثقة الناس فينا، وأن نعمل على تحسين المناظر الطبيعية والبيئية، وأن نجعل قريتنا خضراء ونجملها أكثر".
مشاريع تهدف إلى تلبية متطلبات الشعب
بعد وصول أخبار بترك لائحة مستقبل العبادية مقعدين للنساء ضمن اللائحة، قالت مصممة الأزياء والمرشحة عن لائحة العبادية للكل وفاء جهاد السلطان "نحن مع المشاركة، ولسنا ضد أي أحد يهمنا خدمة القرية والمجتمع، وأن نظهر للأهالي الذين أعطونا أصواتهم أننا على قدر المسؤولية، فالبلدية تستحق أن نقوم بخدمتها".
وعن مشروعها للمجلس البلدي القادم أوضحت أنه "من خلال مهنتي في مجال تصميم الأزياء والمنظور الفني، لدي اهتمام بجمال وبنظافة وبيئة هذه القرية، وبمداخل مرتبة وألوان من النباتات والأزهار، وبسوق غير مكتظ كما هو الآن مع مواقف للسيارات، وبواجهات مرتبة لمحلات القرية، وهو ما نتمنى ونأمل أن نتمكن من تحقيقه".
"الإصرار في النجاح هو هدفنا الوحيد"
من جهتها، قالت المرشحة في لائحة العبادية للكل عن عضوية المجلس البلدي في بلدة العبادية المؤلف من 15 عضوا أليس رشدان "كنساء حتى أن لم نتمكن من الفوز بهذه الانتخابات لن نتوقف عن دورنا هنا، لأننا أبناء هذه القرية وسنعمل لأجلها أينما كنا، وبأي قدرات تتأمن لنا وبأي مجالات نستطيع فيها المساعدة، ونحن من الأساس نعمل لهذه القرية، ومهما عملنا فلن نوفيهم حقهم، وحق قريتنا الجميلة، وإن وصلنا فسنضاعف جهودنا، وإن لم نصل فلن يتوقف عملنا".
وعن العمل مع اللائحة الأخرى التي تنافس هذه اللائحة وهي مستقبل العبادية قالت "لا مانع من العمل معهم، فالأهم هو مصلحة وإنماء القرية وكل ما هو إيجابي فنحن أمام الجميع".
"وجود المرأة في البلديات رادع للكثير من السلبيات"
وقالت صباح السلطان، وهي إحدى سكان القرية "كمقترعة أشجع العنصر النسائي للمشاركة في كافة المجالات، الحياتية والاجتماعية والتربوية وفي المجال العملي وغيرها، لأنها تملك القدرة على العطاء في هذه المجالات كلها، لذلك ما هو المانع من وصولها للمجلس البلدي؟".
وأضافت أن دور المرأة في المجلس البلدي مهم جداً لأن العنصر المختلط ضمن المجلس يفرض مستوى من التعاطي والحوار والهدوء، فوجودها رادع للكثير من الأمور السلبية، فضلاً عن انعكاس عملها على المجتمع الذي لا يقل أهمية، فالمرأة بطبيعتها تنتبه لتفاصيل وأمور لا يلتفت إليها الرجل، وهي طبيعة الحياة وسيكولوجيا، وتدفع المجتمع للتقدم إلى الأمام أكثر وأكثر خصوصاً في تقديم خدمات قد لا تسترعي انتباهنا".